دخل اقتراح المبعوث الأممي العربي إلى سوريا كوفي انان بتشكيل حكومة انتقالية إلى «غرفة الانعاش» عشية انعقاد مؤتمر جنيف بعد تقارير عن تحفظات روسية وتهديد وزراء خارجية دول غربية بعدم المشاركة في الاجتماع في حال لم تشارك موسكو التي عبرت عن أسفها لعدم توجيه الدعوة لدول إقليمية مثل إيران والسعودية.

وعّبر المبعوث الأممي العربي كوفي أنان عن تفاؤله بأن تثمر المحادثات الوزارية المقرر إجراؤها اليوم حول الأزمة السورية عن نتيجة مقبولة. وقال أنان لتلفزيون «رويترز» في جنيف لدى وصوله للاشتراك في مناقشات تحضيرية: «أعتقد أننا سنعقد اجتماعا جيدا (اليوم). أنا متفائل». وصرح بأن المحادثات التي يجريها وزراء خارجية قوى عالمية وإقليمية في مدينة جنيف السويسرية ستنتهي الى «نتيجة مقبولة» من دون ان يقدم اي تفاصيل. وقال أحمد فوزي المتحدث باسم أنان: «المحادثات في مسارها».

تعديلات روسية

وقال دبلوماسيون غربيون ان روسيا اقترحـت تعـديلات علـى خطة انان لتشكيل حكومة وحدة وطنية في سوريا بعد ان أيدتها في البداية لكن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا رفضت التعديلات. وقال دبلوماسيون في نيويورك طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم ان التعديلات المقترحة تنبع من رفض موسكو الموافقة على تنحية الرئيس بشار الاسد.

وفي السياق، افاد دبلوماسيون في الامم المتحدة ان انان يخوض معركة دبلوماسية لضمان عقد الاجتماع الذي يواجه تحفظات روسية تتناول خطة الانتقال السياسي في البلاد.

وهدد عدد من وزراء الخارجية، بينهم وزراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بعدم المشاركة في اجتماع جنيف في حال امكان عدم نجاحه بإقرار هذه الخطة. وقال دبلوماسي طلب عدم كشف اسمه: «ثمة تهديدات جدية في وجه (عقد) اجتماع جنيف». واضاف الدبلوماسي: «من المهم جدا ان يتوصل اجتماع جنيف الى نتيجة. كنا نعتقد (...) ان الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن اتفقوا مبدئيا على الخطة (الانتقالية) الا ان تصريحات الروس منذ 24 ساعة يبدو انها اثارت شكوكا حيال ذلك». واعلنت روسيا، حليفة دمشق، تحفظها على خطة العملية الانتقالية السياسية التي اقترحها انان. وتنص الخطة على تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية قد يستبعد منها بعض المسؤولين في الحكومة السورية الحالية.

اجتماع تحضيري

وفي محاولة لانقاذ اجتماع اليوم ، دعا كوفي انان الى اجتماع تحضيري أمس لموظفين كبار من القوى الكبرى (روسيا، الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا والصين)، كما التقى وزراء خارجية هذه البلدان الخمسة. واضاف الدبلوماسي نفسه ان انان «يبذل ما في وسعه لايجاد حل». واوضح ان «روسيا اعطت موافقتها في بادئ الامر». الا انه ومنذ الدعوة الى الاجتماع «لدينا الانطباع بانهم يتراجعون عن موقفهم، وهو امر مؤسف للغاية وقد يهدد المؤتمر».

ويقول دبلوماسيون غربيون وعرب ان الاجتماع التحضيري الذي شارك فيه مسؤولون كبار كان مهما لتمهيد الطريق امام تحقيق توافق بشأن مسألة الانتقال السياسي الشائكة في سوريا. وقال دبلوماسي غربي لـ«رويترز»: «ليس هناك قدر كبير من الاتفاق. يبدو الامر كالذي يبدأ من الصفر». وقال دبلوماسي غربي آخر إنه على الرغم من ان معظم المشاركين يركزون على مسألة الانتقال السياسي فإن روسيا قد تطرح مطالب جديدة او حيلاً لإطالة أمد هيمنة الاسد على السلطة وقد تستغل عدم اشارة خطة أنان الى الرئيس السوري بالاسم.

أسف روسي

في هذه الأجواء، قالت روسيا إنها تأسف لعدم توجيه الدعوة لايران والسعودية والاردن ولبنان لحضور اجتماع جنيف. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: «الاقتراح الروسي بهذا الشأن (حضور دول أخرى) قوبل باعتراضات لم يمكن تخطيها من الجانب الأميركي خاصة بشأن الجزء المتعلق بإيران». ووصف البيان عقد الاجتماع بأنه خطوة إيجابية وعبر عن أمله في الاتفاق على آليات لوقف إطلاق النار وسحب قوات الحكومة والمعارضة من المدن وهو الأمر الذي يمكن أن يخلق «مناخا مواتيا» لانتقال سياسي.

وتنص الوثيقة المقدمة من كوفي انان تمهيدا لاجتماع جنيف على ان الحكومة الانتقالية بإمكانها ان تضم اعضاء في الحكومة الحالية والمعارضة الا انها ستستثني اشخاصا سيلحق وجودهم «ضررا بمصداقية العملية الانتقالية ويهدد الاستقرار والمصالحة». وكان دبلوماسيون أشاروا في بادئ الامر الى ان هذا البند قد ينتج عنه تنحي الرئيس بشار الاسد عن السلطة وان روسيا لن تعارضه. الا ان سيرغي لافروف اكد أول أمس ان روسيا لن تقبل اي «وصفة مفروضة من الخارج» وان «ما من مشروع موافق عليه» بشأن اجتماع جنيف.

نقطة الوصول

وقال دبلوماسي غربي انه «بالنسبة الينا يجب ان تشكل وثيقة انان نقطة الوصول للمحادثات في جنيف ويجب الا تخضع لاي تعديل كبير في وقت يعتبرها الروس نقطة انطلاق». واضاف: «الروس يقومون بالمزيد من الخطوات الى الوراء». وقال دبلوماسيون في الامم المتحدة ان كلا من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيريها البريطاني ديفيد كاميرون والفرنسي لوران فابيوس قالوا لانان ان لا جدوى من عقد الاجتماع في جنيف بحضور قوى اقليمية ما لم تشارك فيه روسيا. وكانت كلينتون صرحت انه «واضح من الدعوات التي قدمها انان ان المشاركين يحضرون على اساس اقتراح المرحلة الانتقالية الذي قدمه».

 

مود يغادر

غادر رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود دمشق أمس، متوجها الى جنيف للمشاركة في اجتماع «مجموعة العمل حول سوريا» المقرر عقده اليوم. وقال مود في تصريح للصحافيين: «أنا ذاهب إلى جنيف للمشاركة مع اللاعبين الفاعلين المجتمعين هناك والذين سيبذلون ما بوسعهم من أجل إيجاد طريق سلمي للخروج من الأزمة في سوريا». وأضاف: «أحمل معي الصوت من دمشق الصوت من الأرض ووجهة نظر بعثتي، للمشاركة في إيجاد حل وللتحرك نحو الأمام في ما يخدم تطلعات ومصالح الشعب السوري».

 وكان المبعوث المشترك العربي والدولي كوفي أنان دعا إلى عقد الاجتماع كوسيلة لجميع الأعضاء الخمسة الدائمين لمجلس الأمن ومنهم روسيا والصين مع دول الجوار البارزة مثل تركيا لمناقشة إيجاد طريق إلى تسوية الأزمة في سوريا.