لم تكد أزمة نتائج الانتخابات الرئاسية في مصر ترفع راية الاستسلام، بإعلان فوز محمد مرسي رئيساً منتخباً لمصر، حتى أعلنت أزمة أخرى عن نفسها، تتمثل في الجهة التي يؤدى أمامها الرئيس الجديد محمد مرسي اليمين الدستورية، إذ يرفض قطاع من الشارع المصري أداء اليمين أمام المحكمة الدستورية، باعتبار أن ذلك يعد اعترافاً بالإعلان الدستوري المُكمّل، في وقت طالب «اتحاد شباب الثورة» الرئيس مرسي عدم الانصياع لمطالب المجلس العسكري، وأداء اليمين الدستورية أمام الشعب، بالتزامن أعلن مصدر مسؤول، رفض الكشف عن هويته، أن «العسكري» يملك حق إعلان فراغ منصب الرئيس حال تخلف مرسي عن أداء اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، فيما كشف المجلس العسكري أن رئيسه المشير طنطاوي سيتولى حقيبة الدفاع في الحكومة القادمة.
مؤكداً أنه «لا تراجع عن الإعلان الدستوري المُكمّل»، فيما أعلن الرئيس المصري الجديد محمد مرسي الأمة هي مصدر السلطات، وأن تداول السلطة أساس الحكم، مطالباً في الوقت ذاته بحذف مصطلحي «التصادم» و«التخوين» من القاموس السياسي. وأكد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي أمس، أن «الأمة هي مصدر السلطات، وأن تداول السلطة أساس الحكم».
وطالب خلال لقائه رؤساء الأحزاب وعدد من الشخصيات السياسية والمفكرين، بضرورة حذف مصطلحي «التصادم» و«التخوين» من القاموس السياسي، مؤكداً أنه لم يعد هناك مكان للتخوين «فالكل يعمل من أجل مصلحة مصر مهما اختلفت الرؤى والاجتهادات». ونقل القائم بأعمال الناطق باسم الرئاسة المصرية ياسر علي، في تصريحات للصحافيين، عن مرسي قوله، إن «مؤسسة الرئاسة مستعدة لمزيد من اللقاءات والحوارات مع كل أطياف المجتمع والأحزاب في إطار وثيقة الأزهر الشريف»، مضيفاً أن «الرئيس أكد لرؤساء الأحزاب أنها ستضم كل أطياف المجتمع المصري، ولا توجد نسب معينة، وما تم الإعلان عنه في وسائل الإعلام هو مجرد تخمينات».
تولي وزارة
وفي تطوّر لافت، كشف المجلس العسكري أن رئيسه المشير طنطاوي سيتولى حقيبة الدفاع في الحكومة المقبلة، مؤكداً أنه «لا تراجع عن الإعلان الدستوري المُكمّل». وأعلن اللواء محمد العصار عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن رئيس المجلس المشير محمد حسين طنطاوي سيتولى حقيبة الدفاع في الحكومة المقبلة، مؤكداً أن «المجلس سيسلم السلطة بالكامل للرئيس محمد مرسي في الثلاثين من يونيو»، لافتاً إلى أن «المجلس سينقل السلطة التشريعية إلى مجلس الشعب بمجرد انتخاب هذا المجلس، في إشارة إلى التمسك بما ورد في الإعلان الدستوري المكمل». وأضاف العصار أن من حق الرئيس مرسي تحديد شكل وطريقة أداء اليمين الدستورية لتولي مهام منصبه الجديد في رئاسة الجمهورية.
من جهته قال عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة اللواء محمود حجازي، إن «الحديث عن سحب الإعلان الدستوري المُكمّل أو التراجع عنه أمر غير وارد»، مؤكداً أن «الإعلان سيبقى إلى حين صياغة دستور جديد».
فراغ منصب
على الصعيد ذاته، أكّد مصدر مسؤول، رفض الكشف عن هويته، أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وطبقاً للإعلان الدستوري المكمل، من حقه إعلان فراغ منصب الرئيس بعد غد الأحد، حال تخلف الرئيس محمد مرسي عن أداء اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، ما لم يتم التوافق على صيغة قانونية تنص على غير ذلك، موضحاً أنه «في حال عدم القسم أمام الدستورية، حسبما هو منصوص عليه في الإعلان الدستوري المُكمّل للإعلان الدستوري المستفتى عليه في 19 مارس الماضي، يعتبر ذلك مخالفة لنص دستوري، ويسقط عن الرئيس المنتخب شرعيته الدستورية، وبذلك يصبح المنصب شاغراً، ويحق للمجلس إعلان خلو المنصب».
يمين أمام الشعب
وفي الوقت الذي يحتدم الجدل بشأن أداء اليمين مع الرفض الشعبي القاطع للإعلان الدستوري المُكمّل، دعا نشطاء مصريون يمثلون ثورة 25 يناير، الرئيس المنتخب محمد مرسي، إلى أداء اليمين الدستورية أمام الشعب المصري الذي اختاره رئيساً. وطالب «اتحاد شباب الثورة» في بيان أصدره أمس، الرئيس المنتخب «بعدم الانصياع لمطلب المجلس العسكري بأداء اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية»، مقترحاً أن «يتم أداء اليمين أمام الشعب المصري»، مؤكداً أنه «يقوم بالتنسيق مع باقي القوى الثورية لدعوة الشعب المصري وأعضاء مجلس الشعب إلى النزول والاحتشاد في ميدان التحرير وميادين الثورة في مصر والميادين الأخرى الرئيسة بالمحافظات المختلفة، ووضع شاشات عرض في هذه الميادين تحت عنوان «مليونية العهد»، لكي يحلف الرئيس اليمين الدستورية».
تحذير
وحذّر الاتحاد من أن «أداء مرسي اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية سيكون اعترافاً ضمنياً منه بالإعلان الدستوري المُكمِّل، وبالوصاية التي فرضها المجلس العسكري على صلاحيات الرئيس، وسيكون مخيباً لآمال الثوار، والحنث باليمين الذي أقسمه الدكتور مرسي أمام بعض شباب الثورة».
وطالب الاتحاد أبناء الرئـــيس المنتخب محمد مرسي التنازل عن الجنسية الأميركية التي يحــملونها، وأن يحـــتفظوا «بجنسية مصر العــروبة»، داعين الرئيس كذلك إلى الوفاء بتعهداته التــــي ذكرها في خطابه الأول «باعـــتباره عقداً بينه وبين من انتخبوه».
مطالب إفراج
طالبت قوى سياسية وثورية ومنظمات حقوقية، الرئيس الجديد محمد مرسي، بضرورة الإفراج عن المعتقلين السياسيين بالداخل الخارج، لا سيما المعتقلين المصريين بعدد من الدول العربية، بالتزامن مع طلب مجلس الشورى بصورة رسمية، من خلال لجنة حقوق الإنسان التي شدّدت على أهمية مراجعة سياسة الدولة تجاه المعتقلين بالخارج.
قلق أوروبي
أشادت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بانتخاب أول رئيس مدني في مصر، لكنها أعربت عن هواجسها المتعلقة بـ «العقبات الحقيقية أمام الديمقراطية».
واعتبرت في بيان أن «الرئيس المنتخب حديثاً، المنبثق من صفوف الإخوان المسلمين، يتمتع، على ما يبدو، بالشرعية المطلوبة لمباشرة إصلاحات ضرورية جداً»، معربة عن «قلقها العميق جراء مجموعة من التطورات الأخيرة التي تشكل عقبات حقيقية للديمقراطية التي تبرز ببطء في بلد لا تتوافر لديه عملياً أي تجربة في هذا المجال».
