تفرض مجموعة من السيناريوهات المظلمة نفسها على الساحة السياسية المصرية خلال الفترة الحالية عقب جملة من التطورات التي شهدتها المرحلة الانتقالية منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، وهي الفترة التي كان عنوانها السابق «الغموض» والحالي «الصدام المتوقع»، لاسيما مع الاقتراب من تحديد موعد هوية الرئيس الجديد.

ومع اقتراب الكشف رسمياً عن هوية الرئيس الجديد، يظن المصريون أن آلام المرحلة الانتقالية قد تنتهي ويسدل الستار عن عام ونصف العام من الفوضى الأمنية وعدم الاستقرار السياسي، إلا أن الواقع مغاير تماماً «لأحلام اليقظة» وأمنيات الخلاص من الماضي، خاصة في ظل وجود جملة من السيناريوهات تعزز اندلاع صدام بين القوى وبعضها وبينها وبين المجلس العسكري في ظل وجود عدد من الملفات الشائكة التي تغلف مستقبل الساحة.

وفي حال فوز المرشح أحمد شفيق، وهو المرشح الذي تنظر إليه القوى الثورية أنه محسوب على النظام السابق ويحاول إعادة إفرازه مجدداً ويتبنى نفس استراتيجياته، يعني ذلك «فشل الثورة».

ويتوقع مراقبون أن تتمخض جملة من السيناريوهات المظلمة والمخيفة أبرزها سيناريو الصدام بينه وجماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي بشكل عام، والقوى الثورية وكثير من القوى السياسية في ظل تهديد عدد كبير منهم بالخروج عليه وتنظيم «ثورة جديدة» حال فوزه بمقعد الرئيس.

وكان المرشح المنافس محمد مرسي ألمح في أحد مؤتمراته قبل بدء فترة الصمت الانتخابي بـ«ثورة عارمة» حال فوز منافسه شفيق، مؤكداً أن المصريين فرسان الرهان في الحياة السياسية لأنهم لن يقبلوا بـ«مرشح الفلول»، على حد قوله.

ويرى مراقبون أن فوز شفيق يعزّز السيناريوهات التصادمية والتي قد يلعب المجلس الأعلى للقوات المسلحة دوراً كبيراً في حسمها أو التصدي لها، في الوقت الذي يؤكد فيه شفيق صراحة أنه يرفض أي خروج عليه حال فوزه من خلال انتخابات نزيهة وشفافة وغير مزورة، لأن الخروج عليه وقتها سيكون خروجاً على شرعية الصندوق نفسه، معتبراً أن أحداث العباسية «بروفة» لما سيجري حال الخروج في تظاهرات ضده، وهو التصريح الذي أثار جدلاً واسعاً بشأن إمكانية وقوع أحداث دامية حال نجاح شفيق.

فوز مرسي

وفي المقابل، فإن فوز مرسي وبحسب البعض، يدعم أيضاً سيناريوهات تصادمية بينه والمجلس العسكري لتفرز «مواجهة عنيفة» بين الطرفين، خاصة أن العسكري يبحث عن صلاحياته وعن لعب دور جديد مستقبلاً، فضلاً عن كونه «يرفض رفضاً تاماً أن يحاسب على أي خطأ» خلال المرحلة الانتقالية، في الوقت الذي يؤكد فيه مرسي ضرورة «الخروج العادل للعسكري من السلطة»، وذلك تزامناً مع رفض المجلس العسكري وجود «دولة دينية أو إرهاصاتها».

ووفقاً لهذه الأطروحات يتحدّد موقف المجلس العسكري بين أكثر من سيناريو، فهناك سيناريوهات تتعلق بإمكانية قيامه بما يشبه «الانقلاب العسكري» الذي حدث في الجزائر ورفض الرئيس الجديد، أو أن يدخل في مواجهات قوية مع مرسي وحرب «كسر عظم» قد يدفع الشارع ثمنها غالياً، خاصة أن كليهما يجيد اللعبة السياسية وله من الأدوات التي تمكنه من ذلك الكثير في ظل قدرة الجماعة على الحشد.

من جانبه، يرى الخبير الأمني اللواء فؤاد علام في تصريحات خاصة لـ«البيان»، أن الجيش يتسم بالعقلانية في معالجة الأمور، وأن الجميع يعرف حدود الصراع السياسي والصدام بما لا يضر بمصلحة الوطن أو يدخلها في صراعات دموية، خاصة عقب الثورة الشعبية الهائلة التي أطاحت برأس الدولة. ويشدد علام على أن القوات المسلحة ملتزمة بالقانون، بأنها «لا تسعى للعب أي دور سياسي بشكل أو بآخر خلال الفترة المقبلة»، ولا تطمح في حجز أي صلاحيات أو دور في الدستور الجديد سوى دورها في دستور العام 1971، بما ينفي شبهة أو إمكانية حدوث أي صدام أو صراع بينها وبين الإخوان.