وسط غموض يسيطر على سيناريوهات الأوضاع المقبلة في مصر إثر حكم المحكمة الدستورية العليا الذي فتح الباب أمام مختلف القوى السياسية للحديث عن التوافق في ما بينها مُجدداً، عقب أن تم إقرار حل البرلمان، واستمرار الفريق أحمد شفيق في المنافسة في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، في مواجهة محمد مرسي، مرشح الإخوان المسلمين.. وسط مواقف متباينة وحلول مختلفة لمعالجة الأزمة الحالية، التي أوجدها حكم المحكمة، والذي اعتبره البعض نوعاً من أنواع «الانقلاب الناعم من المجلس العسكري على السلطة»، وهو الانقلاب الذي حذّر منه كثير من المراقبين من قبل.

ولاحت في الأفق سيناريوهات عدة على خلفية أحكام الدستورية العليا، حيث ظهرت دعوات قوية في الشارع المصري من قبل عدد من القوى السياسية لضرورة تنظيم «عصيان مدني» قوي، للتنديد بهذا الوضع الذي تم نعته بـ«الكارثي»، وكانت أبرز تلك القوى «حزب الكرامة»، الذي دعا على لسان رئيسه أمين إسكندر إلى ضرورة تنظيم إضراب شامل وعصيان مدني للضغط على المجلس العسكري، والتصدي لما سماه «محاولات الانقلاب على السلطة، ومحاولات دعم شفيق».

نزول للشارع

يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه حركة شباب 6 إبريل عزمها النزول للشارع في دلالة على رفضها للتطورات الأخيرة، والتي كان أبرزها حكم الدستورية، وقبلها إعطاء حق الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية، بما يعني محاولة القوات المسلحة فرض سيطرتها على زمام الأمور.. ووصفت الحركة الأحكام الصادرة من قبل الدستورية العليا، بأنها أشبه بالانقلاب العسكري الناعم على السلطة.

وقال المنسق العام للحركة أحمد ماهر، إن أحكام المحكمة الدستورية لم تكن محايدة، مشيراً إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية الحالية يدعم الفريق أحمد شفيق، ويؤيد بقاءه في ماراثون الانتخابات الرئاسية، وخاصة أن شفيق هو الوحيد الذي سوف يحافظ على وضع القوات المسلحة كما كان عليه من قبل في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، حسب زعمه.

اجتماع منتظر

من جانبه، ينتظر حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، صاحب أكبر نسبة حضور أسفل قبة البرلمان مناقشة الأحكام الأخيرة داخل اللجنة التشريعية بالبرلمان، بعد أن تصله مصوغات الحكم، ليتخذ القرار المناسب.

في الوقت الذي أعلن عدد من نوابه، وعلى رأسهم النائب حسن البرنس، عن أن الإخوان المسلمين سوف يشاركون الشباب تظاهراتهم في حال النزوح لميدان التحرير للتظاهر، إيماناً منهم بالمشاركة مع الشارع، واصفاً الحكم بأنه «سياسي في المقام الأول».. فيما دعت الجماعة على لسان رئيس اللجنة التشريعية بحزب الحرية والعدالة، مختار العشري، جموع الشارع المصري لعزل الفريق أحمد شفيق، شعبياً خلال الانتخابات الرئاسية.

يأتي ذلك في الوقت الذي أثيرت فيه مطالب للإخوان المسلمين بضرورة سحب مرشحها للرئاسة د. محمد مرسي، والمطالبة بتشكيل مجلس رئاسي مدني، يدير مصر خلال مرحلة انتقالية؛ كي يتم تفويت الفرصة على الفريق أحمد شفيق في الوصول إلى كرسي الرئاسة.. وهو الطرح الذي أيّده د. محمد البرادعي، وكيل مؤسسي حزب الدستور، قائلاً «انتخاب رئيس للجمهورية في ظل عدم وجود برلمان منتخب أو دستور يحدد صلاحياته أمر مرفوض تماماً».

كما طرح عبر صفحته على «تويتر»، حلين، الأول هو التوافق على مجلس رئاسي يشكل لجنة تأسيسية وحكومة إنقاذ وطني ويشرف على انتخابات برلمانية ورئاسية بعد إقرار الدستور.. أما الحل الثاني فهو اختيار رئيس مؤقت مع حكومة إنقاذ وطني يشكل لجنة توافقية لوضع الدستور ثم انتخابات برلمانية ورئاسية بعد إقرار الدستور.

بدوره لخص القيادي الإخواني عصام العريان، مستقبل مصر في حال حل البرلمان وخوض شفيق جولة الإعادة تطبيقاً لحكم المحكمة الدستوري قائلاً «مصر ستواجه مستقبلاً مظلماً»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الرئيس الجديد لن يجد أمامه دستوراً ولا برلماناً، بما يعني أن هناك حالة ارتباك قوية، من شأنها أن تؤثر سلباً في مصير الساحة خلال المرحلة المقبلة.

ووسط هذه السيناريوهات والاقتراحات، يؤثر حزب النور السلفي الصمت حتى الآن، مؤكداً عدم اعتراض الحزب على أحكام القضاء أو التعليق عليها، إلا أنه اعتبر الحكم بمثابة عودة بالساحة السياسية المصرية إلى نقطة الصفر، وقال الحزب على لسان الناطق الإعلامي له نادر بكار، إن الحزب سوف يجتمع لبحث مستقبليات الأوضاع خلال المرحلة المقبلة، وإيضاح رد فعله على تلك الأحكام.

دعوة للتكاتف

بدورها دعت الجبهة الحرة للتغيير السلمي كافة القوى الوطنية للتكاتف مجدداً في بيان لها، جماعة الإخوان المسلمين سحب مرشحهم الرئاسي محمد مرسي؛ لأن الانتخابات جميعها أصبح يشوبها بطلان الشرعية، على حد تعبير الجبهة التي أكدت في الوقت ذاته أن هذه هي الفرصة الوحيدة أمام الثورة لاستعادة آخر ورقة لإنقاذها، وهي عدم المشاركة في مسرحية الانتخابات الرئاسية.

وأشارت الجبهة إلى أنه لما كان الأمر متعلقاً في المقام الأول بجماعة الإخوان المسلمين من خلال مرشحهم محمد مرسي، فهذا يعني أن عليهم مسؤولية تاريخية لن ينساها أحد إذا ما واصلوا هذه المسرحية العبثية، وأضفوا الشرعية على هذه الانتخابات المعلومة نتائجها سلفاً، على حد البيان. ترحيب

رحّب عضو مجلس الشعب محمد أبوحامد، بقرار المحكمة، مؤكداً أنه لا يعترض على ذلك القرار، الذي يصب في الأخير في صالح الساحة السياسية المصرية، قائلاً «أتمنى أن يعي الشعب المصري الدرس جيداً»، في إشارة منه لاختيار الشارع المصري للإسلاميين في الانتخابات التشريعية، التي أفرزت البرلمان الأخير الذي تم إقرار حله.