وصف خبراء ومحللون سياسيون سعوديون الأزمة السورية بأنها أصبحت نقطة تقاطع ومواجهة إقليمية ودولية، مؤكدين أن استمرار العنف ورغبة كل طرف في أن يكسر الآخر دون جدوى حتى الآن، سيكون مبعث أخطار كبيرة على الاستقرار الإقليمي والصراعات بين القوى الكبرى.
وأضاف هؤلاء الخبراء المتابعون لتطورات هذا الملف الساخن في تصريحات لـ «البيان» إن الأزمة السورية أصبحت في أحد جوانبها معركة كسر عظم بين ايران من جهة ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى، وأن دول التعاون ستخوض المعركة مع النظام السوري حتى النهاية نصرة للشعب السوري المقهور.
وأوضحوا أن التوازنات الدولية هي التي حالت حتى الآن دون سقوط النظام السوري رغم مرور أكثر من عام على اندلاع الثورة السورية، مؤكدين خشية روسيا من امتداد النفوذ الإسلامي والأصولي في حال سقط النظام في سوريا وحل محله نظام إسلامي، إخواني تحديداً، وأن ذلك وهو ما تخشاه الصين أيضا.
وحذر أستاذ العلاقات الدولية د. أسامة مطرفي من خطورة أن تتصاعد الأزمة السورية لتتحول الى فوضى، ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها السعودية وشقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، مؤكداً أن النظام السوري بدأ في تصدير أزمته للخارج فأجج الفتنة في طرابلس اللبنانية لأنه يعلم بأن الطائفية هي بمثابة الوقود الذي يشعل النار ولأن النظام السوري يعلم الكثير عن لبنان.
وأضاف مطرفي قائلاً إن الموقف الخليجي يرى أن انهيار النظام السوري سيفتح الباب أمام بروز سد عربي قادر على مواجهة التمدد الإيراني بأبعاده السياسية والدينية، بينما يرى الموقف الغربي أن دفع دول إقليمية باتجاه إسقاط النظام، وأخرى باتجاه حمايته سيؤدي حتماً إلى وقوع سورية في فخ الحرب الباردة، وتحول أرضها إلى حرب شرسة لا تخدم المصالح الغربية، ولا الروسية أو الصينية وأن ذلك التناقض هو أحد أهم أسباب تأخر سقوط النظام.
تداعيات سلبية
من جهته، أكد المحلل السياسي كمال الشمري أن المواجهة الإقليمية والدولية حول الملف السوري بدأت تداعياتها تنعكس سلباً على أمن واستقرار دول الجوار، مشيراً في هذا الصدد الى أن إيران الحليف الأكبر للنظام السوري بدأ في صناعة أزمة جديدة في المنطقة من خلال استفزاز دولة الإمارات العربية المتحدة في جزرها الثلاث المحتلة ومن خلال اتهام كل من السعودية والكويت بخفض أسعار النفط والإضرار بالاقتصاد الإيراني وأن ذلك يذكّر الجميع بتهديدات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قبيل اجتياح قواته لدولة الكويت.
الأكثر تعقيداً
أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السعودية د. عبدالله بن حمد الطريقي، فوصف الأزمة السورية بأنها من أكثر أزمات الثورات العربية تعقيدا لكونها نقطة تجاذب ثلاث محاور: محور غربي تمثله الولايات المتحدة وأوروبا ومحور شرقي تمثله روسيا والصين وايران ومحور عربي خليجي فضلاً عن موقف تركي محكوم ومقيد بمواقف الأطراف الثلاثة دون أن يكون جزءاً منها.
انقسام عربي
وأشار أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة الملك سعود د. نايف السبيعي الى أن العرب منقسمون في ما يتعلق بالقضية السورية تحديدا، مشيرا الى أن هناك بعض العرب ممن يؤيدون النظام السوري، سواء كان هذا التأييد ناجم عن مصالح مذهبية، أو مصالح طائفية، أو لوجود مصالح ما.
وأضاف السبيعي قائلاً إن «هذه التناقضات في المصالح العربية العربية جعلت من الدول العربية بالفعل ليس لديها كلمة واحدة ولا موقفاً واحداً وبالتالي لا يوجد قرار واحد» تجاه سوريا.


