أطلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تحذيراً قوياً أمس حول سوريا وعبر عن مخاوفه من أن تؤدي مجزرة أخرى على غرار مذبحة الحولة إلى «حرب أهلية كارثية»، في وقت حمّلت الولايات المتحدة السياسة الروسية الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد مسؤولية اندلاع أي حرب أهلية تأخذ شكل «حرب بالوكالة» ولوّحت بتحرك «خارج الأمم المتحدة» في موقف هو الأول من نوعه لكنه لم يحظ بتأييد صريح من فرنسا التي اشترطت ان يأتي أي تحرك في إطار المجلس.

 ورغم التصلب الروسي، إلا انها طالبت بأن يتحلى الزعماء الأوروبيون «بالصبر» لتفادي الخيار العسكري، فيما اعتبرت ألمانيا أن موسكو تعاونت بطريقة بنّاءة حول سوريا، في مؤشر جديد على تمايز موقف برلين عن باريس تجاه سوريا منذ فوز فرانسوا هولاند بالرئاسة في فرنسا.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من «حرب أهلية كارثية» في سوريا بعد مجزرة الحولة التي قتل فيها أكثر من 100 مدني وأثارت موجة استنكار دولي. وقال كي مون في اسطنبول امام منتدى شركاء تحالف الحضارات المنعقد برعاية الأمم المتحدة ان «المجازر كتلك التي وقعت في نهاية الاسبوع الماضي يمكن ان تغرق سوريا في حرب اهلية كارثية، حرب اهلية لن تتمكن من الخروج منها».

ووصف كي مون المراقبين الدوليين بأنهم «عيوننا وآذان المجتمع الدولي»، موضحاً انهم موجودون «كي تتم محاسبة مرتكبي الجرائم». واضاف: «لسنا هنا للعب دور مراقب متفرج لفظاعات لا توصف». وحضّ بأن سوريا على الوفاء بالتزامها تطبيق خطة الموفد الدولي كوفي انان. وقال: «عبر انان عن مخاوفه في ان نكون ربما وصلنا الى نقطة مفصلية في سوريا».

مسؤولية روسيا

إلى ذلك، انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون معارضة روسيا لتحرك في الأمم المتحدة، محذرة من ان السياسة الروسية يمكن ان تساهم في اندلاع حرب اهلية. وقالت كلينتون امام جمهور غالبيته من الطلاب في كوبنهاغن ان الروس «يقولون لي انهم لا يريدون حرباً اهلية وقلت لهم باستمرار ان سياستهم ستساهم في اندلاع حرب اهلية».

وقالت: «يجب ان نقنع الروس لأن المخاطر التي نواجهها فظيعة». واضافت ان «القتل المستمر للأبرياء من جانب كل من الجيش والميليشيات الموالية للحكومة وبشكل متزايد من قبل المعارضة (...) يمكن ان تتحول الى حرب اهلية تمزقها الانقسامات المذهبية التي قد تأخذ شكل حرب بالوكالة في المنطقة». وقالت: «لنتذكر ان ايران موجودة بعمق في سوريا ــ جيشها يقوم بتدريب الجيش السوري. فيلق القدس الذي هو احد فروع الجيش، يساعدهم في تشكيل هذه الميليشيات المذهبية».

خارج المجلس

وكانت المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس قالت إنه في حال عدم تطبيق الحكومة السورية لخطة أنان وعدم ممارسة مجلس الأمن الضغط الكافي عليها للوفاء بالتزاماتها، فإن أعضاء المجلس قد يتحركون خارج الأمم المتحدة. وأشارت رايس للصحافيين بعد جلسة مجلس الأمن المغلقة أول من امس أن «وحدة المجلس بهذه الحالة ستكون مهددة، وستكون خطة أنان قد حكم عليها بالموت، ويتحول الصراع إلى صراع بالوكالة، ولا يصبح أمام أعضاء هذا المجلس سوى خيار التفكير بالتحرك خارج خطة أنان، وسلطة هذا المجلس».

باب فرنسي

في الأثناء، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان فرنسا «تدعم خطة انان من دون ان تغلق الباب امام اي خيار» توافق عليه الأمم المتحدة، مستبعدة بذلك على ما يبدو تحركا خارج هذا الاطار كانت اثارته الولايات المتحدة.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو الذي سئل في ندوة صحافية تعليقاً على تصريحات وزير الخارجية السابق آلان جوبيه، ان خطة انان «تؤمن فرصة اخيرة لوقف احتدام العنف والبدء بعملية انتقال سياسي».

وحول تصريحات رايس، اكتفى فاليرو بالقول ان «فرنسا تدعم خطة انان، من دون ان تمتنع عن اي خيار لإنهاء الأزمة في اطار مجلس الأمن».

غزل ألماني

من جهتها، غازلت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل روسيا بالقول انها تعاونت «بطريقة بناءة» حول سوريا في مجلس الأمن وذلك عشية لقاء مع فلاديمير بوتين في برلين. وصرحت ميركل في مؤتمر صحافي في شترالسوند شمال برلين في ختام قمة رؤساء حكومات الدول الـ11 لبحر البلطيق: «اريد ان اشير الى ان روسيا عملت بطريقة بناءة». وأضافت: «كانت هناك دائماً لحظات كنا نريد ان نفعل فيها المزيد، لكني اعتقد ان لدينا عددا من القواسم المشتركة، مثل الدفاع عن حقوق الإنسان».

رجاء روسي

في غضون ذلك، قال مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف إن دول الغرب تعتمد على التكهنات في ما يخص مجزرة الحولة للقفز إلى استنتاجات سياسية وعملية. وأعرب عن أمله بألا تلجأ دول الاتحاد الأوروبي إلى التدخل العسكري. وقال: «آمل بصدق أن يتحلى الزعماء الأوروبيون وزعماء دول أخرى، بالصبر، وأن يجروا تقييماً موضوعياً للوضع كي لا يسيروا على طريق التصعيد الخطير واللجوء إلى التدخل العسكري».

من جانبها، حضت الصين العالم على اعطاء خطة انان فسحة من الوقت حتى تنجح وقالت انه لا توجد حلول فورية لازمة معقدة بهذا الشكل. من الحدث

أعلنت وزارة الخارجية البرتغالية أمس ان سفيرة سوريا المعتمدة في البرتغال لمياء شكور التي تقيم في باريس ممثلة لبلادها، أصبحت «شخصاً غير مرغوب فيه» بسبب «حوادث الأيام الأخيرة وخصوصاً مجزرة الحولة».

أعلنت بنما تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا «مؤقتاً»، وذلك احتجاجاً على «الانتهاكات الشاملة والممنهجة لحقوق الإنسان التي تواصل حكومة الرئيس بشار الأسد ارتكابها ضد شعبها».

استقال القنصل الفخري لسوريا في ولاية كاليفورنيا الأميركية حازم الشهابي احتجاجاً على مذبحة الحولة. وقال الشهابي وهو نجل رئيس هيئة الأركان الأسبق حكمت الشهابي: «وصلت الى نقطة يكون فيها صمتك او تقاعسك غير مقبولين أخلاقياً ومعنوياً».

أفرجت السلطات السورية اليوم عن 500 شخص «لم تتلطخ ايديهم بالدماء»، بحسب ما ذكر التلفزيون السوري الرسمي. وقال التلفزيون في شريط اخباري عاجل انه تم «اخلاء سبيل 500 شخص ممن تورطوا في الأحداث التي تشهدها سوريا ولم تتلطخ ايديهم بالدماء»، من دون المزيد من التفاصيل. الأسلحة الكيميائية

أفادت صحيفة «ديلي تلغراف» امس نقلاً عن مصادر دبلوماسية غربية أن قوات دولية قد تضطر للتدخل في سوريا بحال انهار نظام الرئيس بشار الأسد لمنع انتقال مخزونه من الأسلحة الكيميائية إلى أيدي الإرهابيين.

وزعمت الصحيفة أن سوريا «تملك مئات الأطنان من غازات (في إكس) اسارين والخردل، وينتاب الحكومات الغربية القلق بشأن أمن هذه الذخائر بحال سقوط نظام الرئيس الأسد أو فقدانه السيطرة على المواقع ذات الصلة».

ونسبت إلى دبلوماسي غربي قوله: «لا يمكننا تحمل امكانية وقوع بعض هذه الذخائر بأيدٍ خاطئة في حال بدأ نظام الأسد يفقد السيطرة والقدرة على تأمين هذه المواد وكان في موضع وشك، فاعتقد عندها أن مخاوف أكثر جدية ستبدأ بالخروج من مجلس الأمن».