قال كاتب الدولة لدى وزارة الخارجية في تونس عبدالله تريكي إن الاتحاد المغاربي ضرورة حتى لا تأكل الدول المغاربية بـ «العصا» من الدول الأكبر منها اقتصاداً.. وكشف لـ «البيان» عن أن القمة المنشودة لإعادة النبض للاتحاد المجمد منذ 1989 ستكون في 12 أكتوبر المقبل. وقال تريكي، الذي يمسك بتلابيب ملفات: الشؤون العربية والمغاربية والإفريقية في الخارجية التونسية، والذي بدا مؤمنا حتى النخاع بحتمية إيحاء الاتحاد المغاربي وبناء المغرب العربي، إن القمة المنشودة لإعادة جمع القادة المغاربة الخمسة ستكون في 12 أكتوبر المقبل في تونس.

وأكد المسؤول التونسي في حديثه إلى «البيان» على إن وحدة الدول المغاربية ضرورة حتمية «وتقصّر المسافات وتمنع الاستفراد بها وهدر طاقاتها». لكنه رهن تحقيق هذا الطموح بـ «روح أخوية شفافة»، ولفت إلى أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس المنصف المرزوقي إلى دول المغرب قبل شهرين كشفت عن روح جديدة راغبة في التعاون و«إعادة بناء هذا المغرب العربي». وقال إن تونس تنشد أن يكلل جهدها الدبلوماسي في خلق تكامل تام بين دول المغرب الخمس وخلق سوق واحدة تتجاوب مع «القطار الشعبي».

 وتحدث تفصيلاً عن مرئيات طموحة لتفعيل هذا الاتحاد مثل: إنشاء مجلس شورى موحد، وإعطاء وزراء الخارجية صلاحيات اتخاذ القرار النافذ بدلا من مجلس الرئاسة، وإنشاء جامعة مغاربية كبرى تكون شهادتها معترفا بها دوليا، وتأسيس شركة طيران مغاربية، وتسريع إنجاز القطار المغاربي، فضلا عن إنجاز طريق مغاربي سريع يربط وسط تونس بالجزائر مرورا بالطريق الصحراوي الإفريقي حتى جمهورية بنين، تتصل لاحقا بطريق مينائية للشحن وتنقل الأفراد، تتمدد لاحقا لتعيد إحياء طريق الحج القديمة وصولا إلى الشرق العربي.

واعتبر الوزير التونسي لـ «البيان» أن كل قرار يعطل إحياء الاتحاد المغاربي «كارثياً» مستشهدا بدراسات علمية تفيد بأن كل سنة تأخير في ميلاد هذا الاتحاد تعني تأخر النمو نقطتين (أي فقدان ما بين 40 إلى 50 ألف فرصة شغل لأبناء المنطقة)، وشدد على أن كل نظريات السياسة المعاصرة تفيد بأن كل كتلة بشرية تقل عن 20 مليون نسمة «لا يمكن أن تعيش اقتصاديا أو سياسيا». وأسهب في شرح الخسائر التي تتكبّدها دول المغرب جراء التعامل مع المجتمع الدولي فرادى، معتبرا أن الدول المغاربية ستخسر الكثير إن لم تكن كتلة واحدة في المفاوضات المرتقب انطلاقها في العام 2013 مع أوروبا في إطار سياسة «الشريك المتميز» .

وتفاخر التريكي إلى أن بلاده قررت من جانب واحد توفير الحريات الخمس كل أبناء المنطقة: حرية التنقل، والاستثمار، والإقامة، والشغل، والانتخاب في المجالس المحلية.. إلى جانب اعتمادها بطاقة الهوية وثيقة للعبور عبر حدودها ابتداء من يوم غد.

رفض «شماعة» نزاع الصحراء

وشدد على أن بلاده مستعدة لروح جديدة في التعاون مع عمقها المغاربي وهي تتوقع أن تسود هذه الروح كل الدول الأعضاء، في الاتحاد.. مركزا على أن الأمر «ضرورة وخيار استراتيجي»، رافضا، وكذلك القيادة السياسية في بلاده، أن تبقى قضية الصحراء الغربية «شمّاعة» لتعطيل التكامل وتحقيق الرغبة الشعبية. ولفت إلى أن الحوارات التي أجرتها القيادات السياسية المغاربية خلال الأسابيع الأخيرة اتفقت على قبول الحل الأممي لهذه القضية مهما كانت نتيجتها، معتبرا تفعيل الاتحاد «ضرورة أمنية واقتصادية وسياسية».

عمق استراتيجي

 

تعليقاً على العلاقات التونسية الإفريقية والمغاربية الإفريقية قال كاتب الدولة في الخارجية التونسية إن إفريقيا عمق استراتيجي لدول شمال إفريقيا، ورأى أن بلاده خسرت الكثير دبلوماسيا واقتصاديا لابتعادها عن إفريقيا والتركيز على أوروبا. وأضاف في هذا الصدد: «في السابق كان كل قرار إفريقي مرتبطا بتونس.. تونس كانت مُتّبَعة وكان حضورها مميزاً.. لكننا عدنا بلا وزن» منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، في إشارة إلى السياسات التي انتهجها الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي التي أبعدت تونس( التي تعرف تاريخيا باسم إفريقيا) عن إفريقيا بعدما كان خيار تونس في عهد الحبيب بورقيبة علاقات مثالية مع إفريقيا ودولها. وأردف القول إن ما يجري في هذا العمق الجغرافي له انعكاساته على دول الساحل الشمالي.