اختتم قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي، اللقاء التشاوري الـ14 الذي عقد في قصر الدرعية في العاصمة الرياض، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، باتفاق على «استكمال» دراسة اقتراح الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد بواسطة المجلس الوزاري ورئيس الهيئة التنفيذية المكلفة دراسة اقتراح الملك عبدالله، لتحديد تفاصيل التفاصيل وتفادي اي اخطاء تقديرية، ورفع التوصيات إلى قمة استثنائية تستضيفها الرياض، لكن لم يحدّد لها موعد.
وبحث القادة في تطورات الأوضاع السياسية في المنطقة، بما في ذلك الاستفزازات الإيرانية الأخيرة في الجزر الإماراتية المحتلة، وتطورات الأزمة في سوريا في ظل تصاعد وتيرة القتل، والجهود القائمة للمبعوث المشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة كوفي أنان، علاوة على بحث العديد من الموضوعات المتعلقة بمسيرة العمل الخليجي المشترك، ومتابعة تنفيذ بعض القرارات. وكشف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د. عبداللطيف الزياني، أن قادة دول المجلس وافقوا على الاتفاقية الأمنية، وفوَّضوا وزراء الداخلية في دولهم بالتوقيع عليها، كما وافقوا على دعم مشاريع في المغرب والأردن لمدة خمس سنوات، كما اتفقوا على استمرار عمل اللجان، ومناقشة مشروع الاتحاد الخليجي في قمة استثنائية لاحقاً.
ولم تحقق القمة التشاورية التوقعات بإعلان التحول من التعاون إلى الاتحاد بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين. وأوضح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أن القمة بحثت في العديد من الملفات: الاستفزازات الإيرانية في الجزر الإمارتية الثلاث المحتلة، والوضع في سوريا وتطور القتل، والوضع في اليمن، والعديد من الملفات المتعلّقة بالعمل الخليجي المشترك. وقال الفيصل إن دول الخليج العربية ستواصل المناقشات بشأن إمكان إقامة اتحاد بينها لكن أي خطة من هذا النوع ستستغرق بعض الوقت.
وفي الوقت الذي أكد الفيصل أن مناقشة الخطوات العملية لدعوة خادم الحرمين إلى انتقال المجلس من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، التي طرحها على القادة في قمة الرياض السابقة، كانت من أهم نقاط الأجندة التي ناقشتها القمة.. أوضح في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لمجلس التعاون د. عبداللطيف الزياني، أن قادة دول المجلس رأوا أنه «انطلاقاً من الأهمية الكبيرة لهذا الموضوع وافق أصحاب الجلالة والسمو على اقتراح خادم الحرمين بأن يقوم المجلس الوزاري باستكمال ما يلزم لتطبيق الاقتراح ورفع ما يتم التوصل إليه من توصيات تُعقد في الرياض»، موضحاً ان البحث سيتركز على وضع «تفاصيل التفاصيل» حتى تكون الأمور اكثر تنظيما لضمان الفهم المشترك لكل الخطوات ولتلافي اي اخطاء تقديرية.
وأضاف أنه «استناداً إلى ما نص عليه البيان الصادر عن اجتماع المجلس الأعلى في دورته الاعتيادية الـ 32 في 25 محرم 1433 هـ الموافق 20 ديسمبر 2011، من ترحيب ومباركة قادة دول المجلس الاقتراح المقدم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى، بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وإيمانهم بأهمية هذا المقترح وأثره الإيجابي على شعوب المنطقة، وبناء على قرار المجلس بتشكيل هيئة متخصصة توكل إليها دراسة المقترحات المعنية بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد والحرص على استكمال كافة جوانبه وبشكل متأنٍ يخدم الأهداف المأمولة، وافق أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على اقتراح خادم الحرمين الشريفين بأن يقوم المجلس الوزاري باستكمال دراسة ما ورد في تقرير الهيئة المتخصصة وفقاً لذلك، وبمشاركة معالي رئيس الهيئة، والرفع بما يتم التوصل إليه من توصيات إلى قمة للمجلس الأعلى تعقد في الرياض».
وأكد الفيصل أن «الهدف من تأجيل إعلان الاتحاد بين الدول الست أن ينضم جميع الأعضاء إليه وليس بين دولتين فقط»، في إشارة إلى الإعلان مسبقاً عن الاتحاد بين السعودية والبحرين. ورداً على سؤال عن المناقشات بين بلاده والبحرين للإعلان الاتحاد قال الفيصل: «لم يكن هناك خطوة، كلتا الدولتين ترحب بأكبر تقارب والتعاون الكامل مع كل الدول في الخليج العربي»، مؤكداً أن «ليس هناك أي مشكلة بين السعودية والبحرين تمنع التكامل.. آمل أن تنضم الدول الست وتتحد في الاجتماع المقبل».
رفض التدخل الإيراني
وفي رد على سؤال، طالب سعود الفيصل إيران بعدم التدخل في العلاقات بين بلاده والبحرين، وقال في رد على سؤال إن «أي اتحاد يخصّنا ولا يخص إيران».
وأضاف الفيصل: «ليس لإيران، لا من قريب أو بعيد، أي دخل في ما يدور بين البلدين من إجراءات، حتى لو وصلت الى الوحدة». وشدّد على ان «تهديد ايران غير مقبول ومرفوض» في اشارة الى التهديدات التي وجهها نواب إيرانيون في وقت سابق أمس. وتابع القول: «نترك لإيران أن تتحد مع من تشاء.. نأمل أن تبادلنا إيران حسن الجوار مع دول المجلس»، مضيفاً القول إنه «إذا كانت إيران تتطلع إلى علاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي لا يمكن أن تحل، إلا إذا ما تم حل مشكلة الجزر الإماراتية (طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى)، مؤكداً أن «كل دول المجلس تدعم حل المشكلة الإماراتية سلمياً».
الثقة تتناقص
وفي شأن ما يجري في سوريا من تطورات دامية، اعتبر وزير الخارجية السعودي ان الثقة في جهود المبعوث الأممي العربي كوفي انان تتناقص مع استمرار وتيرة القتل.
وقال الفيصل، في المؤتمر الصحافي المشترك مع الزياني في ختام القمة، ان «الثقة في جهود المبعوث الدولي بدأت تتناقص بشكل كبير وبسرعة»، معتبراً أن تراجع عدد القتل لا يعني أن المهمة الدولية ومهمة المراقبين ناجحة. ولفت في هذا الصدد إلى أن «القتل لايزال مستمراً والدماء لا تزال تنزف». وأردف القول متسائلاً: «هل لو قتل 60 شخصاً بدلاً من 80 شخصاً.. هذا تقدم؟»، مشيراً إلى أن «نزف الدم مستمر، وهذا لا يرضي أحداً، نأمل أن تكون هناك دفعة قوية جديدة لهذا المجهود تؤدي إلى نتائج اكثر إيجابية مما وصلت له اللجنة الأممية».
وردا على سؤال عن اتهام الإعلام السوري بدعم دول الخليج الإرهابيين، نفى الفيصل أن تكون أي دولة خليجية تدعم الإرهاب في سوريا، وقال: «لا اعتقد أن الإعلام السوري يقول الحقيقة، لاريب أنه يتهم دولاً أخرى أنها تتدخل في سوريا»، مؤكداً أن هذا «اتهام باطل، يراد له أن ينسينا تدخلات سوريا في دول أخرى مثل لبنان». وشدّد على «أن موقف السعودية في مكافحة الإرهاب واضحٌ»، قائلاً: «لا أحد يستطيع أن يعلق الآمال على الإعلام السوري».





