في وقت يتصاعد التوتر بين دولتي السودان لاسيما على الحدود بينهما، أحدثت الخرطوم اختراقاً في الجمود المسيطر بإعلانها الاستعداد لبدء التفاوض مع دولة الجنوب، في وقت قامت جوبا بسحب قواتها العسكرية من منطقة أبيي المتنازع عليها، فيما لاقت الخطوة ترحيب الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة، واللذين دعيا حكومة السودان اتخاذ خطوة مماثلة.
أكد السودان استعداده استئناف المفاوضات مع دولة جنوب السودان حول القضايا العالقة بينهما.
وقال وزير الخارجية السوداني علي كرتي في تصريحات صحافية أمس، إن الملف الأمني يجب أن يتصدر جدول أعمال التفاوض.
وتأتي موافقة الخرطوم على استئناف المفاوضات مع جوبا بعد أيام من اتهامات جنوبية للشمال بقصف مناطق داخل أراضيها، وانتهاك للدعوات الدولية وقف العدائيات.
انسحاب جنوبي
وفي خطوة مفاجئة، أعلنت الأمم المتحدة أن «دولة جنوب السودان أبلغتها أنها سحبت كل قواتها من منطقة أبيي» المتنازع عليها مع السودان قبل انتهاء المهلة الدولية، لافتة في الوقت نفسه إلى أنها «لم تتحقق» من صحة المعلومات بعد.
وقال الناطق باسم المنظمة الدولية مارتن نيسيركي إن «قوات الأمم المتحدة على الأرض أبلغت أن جوبا أصدرت أوامر رسمية بسحب قوات الشرطة التابعة لها من منطقة أبيي»، مضيفاً أن «على إثر الإعلان أعيد نحو 700 شرطي من جنوب السودان إلى بلادهم بدعم لوجستي من قبل بعثة الأمم المتحدة».
وأشار نيسيركي إلى أن «بعثة الأمم المتحدة تقوم بالتحقق من أن جميع عناصر شرطة جنوب السودان انسحبوا من المنطقة»، في وقت أكد مسؤولون في المنظمة الدولية أن «عملية التأكد من انسحاب كل قوات جنوب السودان من المنطقة يمكن أن يستغرق أياماً»، مضيفاً أن «قوات الشرطة تلقت أوامر بعدم زيارة الأهل والأقارب في أبيي بالملابس الرسمية أو السلاح».
ويأتي الانسحاب بعد نحو أسبوعين من إبلاغ جنوب السودان الأمم المتحدة نيته سحب قوات الشرطة التابعة له من أبيي.
من جهته، قال دبلوماسي غربي في وقت سابق، إنه «من الصعب غالبا التأكد من الاتهامات التي يوجهها كل من السودان وجنوب السودان للآخر»،
مضيفاً إنه «إذا لم ينسحب الجانبان من المنطقة بحلول 16 مايو الجاري امتثالاً لمطالب مجلس الأمن الدولي فإنهما سيقعان تحت طائلة «عقوبات». في الوقت ذاته، أكد أن «التوترات بين شطري السودان قد تنفجر في شكل حرب شاملة وفوضى في المنطقة التي تشمل بعضاً من أكثر الاقتصادات الإفريقية الواعدة.
إشادة إقليمية
وفي ردود الأفعال الدولية على انسحاب جنوب السودان من منطقة أبيي، أشاد الاتحاد الإفريقي بالخطوة، داعياً الخرطوم إلى «القيام بالمثل».
وأعلن الاتحاد الإفريقي في بيان له، أن «رئيس مفوضيته جان بينغ يرحّب بسحب جوبا 700 عنصر من قوات الشرطة من المنطقة»، مؤكداً أن «الانسحاب أكدته قيادة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في رسالة موجهة إلى الاتحاد الافريقي».
وأشاد بينغ كما بحكومة جنوب السودان على «احترامها التزامها بالانسحاب» ، داعياً حكومة السودان إلى «اتخاذ إجراء مماثل وسحب قواتها من المنطقة»، تنفيذاً لموافقتها على خارطة الطريق التي تبناها مجلس السلام والأمن في الاتحاد الافريقي أبريل الماضي.
ترحيب أميركي
من جهتها، رحّبت الولايات المتحدة الأميركية بانسحاب شرطة جنوب السودان من منطقة أبيي، داعية الخرطوم لسحب قواتها ووقف القصف الجوي على مناطق داخل أراضي الجنوب. وقالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس في بيان لها، «نحث كل الأطراف على الالتزام باتفاقهم على وقف العمليات الحربية واستئناف المفاوضات بشأن القضايا الأمنية والسياسية العالقة».
