تلوح في أفق المشهد السياسي المصري نذر «انقلاب شعبي» على المجلس العسكري، على خلفية تداعيات الأحداث الدامية التي شهدتها مصر خلال الفترة الانتقالية والتي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى، في ظل اتهامات موجهة للمجلس المسؤول عن إدارة المرحلة الانتقالية بـ«المماطلة» في تسليم السلطة، بل و«تخوين» في نواياه بشأن هذه الخطوة.. وبعد أن كان الهتاف الأول عقب سقوط الرئيس السابق حسني مبارك «الجيش والشعب إيد واحدة»، تبدل إلى «يسقط يسقط حكم العسكر».
وشرعت العلاقة بين المجلس والمصريين حين تولى الأول إدارة المرحلة الانتقالية عقب سقوط الرئيس السابق حسني مبارك، وقرر الإبقاء على حكومة أحمد شفيق والتي نالت احتجاجات واسعة أجبرت المجلس على تغييرها، وتشكيل حكومة عصام شرف «الأولى»، والتي لم تفلح في تخطي الغضب الشعبي، من ثم تم تشكيل حكومة عصام شرف «الثانية».
ولم تفلح أيضا في إرضاء الشارع فخرجت التظاهرات المنددة، إلى أن جاءت حكومة الجنزوري والتي لم يكن نهجها مختلفا كثيرا عن سابقتها ما أدى إلى غضب برلماني وشعبي عليها في ظل حالة من الانفلات الأمني الواسع في البلاد. وفصل جديد من العلاقة هو الإعلان الدستوري، الذي انتهى باستفتاء على تعديلات دستورية في مارس وافق عليها حوالي 77 في المئة،.
وكانت تهدف لفتح الطريق لانتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية بما يسمح للجيش بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، ويتم فيها صياغة دستور جديد للبلاد. ويواجه الإعلان الدستوري جملة من الانتقادات، أبرزها المادة 28 التي تحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية،.
ولا تسمح بـ«الطعون» عليها، بما يفتح الباب لتزوير الانتخابات «إن أراد المجلس ذلك»، وكانت تلك المادة من أبرز الأسباب التي أسهمت في تعزيز شعار وهتاف «يسقط حكم العسكـر» عقب تعنت المجلس في تعديلها، وإعلانه رسميًا عن رفضه التام لتعديلها بحجة «أنها موجودة بكافة بلدان العالم».
نهاية شهر العسل
وبرز الهتاف بشكل لافت في الشارع في يونيو 2011 عقب الأحداث الشهيرة بأحداث «مسرح البالون» بعد تصدي القوات المسلحة للمتظاهرين «بالقوة»، بما أحدث خللا قويًا في منظومة العلاقة بين الطرفين، خاصة في الوقت الذي كان العسكري قبلها قد أصدر تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية، والذي أثار سجالا في الآراء بين القوى السياسية، ووجهت آنذاك انتقادات للعسكري، وشهد الشهر ذاته «فضيحة» فحص كشف العذرية على الفتيات المقبوض عليهم بالمجلس، بما فتح النار على القوات المسلحة، وجعل مطالب «الرحيل تزداد».
وتطور الهتاف في يوليو 2011، خاصة بعد واقعة «إصبع اللواء محسن الفنجري»، وهو البيان شديد اللهجة الذي ألقاه الفنجري، في 12 يوليو، يحذر فيه من «أية خروج عن القانون»، والذي اشتهر اعلاميًا بـ«إصبع الفنجري»، ما أدى لغضب عارم.
«أحداث ماسبيرو»
وتفاقمت المطالب في أكتوبر، في أعقاب أحداث ماسبيرو، التي راح ضحيتها العشرات من الأقباط الذين كانوا يحتجون أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون ودهستهم مدرعات الجيش بعد حالات شغب كبيرة، أثير لغطًا كبيرًا حول المتسبب فيها هل القوات المسلحة أم «فلول» النظام السابق. وتواصلت الهتافات ضد العسكري خلال شهر نوفمبر من العام نفسه بعد وثيقة نائب رئيس الوزراء علي السلمي، والتي حاول أن يعطي فيها للمجلس العسكري «صلاحيات كبيرة»، رفضها الشارع.
من ثم، تجددت المطالب بإسقاط حكم العسكر منذ ذلك الحين أكثر من مـرة، أبرزها أثناء أحداث التصدي للمتظاهرين السلميين في أكثر من مكان، من بينها «شوارع محمد محمود والشيخ ريحان ومجلس الشعب، وشارع القصر العيني».
وهي الأحداث التي شهدت سقوط العشرات من الضحايا والمصابين، ما أسهم في إفساد العلاقة بصورة كبيرة، ليتم التعبير عن تلك الحالة الضبابية التي يشهدها الطرفان في مليونية 25 يناير 2012 «الذكرى الاولى للثورة»، والتي رفضت جماعة الإخوان المسلمين الهتاف فيها ضد المجلس العسكري، ما اعتبره البعض (تحالفا آنذاك).
والآن، وعقب مرور نحو أربعة شهور على رفض الجماعة الهتاف ضد العسكري، عادت جماعة الاخوان المسلمين هي الأخرى تنضم لصفوف المطالبين بإسقاط المجلس العسكري عقب رفضه تعديل المادة 28 من الاعلان الدستوري وبعد أحداث العباسية الدامية، وبعد رفضه إقالة حكومة الجنزوري.
