حي بابا عمرو في حمص الذي يعتبره النظام السوري «معقلًا للإرهابيين» فيما يعتبره معارضو الرئيس بشار الاسد «قلب الثورة» بات اليوم حياً مدمراً تسكنه اشباح تتنقل في صمت بين انقاض المنازل. ولم يعد هذا الحي الواقع في وسط المدينة اكثر من كومة ركام، بعد ان تعرض طوال شهرين للقصف وسقط فيه مئات القتلى.
فجدران المنازل اخترقها الرصاص والشظايا وثقبتها قذائف الدبابات او الكوات التي استخدمها القناصة. وكل يوم منذ استعادة الجيش السيطرة على الحي في الاول من مارس يعبر السكان الحواجز لاحضار امتعة تخصهم. وبابا عمرو الذي كان يضم 40 الف نسمة، لم يعد يقطنه اكثر من عشرات الاشخاص الذين بقوا في منازلهم المدمرة.
أم عدنان
في شارع مقفر، تجر والدة وابناها وحقيبة خضراء. وتقول ام عدنان: «اخذنا بعض الامتعة. المنزل لم يعد قابلا للسكن. انا وزوجي مهندسان لكن لا وظائف في المدينة وبالتالي لا مال لاعادة تأهيلها، اعتقد اننا سنهاجر ». ولم ينج اي منزل، حيث انهارت أغلبيتها كبيوت الكرتون على الرغم من بنائها بالاسمنت. وانهار الطابق الثاني في المبنى فسحق السطح الاسمنتي شقتها. وقالت: «اطلقت الدبابات النار على المباني واحدثنا فجوة في حائط الحديقة لكي نلجأ لدى الجيران».
ومن منزلهم «اضطررنا ايضا للهروب لان المعارك اقتربت منا كثيرا. لجأنا لمدة ستة ايام لدى اناس لا نعرفهم». وطلب منها زوجها وابنها خفض صوتها بسبب مرور دورية امنية في الشارع، فاستجابت. لكن ما ان عادت الى رواية قصتها ارتفعت نبرتها مجددا. واردفت: «لم يبق شيء من الدار التي كنت اقطنها مع زوجي واولادنا الثلاثة». كان منزلها يقع على خط الجبهة بمواجهة حي الانشاءات الذي تسيطر عليه القوات الحكومية.
ممرات وحواجز
وكان شارع الكرامة البالغ عرضه عدة امتار يفصل بين الطرفين. وفتح المعارضون ممرات بين المنازل. وقال الضابط احمد: «فتحوا ممرا طويلا سمح لهم باطلاق النار على قواتنا ثم الفرار» وهو يشير بيده الى فجوات في المباني.
وقال عسكري آخر: «دمروا كل شيء لانهم لا يبالون بالسكان». وعلى كل تقاطع نصبت قوى الامن حاجزا رفعت عليه العلم السوري وصورة لبشار الاسد. وقال ضابط في قوى الامن: «قتل 200 من جنودنا وجرح 1000 في هذه المعركة. عثرنا على 100 طن من المتفجرات. كان علينا التقدم بحذر لانهم فخخوا كل شيء. استغرق الامر 28 يوما». واستطرد: «هنا كان مركز فرز الاسلحة الواردة من لبنان. فعبر تخليص هذا الحي وضعنا حدا لتهريب الاسلحة لكننا نعلم انه من المستحيل وقفه كليا».
