أنبأت تظاهرات أمس صانع القرار السياسي في الاردن بما يمكن أن يواجهه رئيس الوزراء المكلف فايز الطراونة من عقبات مستقبلية على رأسها عدم الرضا بآلية تعيينه أو بشخصه، ما يعني أن طريقه ليس معبدا بالورود.
وبحسب الناشط السياسي والنقابي مسيرة ملص، فإن المعضلة الأولى التي يواجهها الطراونة كونه احد رموز اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية المعروفة بـ«وادي عربة»، وهو ما ظهر جليا بشعارات المتظاهرين الرافضة لرموز التطبيع أو من قادوا اتفاقيات السلام مع إسرائيل.
ورغم أن مراقبين يرون عمر الحكومة «لن يتعدى أربعة شهور»، ووضح الملفات المطلوبة منها إلا ان ذلك «لا يعني أنها تسير في طريق معبّد». ويشكل عمر الحكومة إضافة الى ارتباط اسمها بـ«اتفاقية وادي عربة» الحلقتين اللتين من شأنهما «إضعاف قدرة الطراونة على تحقيق المطلوب منه شعبيا».
وعلى حد قول امين عام حزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب، فإنه المتوقع أن يكون الاردن أمام سبع حكومات متعاقبة حتى نهاية العام في ظل «الربيع العربي» الذي لم يتجاوز العام والنصف بعد. ويردف القول إن الطراونة يدرك صعوبة ما يتقدم نحوه، فقاض مثل الخصاونة لم يستطع انهاء المهمة التي كلف بها بنجاح، بل خسر من شعبيته بعد ان تبين له ان القضايا التي كانت تعرض عليه في محكمة لاهاي اسهل بكثير من قضية الاصلاح في الاردن.
لكن من حسن طالع الطراونة ان اختياره نال استحسان أجهزة الدولة المعنية، وهو ما يمكن ان يخفف الضغط عنه كما لم يكن لسلفه الخصاونة.
ويرى خبراء أن رئيس الوزراء الاردني الجديد، رغم أنه جاء بتكليف من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الا انه «لم يحسب يوما من رجال الملك»، فحكومته السابقة التي شهدت عهدي الملك الراحل حسين بن طلال وعهد الملك عبدالله الثاني، اعتبرت «امتدادا لعهد الملك الراحل».
شخصيتان بالذهن
وبحسب مصادر، فإن شخصيتين كانتا في ذهن القصر لرئاسة الوزراء، بعد أن وافق على استقالة الخصاونة الاولى: أول رئيس وزراء في عهد الملك عبدالله الثاني عبد الرؤوف الروابدة والثانية فايز الطراونة. الا ان الروابدة استبعد لعلاقاته «المتشنجة» مع الإسلاميين، اضافة الى ترجيح كفة الطراونة كون شخصيته «تمتاز بالمرونة اكثر».
هذه المرونة المطلوبة لاول عقبة سياسية ستواجهها حكومة الطراونة في الشارع وهي مطالب إعادة النظر في مشروع قانون الانتخاب الذي قدمته حكومة الخصاونة المستقيلة الى مجلس النواب قبل اسابيع، وهو المشروع الذي ووجه بكثير من الانتقادات حتى من قبل الجهات المحافظة في الدولة، بل وتنصل منه الخصاونة نفسه الذي أكمل ستة شهور في رئاسة الوزراء فقط، وخرج منها، وبغض النظر عن الاسباب، من دون أن ينفذ ما طالب منه من القصر والشارع على حد سواء.
