يرى أغلب المراقبون أن تونس دخلت منعرج العنف السياسي، فيما حذر أحد الخبراء القانونيين من دخول البلاد هاوية الحرب الأهلية على خلفية التوترات الأخيرة، وخاصة بعد سقوط عدد من الجرحى من موظفي التليفزيون الحكومي أول من أمس نتيجة هجوم قام به المعتصمون الاسلاميون ضدهم، ومنع رئيس الحكومة السابق الباجي قايد السبسي من الإشراف على تجمع لأنصاره بالمسرح البلدي في مدينة صفاقس، والاعتداء بالعنف على الأمينة العامة للحزب الجمهوري ميّة الجريبي في ضاحية رادس، ومنع جماعات سلفية المفكر التونسي يوسف الصديق من إلقاء محاضرة في مدينة قليبية من ولاية نابل شمالي شرق البلاد.
وكانت تونس شهدت في الآونة الأخيرة اعتداءات على عدد من الصحافيين والفنانين ورجال السياسة المعروفين بمعارضتهم للحكومة الحالية، كما طالت الاعتداءات مؤسسات دينية مثل الكنيسة الارثوذوكسية، وجامعية مثل كلية الآداب والفنون والانسانيات في منوبة، وارتفعت أصوات تدعو الى قتل اليهود والى قتل الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة الانتقالية السابق وعدد من رجال السياسة والاعلام والثقافة.
مجموعات سلفية
ونددت شبكة «دستورنا» بما أسمته «الاعتداءات الوحشية» التي قالت إنه تعرض لها بكل من مدينتي دوز وسوق الأحد من ولاية قبلي، الناطق الرسمي باسم الشبكة جوهر بن مبارك وعدد من أعضائها وذلك من طرف «مجموعات سلفية»، حسب بيان الشبكة.
وأشار بن مبارك خلال مؤتمر صحافي إلى أن «مجموعة من السلفيين الملتحين قاموا باقتحام قاعة المحاضرة وتعنيفه وبقية أفراد من الشبكة»، ما تسبب له، على حد قوله «في جروح إضافة إلى تهشيم بلور سيارتين بالخارج تابعتين لأعضاء الشبكة». وأضاف إن «هذه المجموعة كانت تحمل السلاح الأبيض والهراوات وكانت تريد قتلي، لولا تصدي بعض الشباب من أبناء الجهة لهم»، وأكد أنه «تعرض لمحاولة قتل ذبحا من قبل عناصر متطرفة».
حرب أهلية
وطالب عدد من ممثلي الأحزاب والمجتمع المدني، بضرورة الوعي بدقة المرحلة وخاصة بعد تكرر هذه الاعتداءات على أكثر من طرف، مطالبين الحكومة بتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن، وكذلك بضرورة تكوين جبهة تتألف من مجموعة من الأحزاب للدفاع عن الحريات التي قالوا إنها «أصبحت تتقلص في تونس ما بعد الثورة مع ازدياد ظاهرة التطرف».
وقال أستاذ القانون ورئيس الهيئة الوطنية لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي عياض بن عاشور أن المشكلة «لا تتعلق بالتيارات المتطرفة وإنما بالدولة التي عليها أن تحول دون الدخول بالبلاد في حرب أهلية، وأن تواجه ظاهرة العنف السياسي التي بدأت تتسع». وأضاف أن «انحياز الدولة لطرف بعينه وعدم سعيها لحماية بقية الاطراف، سيؤدي بتونس الى حرب أهلية»، كما دعا رجال القانون الى مقاطعة السلطة الحاكمة في حالة استمرار صمتها أمام ظاهرة العنف...واستقالات جماعية لمديري الإذاعات
أعلن مديرو الإذاعات المركزية والجهوية التونسية استقالتهم من مناصبهم بسبب ما اعتبروه في بيان لهم «الطريقة المهينة وغير المسؤولة التي تتعامل بها الحكومة مع مؤسسة الإذاعة التونسية والتي لا تؤسس» في نظرهم لبناء حقيقي لإعلام يسهم في إرساء الديمقراطية ومجتمع المواطنة. وقال مديرو «إذاعة تونس الدولية» و«الاذاعة الثقافية» و«إذاعة الشباب» و«إذاعة الكاف» في بيان إن هذه الاستقالة تأتي بعد اطلاعهم من خلال موقع إلكتروني على خبر تسمية مدير عام جديد لمؤسسة الإذاعة التونسية بطريقة مفاجئة ودون إعلان رسمي أو إعلام للرئيس المدير العام الحالي حبيب بالعيد ودون أدنى تشاور مع الهيئات الوطنية والنقابية ذات الصلة.
وعبر المديرون المستقيلون في هذا البيان عن غضبهم الشديد لما أسموه «الطريقة المهينة» التي تمت بها إقالة الحبيب بالعيد والتي «لم يراع فيها التضحيات التي قدمها بكل وطنية ومسؤولية طيلة الفترة الحرجة التي مرت بها البلاد أثناء الثورة والتي ساهمت فيها الإذاعة التونسية مساهمة فعالة في وضع البلاد على المسار الديمقراطي».
وأكد المستقيلون استنكارهم لما اعتبروه «الطريقة الفوقية التي وقع التعامل بها مع الإذاعة التونسية والتي تدل على استخفاف تام بالمؤسسة والعاملين فيها واستهانة كاملة بمطالب أهل القطاع في تفعيل المراسيم المنظمة للإعلام» وفق ذات البيان.
وأعلن في تونس عن تعيين محمد المدب مديرا عاما لمؤسسة الاذاعة التونسية والتي تشرف على الاذاعات المركزية والدولية والشبابية والثقافية والاذاعات الجهوية بصفاقس والمنستير والكاف وقفصة وتطاوين، وكان رئيس المؤسسة الجديد يعمل مهندس صوت في استديو البث والتسجيل، الأمر الذي أثار حفيظة العاملين في القطاع الاذاعي التونسي.
