دعت الأمم المتحدة أمس، السياسيين العراقيين إلى اللجوء للدستور لحل القضايا العالقة، مبينة أن هناك عملًا كبيراً أمامها لتحقيق طموح الشعب العراقي، في وقت صرح زعيم القائمة العراقية أياد علاوي بأن المؤتمر الوطني أصبح «أضحوكة»، ولن يكون هناك اجتماع وطني، بينما نفت رئاسة إقليم كردستان ما نسب من تصريحات لرئيس الإقليم مسعود بارزاني بعزمه الدعوة لعقد اجتماع مع القيادات الكردية لبحث مسألة تقرير المصير.
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر التحالف الوطني بمجلس النواب على هامش اجتماعه مع القيادي بالتحالف حيدر العبادي، إن «على الكتل السياسية العراقية أن تأخذ الدستور أساساً لحل كافة المسائل العالقة والقضايا التي لم يتم تنفيذها».
وأضاف كوبلر أن «من الأمور العالقة، والتي ممكن حلها عن طريق الدستور، قانون النفط والغاز»، مشيراً إلى أنه «تم مناقشة قضية كركوك وانتخاباتها خلال اجتماعنا مع التحالف الوطني». في غضون ذلك، صرح علاوي في لقاء تلفزيوني مع قناة الحرة أن «المؤتمر الجامع أصبح أضحوكة لدى السياسيين والشعب العراقي.
وقال علاوي متسائلاً: «إن كان هناك حسن نية فعلاً عند رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، فإنه كان نفذ القرارات التي تضمنتها اتفاقية أربيل»، مشيراً إلى أنه «يجب أن يكون هناك تشاور حقيقي بين القوى السياسية للتعرف إلى طريقة للوصول إلى الوضع المستقر الذي آمنا به وتحركنا من أجله وقاتلنا وتعرضنا لأذى كبير عندما كنا في المعارضة».
دفاع عن برزاني
وبشأن حديث رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وهجومه على المالكي، قال علاوي إن «الأخ مسعود لم يهاجم، بل تحدث عن نهج متفرد، وهذا ما تحدثت أنا به، وهذا ما تحدث به أيضاً المجلس الإسلامي، فهناك إجماع على أن هناك تفرداً في وضع الحكم بالعراق، هناك ابتعاد عن الشراكة الوطنية، وهناك أزمة نتيجة هذه السلوكية، وهذه الأزمة يجب أن تنتهي، ويجب أن نبني ونؤسس لعراق يضم الكل، والكل يكونون شركاء في هذا الوطن الواحد».
في هذه الأثناء، نفت رئاسة إقليم كردستان ما نسب من تصريحات بارزاني بعزمه الدعوة لعقد اجتماع مع القيادات الكردية لبحث مسألة تقرير المصير.
نفي تحركات الانفصال
وقال رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين إن «رئيس الإقليم لم يتحدث عن الانفصال». وتابع أن بارزاني «لم يحدد أجندة اجتماعه مع طالباني، وإنما قال بأنه سيبحث الوضع السياسي العام في البلاد، ولم يشر إلى مناقشة تقرير المصير في الاجتماع الذي سيعقد خلال اليومين المقبلين». وأكد رئيس الديوان أنه «لا يوجد تخوف من الحكومة الاتحادية، لأننا جزء منها، وإنما التخوف من بعض العقليات في الحكومة التي تؤدي تصرفاتها إلى تخوفنا».
وكانت وكالة «السومرية نيوز «نقلت عن بارزاني تأكيده أنه سيبدأ بالتشاور مع رئيس الجمهورية جلال طالباني والأطراف الكردية لبحث مسألة استقلال كردستان لأنها في خطر كبير، مؤكداً أنه إذا كان لا بد من التضحية بالدماء، فالأفضل أن تكون لأجل الاستقلال لا لأجل الفيدرالية».
من جانبه، نفى القيادي الكردي المخضرم محمود عثمان تحدُّث بارزاني عن «الانفصال»، وشدّد على أنه «لا يوجد في بال الكرد مسألة الانفصال عن العراق، وإنما هناك طموح للأمة الكردية بتقرير المصير، لاسيما أن هناك كرداً في سوريا وتركيا وإيران أيضاً»
وبشأن متطلبات أو عوامل تحقيق ذلك، قال عثمان إنه «لا توجد حالياً أي مقومات، بسبب وجود ضغوطات خارجية وداخلية، كما أن العوامل غير مهيأة وغير قابلة للتحقيق حالياً»، مؤكداً أن هناك «حقوقاً للأمة الكردية، وهذا ما نشدد عليه، أما الانفصال فهذا أمر غير مطروح من قبل القيادات الكردية».
المؤتمر الوطني الجامع في مهب الريح
يبقى انعقاد المؤتمر الوطني لأطراف العملية السياسية بين الشك واليقين بسبب اختلاف وجهات نظر المشاركين من القضايا التي يتعيّن أن يناقشها الاجتماع، حيث تعتبر الدعوة التي وجهها نائب رئيس الجمهورية في العراق، خضير الخزاعي، إلى عقد اجتماع تحضيري جديد للمؤتمر الوطني المقترح، مجرد دعوة «بروتوكولية»،أو «إسقاط فرض»، لأن توجيهها من قبل الخزاعي، لم يأت بغياب راعي المؤتمر والداعي إليه الرئيس جلال طالباني الذي توجه إلى أربيل للقاء رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني.
طالباني لم يعلق على تصريح الخزاعي بأن دعوته لعقد اجتماع تحضيري جديد جاءت بعد التشاور مع الرئيس، لكن مجرد عدم صدور الدعوة من قبل طالباني يعد تعبيرا عن عدم اقتناع، وأنه لن يمانع، لو تم عقد هذا الاجتماع، لكنه لا يريد أن يكون واجهة للخذلان. والغريب في الاجتماع التحضيري الجديد، هو صدور بيان للدعوة إليه من قبل حزب الدعوة، وليس ائتلاف دولة القانون أو التحالف الوطني، ما يعكس خلافات جدية في هذه المكونات، وعدم ثقتها بالاستجابة إليه.
وتبادل طالباني مع الأمين العام لحركة الوفاق الوطني العراقي رئيس القائمة العراقية إياد علاوي في أربيل امس الآراء حول جملة من القضايا الساخنة على الساحة العراقية والسبل التي يمكن أن تتفق عليها الأطراف السياسية، والكفيلة بإخراج البلد من المشكلات والأزمات التي تواجه العملية السياسية.
وذكر بيان رئاسي أن طالباني أشار خلال اللقاء الى أهمية البحث عن المشتركات ببن الأطراف والكتل السياسية لتسهيل وضع الحلول للمشاكل والمعوقات والخروج باتفاق وطني شامل. مع المطالبة بضرورة تضييق مساحة الخلافات وتوسيع رقعة التفاهمات.
من جانبه، ثمّن علاوي الدور المحوري للرئيس العراقي في العملية السياسية الديمقراطية وفي بناء الدولة العراقية وبدء العهد الجديد فيها، مؤكدا أهمية مواصلته هذا الدور الوطني.
«العراقية» ضد المبادرة
وقالت الناطقة الرسمية للقائمة العراقية ميسون الدملوجي، في تصريحات صحافية أمس، إن «كثرة الاجتماعات، والاتفاق في كل منها على أمور معينة، يتم التراجع عنها في وقت لاحق، جعلت القائمة العراقية لا ترى أي مسوغ للاستمرار في مثل هكذا اجتماعات، يقصد منها فقط التسويف والمماطلة وإضاعة الوقت، من دون تحقيق أي تغيرات تخدم المواطن العراقي، أو تعمل على تحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية».
وأضافت الدملوجي أن «العراقية ستعمل من اجل عقد اجتماعات تشاورية مع باقي الكتل السياسية، لتكون أساساً للتعامل في حل المشاكل والأزمات الموجودة، التي ستكون لبقائها مردودات سلبية على المواطن العراقي، أكثر مما هو حاليا، والذي ينتظر من السياسيين أن يكونوا على قدر المسؤولية».
المواطن الغائب الكبير
من جهته، عبر النائب عن كتلة المواطن النيابية حبيب الطرفي عن قناعته أن «المواطن العراقي أصبح اليوم ضحية للسجالات السياسية الدائرة في العراق، وغداً يدفع ثمناً غالياً لأسباب لا يد له فيها». وقال إنه «لولا تضحيات المواطن العراقي لما تبوأ أي مسؤول منصباً في الوقت الحالي»، مشيراً إلى أنه «على جميع المسؤولين وضع المواطن العراقي نصب أعينهم، وليتنازلوا عن مواقفهم السياسية المتعنتة لغرض عقد الاجتماع الوطني في أسرع وقت لأن المواطن يتأمل فيه خيرا كونه يأمل أن تحل من خلاله جميع الخلافات السياسية التي لا يدفع غيره ثمنها».
وعقدت اللجنة التحضيرية للاجتماع الوطني المكونة من ممثلي الكتل الثلاث الرئيسة: التحالف الوطني والعراقية والتحالف الكردستاني اجتماعات عدة، ولم تتوصل خلال هذه الاجتماعات إلى وضع جدول أعمال للاجتماع الوطني الذي كان مقرراً أن يعقد في الخامس من الشهر الحالي، وتقرر تأجيله إلى أجل غير مسمى، ولا يبدو في المنظور انه سيعقد.
