وقع مشاركون في مؤتمر «المواطنة والدولة المدنية الديمقراطية.... نحو توافق وطني حول دستور جديد لسوريا»، الذي التأم على شاطئ البحر الميت على وثيقة إعلان «البحر الميت».
وتضمن الإعلان دعوة لوحدة المعارضة، وتعظيم «مُشتركاتها»، والرهان على الشعب وقواه في الداخل، بوصفها «الحامل الوطني» للثورة، والحفاظ على سلمية الحراك وطابعه المجتمعي الشامل، ورفض التدخل العسكري، و«ضبط السلاح وإخضاعه للمرجعية السياسية» للمعارضة الموحدة.
وحذرت الوثيقة من انفراد أي طرف بأية تسوية مع النظام، معبرين عن دعم خطة كوفي أنان، ودعوة الجامعة العربية لاستئناف مبادرة توحيد المعارضة.
وشارك في المؤتمر، الذي نظم بدعم المعهد الديمقراطي الأميركي، وحضور مراقبين من هيئات دبلوماسية ومنظمات دولية، بينها أميركية وتركية وفرنسية، 60 شخصية سورية، مثلت مختلف ألوان الطيف السياسي ومجموعات المعارضات وتياراتها، فضلاً عن ممثلين لمختلف المكونات الاجتماعية (القومية والدينية) السورية، وجاء بدعوة من مركز القدس للدراسات السياسية.
وعلى مدى يومين كاملين، وسبع جلسات عمل مطوّلة، ناقش المشاركون في المؤتمر، عناوين من نوع: «أي نظام سياسي لسوريا المستقبل؟»، «الدين والدولة»، و«حقوق الأفراد والجماعات... أسئلة الهوية والمواطنة والاندماج».
وخلال المؤتمر جدد ممثلون عن الأكراد السوريين الدعوة بالعودة إلى الاسم الرسمي لسوريا قبل قيام دولة الوحدة مع مصر، بشطب كلمة العربية عن اسم الجمهورية السورية، لكنها دعوى رفضها كثير من المشاركين، الذي حذروا من مخاطر «هيمنة الأقلية على الأكثرية»، مشيرين إلى كون السوريين العرب، يشكلون أكثر من أربعة أخماس الشعب السوري.. في حين خصصت جلسة ختامية للبحث في عدد من المقترحات والتوصيات وملامح خريطة طريق للمستقبل، كما طرحت في المؤتمر أفكار ومداخلات عديدة، تناولت «سبل التغيير في سوريا.. الفرص والتحديات» و«ملامح مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية».
وشهدت قاعة المؤتمر وردهاته، نقاشات مستفيضة بين المشاركين، اتسمت بالحدة أحياناً في تناول الموضوعات قيد البحث، بما فيها أكثرها دقة وحساسية، مثل علاقة الدين بالدولة، ووضع الأقليات في النظام السياسي السوري الجديد، وطبيعة نظام الحكم المناسب لسوريا.
ودعا طيف واسع من المعارضة بمختلف تياراتها وتلاوينها، لنبذ الخلافات فيما بينها، والسعي لتوحيد صفوفها حول الأهداف الكبرى لثورة الشعب السوري، من دون أن يعني ذلك، «نفي التعدد والتنوع»، كما شدد مشاركون على ضرورة أن يتحلى خطاب المعارضة بالحكمة والتبصر والاعتدال، وبما يحفظ وحدة سوريا الترابية والشعبية، ويحول دون انهيار الدولة السورية، والتفريق بين الدولة والسلطة الديكتاتورية. في الوقت الذي أجمع فيه المشاركون على أن سوريا المستقبل، ستحظى بدولة مدنية ديمقراطية، دولة المؤسسات والقانون، دولة المواطنة المتساوية التي تحفظ حقوق الأفراد والجماعات القومية والدينية.
نظام الدولة
وفي الوقت الذي أجمع فيه المشاركون على أن الدولة السورية لن تكون دولة دينية أو عسكرية، بل دولة تحترم المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتخضع لقواعد التعددية والتداول السلمي للسلطة، جرى نقاش مستفيض حول طبيعة النظام السياسي الملائم لسوريا، حيث طُرحت أفكار ترجح النظام «البرلماني» على النظام «الرئاسي» تفادياً لإعادة إنتاج الديكتاتورية، على اعتبار أنه نظام يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالها، وتدعيم دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، وتعزيز مكانة المرأة ومشاركتها في النظام السياسي المقبل.
وجرى بحث عميق في مسألة العلاقة بين «مدنية» الدولة و«علمانيتها»، حيث طرح ممثلون لتيارات يسارية وقومية وعلمانية وليبرالية، الحاجة لتأكيد «علمانية» الدولة، وفصل الدين عن السياسة، باعتبار أن مصطلح «الدولة المدنية» فضفاض، ويحمل أكثر من تفسير، وهو ما لم يجد قبولاً عند بعض المشاركين من ذوي الخلفيات الإسلامية، الذين شددوا على أهمية «الإسلام دينٌ ودولة»، وأن دمشق عاصمة الخلافة الأموية، وأن سوريا في بعدها الثقافي والروحي، لا يمكن أن تتخلى عن هويتها العربية الإسلامية من دون افتئات على حقوق بقية المكونات الدينية والقومية.
