خرج مئات آلاف المتظاهرين السوريين في مناطق عديدة، جرياً على عادتهم ككل يوم جمعة، في «سننتصر ويهزم الأسد»، مطالبين بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، في محاولة لجذب أنظار المراقبين الدوليين إليهم، دون أن يحول ذلك من سقوط عشرات القتلى، جرياً أيضاً على عادة قوات النظام، التي كثفت قصفها العنيف على مدينة حمص وريفها في محاولة للسيطرة عليها قبل وصول المراقبين.
وقال شهود عيان وناشطون والمرصد السوري لحقوق الانسان امس، إن تظاهرات عارمة خرجت في مدن وبلدات وقرى في محافظات درعا ودمشق وريفها، وحمص وحماه وإدلب وحلب ودير الزور واللاذقية والحسكة والقامشلي طالبت بإسقاط النظام ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد.
وافاد المرصد في بيان ان تلك الاحتجاجات خرجت «على الرغم من الانتشار الأمني والعسكري واستمرار القصف واطلاق الرصاص والاعتقالات من جانب القوات النظامية السورية»، حيث أفاد الناشطون بمقتل 46 محتجاً خلال التظاهرات السلمية.
مدينة حمص
وواصلت القوات النظامية قصفها لمناطق في مدينة حمص في وسط البلاد وريفها. وأفاد الناشط سيف العرب من حمص في اتصال عبر سكايب مع وكالة «فرانس برس» ان القوات النظامية استهدفت حيي الخالدية وجورة الشياح وحمص القديمة، مؤكداً أن القوات النظامية تشدد حملتها على المدينة وأحيائها «في ما يبدو انها محاولة من النظام للسيطرة على حمص بالكامل قبل ان تدخلها لجنة المراقبين». وأشار المرصد السوري الى سقوط «قذيفة كل خمس دقائق» على الخالدية امس.
وبحسب ناشطين في المدينة، فإن القوات النظامية سيطرت على أجزاء من حي البياضة قبل ثلاثة أيام، إلى جانب سيطرتها على أحياء القرابيص ودير بعلبة وباب السباع وكرم الزيتون والمريجة وجب الجندلي وبابا عمرو، فيما تبقى معظم احياء حمص القديمة والخالدية وجورة الشياح خارج سيطرة النظام وينشط فيها عناصر الجيش الحر، المكون من جنود منشقين. كما بث ناشطون صوراً على الإنترنت للقصف من القوات النظامية بالهاون والصواريخ على حيّي الخالدية والحميدية.
ريف حمص
وفي ريف حمص، واصلت القوات النظامية قصفها العنيف على مدينة القصير القريبة من الحدود الشرقية للبنان. وقال الناشط جاد اليماني العضو في تنسيقيات القصير إن قوات الرئيس بشار الاسد «قصف المدينة وحاصرتها بعدد كبير من المدرعات»، متخوفا من «عملية اقتحام وشيكة». وقال عضو لجان التنسيق المحلية في حمص رامي كامل إن قوات الأسد «تخترق وقف إطلاق النار طبقا لخطة المبعوث كوفي أنان وقصفت القصير بشدة وبجميع أنواع الأسلحة وبشكل لم تشهده من قبل».
وحذر الناشط من أن القصير «تواجه مصير حي بابا عمرو من اقتحام قوات النظام لها وارتكاب مذابح بها»، في اشارة الى الحي الذي تعرض الى قصف متواصل لأربعة أسابيع. وفي الرستن، الخارجة منذ شهور على سيطرة القوات النظامية والتي تتعرض للقصف ومحاولات الاقتحام باستمرار، رفع آلاف المتظاهرين لافتات «أين المراقبون؟» ورددوا هتافات لإسقاط النظام. كما شهدت مدينة تلكلخ قصفا عنيفا لقوات الأسد بالهاون والدبابات استهدف قلعة الحصن.
إدلب ودرعا
وفي ادلب وريفها، خرجت تظاهرات ضمت عشرات الآلاف في بنش ومعرة النعمان وجرجناز وكفرنبل وغيرها من مدن وبلدات محافظة إدلب مطالبة بإسقاط نظام الأسد. وفي ريف درعا، خرجت تظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف في مدينة الحراك رفعت فيها شعارات معارضة للنظام وأعلام الثورة، وكذلك كان الامر في درعا البلد، حيث احتج الآلاف فيها.
حماة وريفها
وفي قلعة المضيق بريف حماة، قصفت القوات النظامية بالرشاشات من الحاجز المتواجد في الكركات قرى جبل شحشبو، في حين اقتحمت قوات الأمن حي كازو في مدينة حماة، وسط حملة اعتقالات عشوائية. وافيد عن سقوط قتلى وجرحى في اقتحام الجيش النظامي حي الاربعين في حماة.
دمشق وريفها
اما في العاصمة دمشق، فرفع آلاف المتظاهرين في حي العسالي لافتات «تحية لفلسطين محمد الدرة ونقول لعالمنا المتخاذل في سوريا كل يوم محمد درة»، و«في سوريا لا يؤخذ النصر بل ينتزع انتزاعا». وانشدوا «جنة يا وطنا حتى نارك جنة». كما بث ناشطون على الإنترنت صورا لتظاهرات حاشدة ضمت الآلاف خرجت عقب صلاة الجمعة في حي الزاهرة بالعاصمة.
وطالب المتظاهرون بحماية المدنيين من العنف الذي يمارسه النظام السوري بحقهم خاصة في المناطق التي تشهد قصفا واقتحامات متواصلة. كما سقط جرحى في اطلاق نار كثيف لتفريق متظاهرين في حي دف الشوك بدمشق، في حين قتل ثلاثة واصيب تسعة خلال تفريق تظاهرة في حي التضامن بالعاصمة.
وفي دوما بريف دمشق، اظهرت مقاطع بثت على الانترنت آلاف المتظاهرين يرددون اغاني تضامنا مع «أم الشهيد». واصيب خمسة بجروح بإطلاق الامن النار على آلاف المشيعين كانوا يتظاهرون ضد النظام في عقربا بريف دمشق
وقال الناطق باسم المجلس المحلي في الزبداني علي إبراهيم إن «السوريين سيستمرون في التظاهر وانتزاع حريتهم بأيديهم وخلع نظام الأسد ولن يلتفتوا للمبادرات التي ينتهكها النظام الواحدة تلو الأخرى»، في اشارة الى تسمية الجمعة «سننتصر ويهزم الاسد».
حلب وريفها
وعلى الأرض أيضا، ذكر الناطق باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي ان «عدداً كبيراً من التظاهرات سارت في أحياء مدينة حلب، أكبرها في بستان القصر وصلاح الدين والشعار والسكري وحلب الجديدة ومساكن هنانو، ووجهت معظمها بإطلاق الرصاص لتفريقها».
وقال الحلبي في اتصال مع «فرانس برس» إن «عشرات التظاهرات خرجت أيضا في معظم بلدات ريف حلب التي تعرضت اخيرا لقصف القوات النظامية مثل الباب وعندان ومارع وتل رفعت وبيانون ودير جمال»، مشيرا الى ان عشرات آلاف المتظاهرين في حلب وريفها رددوا هتافات تطالب بتواجد المراقبين واسقاط النظام وتخوين الجيش النظامي. وأفاد المرصد السوري بمقتل ثلاثة، بينهم طفل، وإصابة آخرين لدى اطلاق الامن النار على مصلين خرجوا من احد مساجد مدينة الباب بريف حلب.
دير الزور والحسكة
وفي دير الزور، أظهرت مقاطع مصورة بثها ناشطون على موقع «يوتيوب» الالكتروني تظاهرة حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف انتظم المتظاهرون فيها في صفوف وتمايلوا على أغان تندد بالنظام وبعناصر «الشبيحة». وسقط قتيل وجرحى بإطلاق الأمن النار على المنازل في البوكمال بريف دير الزور.
وفي الحسكة، ذات الاغلبية الكردية، خرجت تظاهرة حاشدة ضمت عشرات الآلاف ردد فيها المتظاهرون هتافات «يا حمص نحن معاك للموت» وهتافات للمدن المحاصرة الاخرى ورفعوا اعلام الثورة. وتظاهر الآلاف أيضا في مدينة القامشلي وسري كانيه وعامودا، ذات الاغلبية الكردية.
المجلس العسكري
اعتبر رئيس المجلس العسكري الأعلى في الجيش السوري الحر العميد الركن مصطفى الشيخ، أن خطة المبعوث الأممي العربي كوفي أنان لحل الأزمة في سوريا -ومن قبلها المبادرة العربية- ما هي إلا مُهل وفرص للنظام لقتل الشعب السوري واللعب بالوقت، وأشار إلى أن «الشعب السوري يتعرض لإبادة على مرأى من العالم»، في ظل وجود جميع أدوات التكنولوجيا وأدوات التجسس التي تثبت ذلك، متسائلاً في نفس الوقت: «لماذا تم تشكيل حلف خارج مجلس الأمن لضرب كوسوفو؟» «ولماذا يترك الشعب السوري ليذبح؟».

