تواصلت أمس ردود الفعل العربية والدولية المنددة بزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى جزيرة أبوموسى الإماراتية المحتلة، حيث أعرب الاتحاد البرلماني العربي عن استنكاره للزيارة، معتبرا إياها عملا استفزازيا وانتهاكا صارخا لسيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، في حين أعرب مصدر رسمي يمني عن القلق للزيارة، فيما أكدت بريطانيا أنها لاتؤدي إلا إلى زيادة الأمور سوءاً، وسط استمرار وسائل الاعلام العربية استنكارها للتصعيد الايراني وركزت على النموذج الحضاري الذي تعاملت معه دولة الإمارات بهذا الشأن، مؤكدة أنه من منطلق قوة الحق.
وأعرب الاتحاد البرلماني العربي في بيان أمس عن تضامنه الكامل ودعمه المطلق لحق دولة الإمارات الكامل والمشروع على جزرها الثلاث، مؤكدا تأييده لكافة الاجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإماراتالعربية المتحدة لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة.
وجاء في البيان: «دأبت الحكومة الايرانية منذ فترة على تأجيج الخلاف مع دولة الإمارات العربية المتحدة حول الجزر الاماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، التي تحتلها ايران، وتجلى التأجيج الايراني من خلال تصريحات لبعض المسؤولين الايرانيين يدعون فيها بأن هذه الجزر هي جزر إيرانية وأخيرا من خلال زيارات كبار المسؤولين لهذه الجزر منذ أمد قريب».
وطالب الاتحاد البرلماني العربي إيران بإنهاء احتلالها للجزر الثلاث والاستجابة إلى الدعوات الصادقة والجادة من دولة الإمارات العربية المتحدة الداعية إلى حل النزاع حول الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة بالطرق السلمية سواء بالمفاوضات المباشرة الجادة أو باللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
قلق يمني
كذلك، أعرب مصدر رسمي يمني عن قلق الحكومة اليمنية من الآثار المترتبة عن زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة والتي تعتبر خطوة تصعيدية في ظل الأوضاع المتأزمة التي تعيشها المنطقة.
وأكد المصدر في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية «وقوف الجمهورية اليمنية مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في مساعيها لاستعادة سيادتها على جزرها بالطرق السليمة»، داعيا الحكومة الإيرانية إلى «الاستجابة إلى دعوة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لحل الخلاف عبر الحوار والاحترام المتبادل لسيادة الدول وتجنب أية أعمال تؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة».
موقف لندن
في هذه الأثناء، وصف ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية الزيارة بـ «المؤسفة للغاية ولاتؤدي إلا إلا زيادة الأمور سوءاً» وقال أن لندن تدعم التوصل إلى تسوية سلمية «وفقاً للقانون الدولي سواء من خلال المفاوضات أو محكمة العدل الدولية» مقدراً «النهج المدروس الذي اتخذته الإمارات».
«العلم تدين»
كما دانت صحيفة «العلم» المغربية الناطقة بلسان حزب الاستقلال، أحد مكونات الائتلاف الحكومي في زيارة. وانتقد الصحافي والكاتب حمادي الغاري بشدة، في مقال بالصحيفة بعنوان «الاستعلاء الإيراني»، الزيارة، وقال إن طهران اختارت وقتاً سيئاً لتنفيذ هذه المهمة التي تفتقد لأدنى قدر من النبل والشهامة، وأدنى احترام لحرمة الجوار. واتهم إيران بـ«انتهاج سياسة توسعية، استولت بموجبها على الجزر الإماراتية الثلاث، ذات الموقع الاستراتيجي، مباشرة بعد الانسحاب البريطاني عام 1971».
موقف «الصياد»
إلى ذلك، تناولت مجلة «الصياد» اللبنانية الزيارة الاستفزازية التي قام بها نجاد إلى جزيرة أبوموسى المحتلة. وأكدت في مقالها الافتتاحي أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت نموذجا حضاريا راقيا في الحرص على حل النزاعات بالوسائل السلمية وفقا للقانون الدولي حتى في أشد الحالات خطورة مثل تعرض أجزاء من الوطن للاحتلال الاجنبي.
وأردفت المجلة: كما قدمت في الوقت نفسه مثالا يحتذى به في الموقف الصلب والراسخ والعميق بالتمسك بالحقوق وعدم التهاون مع المعتدي مهما علا شأنه أو اغتر بمظاهر قوته، وأسس لهذا النهج الحكيم وبعد النظر والواثق بقوة الحق المغفور له الراحل الكبير المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وسار على خطاه حامل الامانة من بعده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله.
ولفتت انه بهذا، أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة ان جنوحها نحو السلم في معالجة الأزمة مع إيران الدولة المسلمة والجارة أنما ينطلق من منطلق قوة الحق استنادا إلى الشرائع السماوية والقوانين الدولية في آن وبهذا الرصيد الضخم من التأييد الكبير لها ولحقوقها قوميا ودوليا.
تهديدات واستفزازات
من جانبه، أكد الكاتب فوزي مخيمر في مقاله «التهديدات والاستفزازات الإيرانية» في عموده اليومي «رؤية عربية» في صحيفة «الاخبار» المصرية أنه على مدى أربعة عقود ماضية يتبارى حكام إيران في استفزاز العرب بدءا من احتلال جزر الإمارات الثلاث في السبعينات ومرورا بالتجسس والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية سواء جيرانهم في الخليج أو من هم أبعد من ذلك بما فيهم مصر رغم العلاقات التاريخية بين مصر وإيران.
غرور القوة
وتحت عنوان «حركات إيران الاستفزازية»، قال الكاتب مؤمن خليفة في مقال نشرته «الأخبار» إن ثلاث جزر إماراتية هي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى لم تحل مشكلتها منذ حكم الشاه رغم محاولات الإمارات وسعيها الدائم للحل مستندة على وثائق رسمية تثبت حقها المشروع في أرضها. وأوضح الكاتب أن الوثائق التي أفرجت عنها بريطانيا عام 1969.
وهي تتناول مرحلة ما قبل قيام الاتحاد، تحفل بتأكيدات بريطانية على ملكية الشارقة لجزيرة أبوموسى وملكية رأس الخيمة لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى. كما تبين أن المرحوم الشيخ خالد بن محمد القاسمي حاكم الشارقة رفض بإصرار المطالب الإيرانية بالجزر وعمل كل ما بوسعه لتعزيز عروبتها ورفض بناء قاعدة عسكرية إيرانية في أبوموسى.
كان الإيرانيون طرحوا تخليهم عن مطالبتهم بالبحرين مقابل حصولهم على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى وصيري. وأضاف إن إيران التي تدعي وقوفها إلى جانب العرب تحتل أرضا عربية وترفض التخلي عنها خدمة لمصالحها في المنطقة في الوقت الذي نجد فيه أن هناك في مصر من يريد تحسين العلاقات مع إيران رغم أنها لم تقدم لنا ما يثبت سعيها نحو ذلك وتتعالى علينا.
نظرة فوقية
كما أكد الكاتب عبدالله إسكندر في مقال بصحيفة «الحياة» اللندنية أن ايران لا توفر مناسبة تمر من دون ان تؤكد نظرتها الفوقية إلى العرب عموما وبلدان الخليج العربي خصوصا. وقال الكاتب في مقاله الذي حمل عنوان «مغامرة إيرانية في الخليج»: «قد يكون أحمدي نجاد خطط لمثل هذه الزيارة في إطار المزايدات الداخلية في إيران مع تيار المحافظين والمتشددين، لكنه ضرب بعرض الحائط واقع أن الجزيرة موضع نزاع سيادي مع دولة أخرى.
أخبارالساعة: تأكيد الأمن الخليجي الجماعي
أكدت نشرة «أخبار الساعة» أن المجلس الوزاري لدول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» قدم خلال اجتماعه الاستثنائي الـ39، الذي عقد الثلاثاء الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، دعماً مطلقاً لدولة الإمارات العربية المتحدة في موقفها العادل والحكيم والحضاري بشأن جزرها المحتلة أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وفي إدانة زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأخيرة لجزيرة أبوموسى.
وتحت عنوان «تأكيد الأمن الخليجي الجماعي»، قالت: إن البيان الصادر عن الاجتماع أكد العديد من الأمور المهمة التي تتعلق بموقف دول مجلس التعاون من قضية الجزر المحتلة من ناحية ورؤيته لمسألة الأمن الخليجي الجماعي من ناحية أخرى.
موضحة أن أول هذه الأمور أن زيارة الرئيس الإيراني انتهاك صارخ لسيادة دولة الإمارات على أرضها وعمل استفزازي يتعارض مع سياسة حسن الجوار التي تنتهجها دول «التعاون» في التعامل مع إيران ومع المساعي السلمية التي بذلت وتبذل لحل قضية الجزر من دون أن تلقى تجاوباً من طهران.
وأوضحت النشرة، التي يصدرها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن الأمر الثاني دعم دول «التعاون» للإمارات في إدارتها للمشكلة وتعاملها معها ودعوتها الجانب الإيراني إلى التجاوب مع الدعوات الإماراتية لإيجاد حل سلمي وعادل لقضية الجزر المحتلة عن طريق المفاوضات الثنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
وبينت أن الأمر الثالث يتعلق بتأكيد الأمن الجماعي والمشترك لدول المجلس، وهذا ما وضح من إشارة البيان إلى أن الاعتداء على السيادة والتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة من دول المجلس يعدان تدخلاً واعتداء على دوله كافة، موضحة أن هذا ينطوي على رسالة مهمة هي أن «التعاون» منظمة إقليمية متماسكة وقادرة على الدفاع عن سيادة أعضائها ومصالحهم في مواجهة أي أخطار داخلية أو خارجية، بما خطته من خطوات نوعية متميزة على طريق التكامل في المجالات المختلفة، وما تتطلع إليه من الانتقال من «مرحلة التكامل» إلى «مرحلة الوحدة».
واعتبرت أن الأمر الرابع الذي أكده البيان الختامي للاجتماع الخليجي أن زيارة نجاد لا يمكنها تغيير الحقائق التاريخية والقانونية التي تجمع على تأكيد سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها المحتلة.
