خرجت تظاهرات عارمة في عدة مدن سورية أمس تزامناً مع جولة وفد المراقبين الأمميين الى سوريا، والذي وصل الى دمشق وريفها، حيث أطلقت قوات الأمن النار على متظاهرين في مدينة عربين، في حين سقط عشرات القتلى بنيران قوات النظام، في وقت حدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم دولاً سماها «محايدة» يمكن ان تنتدب مبعوثين في الفريق الأممي، مثل روسيا والصين، بحسبه، فيما نفى الفريق توقيع بروتوكول مع الحكومة السورية حول عمل البعثة.
وقال ناشطون إن 32 شخصاً قتلوا أمس برصاص القوات الموالية للنظام، معظمهم في حمص في اليوم الثالث لوصول المراقبين الأمميين.
وقال ناشط سوري إن فريق طلائع مراقبي الأمم المتحدة شاهدوا قوات موالية للنظام تفتح النار على معارضين للنظام في مدينة عربين بريف دمشق. وأوضح الناشط هيثم العبد الله لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن المراقبين رأوا بأعينهم أن الدبابات لا تزال متمركزة في بعض المناطق، رغم أن النظام أخفى بعضاً منها قبل وصول الفريق الأممي.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان القوات النظامية اطلقت النار في عربين على تظاهرة مناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، خلال وجود المراقبين في المنطقة، ما تسبب بإصابة ثمانية اشخاص بجروح. وأظهر شريط فيديو المتظاهرين يتفرقون ويركضون بسرعة فيما سمعت في الخلفية أصوات إطلاق رصاص، من دون مشاهدة أي اثر لوفد المراقبين.
الا ان شريطاً آخر أظهر سيارة بيضاء رباعية الدفع تحمل شارة الأمم المتحدة وقد تجمع حولها وفي الشارع الذي توقفت فيه مئات الأشخاص وهم يهتفون «الشعب يريد تسليح الجيش الحر» و«ايه يللا ما منركع الا لله»، و«لا روسيا ولا الصين معنا رب العالمين».
وفي مقطع آخر، شوهد رئيس الفريق الدولي الكولونيل أحمد حميش مترجلاً ومتجهاً الى سيارة الأمم المتحدة، بينما الناس يحيطون به ويحاولون اعتراضه ويتحدثون اليه، من دون ان يرد عليهم، ثم يصعد حميش في السيارة التي تلتصق بها الحشود وبينهم من يحمل «أعلام الثورة» ويصر على التكلم مع المراقبين.
وألصق المتظاهرون ورقة كبيرة زهرية اللون على السيارة من الخلف كتب عليها: «السفاح مستمر بالقتل، المراقبون مستمرون بالمراقبة، والشعب مستمر بثورته». كما زار وفد المراقبين أيضاً حي جوبر في دمشق، بحسب ما ذكرت لجان التنسيق المحلية.
نفي البروتوكول
من جهة أخرى نفى رئيس فرقة المراقبين الدوليين في سوريا العقيد المغربي أحمد حميش، توقيع بروتوكول مع الحكومة السورية حول عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، موضحاً أن «القرار الدولي 2042 لا ينص على توقيع البروتوكول». في رد على الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي الذي صرح بأنه نه تم الاتفاق على نحو 90 بالمئة من بنودالبروتوكول.
وأضاف حميش في تصريح للصحافيين «لدينا لقاءات مع المسؤولين السوريين، لتشكيل ارتباط معهم ومع القوات السورية، وسنحاول الربط مع كل الجهات الأخرى لأن مهمتنا هي مهمة تقنية وهي الربط مع الجميع وهذا ما نصّت عليه الفقرة السابعة من القرار الأممي رقم 2042».
جرأة إضافية
وأفادت تقارير أن المحتجين تلقوا جرعة إضافية من الجرأة بسبب وجود المراقبين في سوريا وكثفوا من تظاهراتهم في معظم المدن والقرى. وشهدت العاصمة دمشق خروج مظاهرة نظمها اتحاد شباب دمشق للتغيير بالقرب من وزارة الأوقاف على الطريق الممتد بين ساحة الشهبندر وساحة الميسات وعلى بعد امتار من وزارة التربية وسط دمشق. وذكرت لجان التنسيق المحلية ان مجموعة من المتظاهرين قامت بقطع الطريق بالاطارات المشتعلة، وهي خطوة متقدمة قياساً للانتشار الأمني غير المسبوق في أحياء دمشق. كما سارت مظاهرة طلابية في حي المنصور.
كما شنت قوات الأمن حملة مداهمات في حي الحجر الأسود طالت اكثر من 37 شخصاً، فيما تظاهر مئات السوريين في حي السيدة زينب في ريف دمشق احتجاجاً على المواقف الدولية المخيبة من الثورة. وفي مدينة الرحيبة، قامت قوات موالية للنظام بمحاصرة مشيعي احد القتلى واعتقلت 60 شخصاً.
تظاهرات ودبابات
ورغم وجود الدبابات على اطراف مدينة تل رفعت في ريف حلب، إلا أن نحو ألفي شخص تظاهروا فيها مطالبين لجنة المراقبين بالتوجه إلى منطقتهم «المنكوبة»، وفي حلب خرجت تظاهرة في حي الإذاعة «تهتف للشهداء وإسقاط النظام المجرم»، بحسب ناشطين.
وفي ادلب، خرجت سلسلة مظاهرات تندد باستمرار العنف وتطالب بإسقاط النظام أبرزها في بلدتي الركايا والتمانغة. وأظهر شريط فيديو مقتطفات من مظاهرة في بلدة إبطع في محافظة درعا مع «علم ثورة» ضخم معلق في الساحة التي حصل فيها التجمع، ومئات الأشخاص متحلقين دوائر يصفقون ويهتفون للحرية. وحمل متظاهرون في بلدة عتمان في درعا لافتة كتب عليها «قسما لن نتراجع لو تآمر علينا العالم كله».
قصف على حمص
إلى ذلك تجدد القصف صباح أمس على أحياء في مدينة حمص في وسط سوريا، بحسب ما أفادت لجان التنسيق المحلية. وقالت لجان التنسيق في بيان إنّ «القصف العشوائي تجدد صباحاً على منازل المدنيين في أنحاء الخالدية والبياضة»، مشيرة إلى «قصف عنيف» أيضاً «على حيي جورة الشياح والقرابيص يترافق مع اطلاق نار كثيف و تحليق طيران استطلاع».
وتعرضت أحياء في مدينة حمص في وسط سوريا مجدداً للقصف صباح أمس، ما تسبب بمقتل شخصين في حي الخالدية، بحسب المرصد السوري. واظهر شريط فيديو عن حي الخالدية في حمص وزعه ناشطون على شبكة الانترنت دخاناً كثيفاً يرتفع من اماكن مختلفة من الحي بعد وقوع انفجارات ضخمة. كما تمكن مشاهدة حريق يندلع في احد الابنية بعد سقوط قذيفة عليه. ويسأل صوت مسجل على الشريط «أين المراقبون؟ أين أنت يا كوفي أنان؟».
تطورات إدلب
أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن مقتل شخص في بلدة كنصفرة بريف ادلب في اطلاق رصاص من «القوات النظامية السورية التي تنفذ حملة مداهمات في البلدة». وأضاف المرصد السوري أن سبعة جنود سوريين لقوا حتفهم أيضاً إثر انفجار عبوة ناسفة في مدينة إدلب.
وقال المرصد، الذي يتخذ من لندن مقراً له، في بيان وصل وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «قتل سبعة من القوات النظامية السورية إثر انفجار عبوة ناسفة بالية عسكرية كانت تقلهم عند مدخل مدينة إدلب». دول محايدة
قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي عقد في بكين، إنه يجب اختيار المراقبين مما وصفها بدول «محايدة»، مثل: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا، وكلها متعاطفة مع نظام الأسد أكثر من الدول الغربية والعربية.
وأضاف المعلم القول رداً على تصريحات بشأن استخدام طائرات مروحية في عمل المراقبين: «نحن لا نعلم لماذا يريدون استخدام سلاح الطيران.. ومع ذلك إذا كان هناك حاجة في مثل ذلك فنحن على استعداد لاستخدام السلاح الجوي السوري تحت تصرفها».
