انخفضت حدة المعارك على الحدود بين دولتي السودان أمس، في وقت اشترطت جوبا إرسال قوات دولية من الأمم المتحدة تعمل كقوات فصل من أجل الانسحاب من منطقة هغليغ النفطية، في حين أطلقت مصر مساعي للتهدئة بين الجانبين.
وأكدت مندوبة جنوب السودان لدى الأمم المتحدة أنياس أوسواها في تصريحات، امس، أن بلادها «مستعدة لسحب قواتها من هغليغ أو سواها شرط وضع آلية لضمان ألا تكون المنطقة بمثابة نقطة لشن هجمات تستهدف جنوب السودان». كما أكدت على «ضرورة نشر قوة دولية محايدة في هيغليغ إلى حين التوصل إلى تسوية».
وبالتزامن، قال بيان رئاسي أعلن في سفارة جنوب السودان في نيروبي: «يمكن أن يحدث مثل هذا الانسحاب إذا التزمت الأمم المتحدة بنشر قوات محايدة في هغليغ، يمكنها أن تظل بالمنطقة إلى حين التوصل لتسوية بين الطرفين». في المقابل، أكد مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة دفع الله الحاج علي عثمان، أن دولة الجنوب «هي التي بدأت بالعدوان»، مضيفاً ان الخرطوم «ستلاحق المعتدين داخل جنوب السودان إذا لزم الأمر».
هدوء حذر
وفي غضون ذلك، انخفضت حدة المعارك على الحدود بين الدولتين. وقال وزير الاعلام في ولاية الوحدة التابعة لجنوب السودان غيديون غاتبان: «تبدو الامور هادئة حتى الآن، ولم ترد تقارير عن عمليات قصف». واضاف من مدينة بنتيو عاصمة ولاية الوحدة: «لا نزال نراقب الاجواء تحسبا لوقوع هجمات جديدة». وقال سعد «لا توجد انباء جديدة عن هغليغ».
وساطة مصرية
ودخلت مصر على خط الوساطة بين الطرفين، حيث أجرى وزير الخارجية المصري محمد عمرو، اتصالا بنظيره السوداني علي كرتي للوقوف على تطورات الأوضاع. وقال بيان صدر عن الخارجية المصرية إن عمرو أكد خلال الاتصال
أهمية التزام التهدئة من الجانبين والاعتماد على الحوار بعيدا عن التصعيد العسكري في المناطق الحدودية. وأوضح عمرو أن مصر تبذل مساعيها لنزع فتيل الأزمة الحالية ومساعدة الطرفين على العودة إلى مائدة المفاوضات، والالتزام بالاتفاقيات القائمة بينهما واحترام الحدود بين البلدين.
مواقف دولية
وفي بروكسل، اكدت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون ان احتلال جنوب السودان للمنطقة «غير مقبول». وقالت ان «القرار الذي اتخذته القوات المسلحة لجنوب السودان باحتلالها غير مقبول اطلاقا». واعربت اشتون عن اسفها ايضا لقصف طائرات الخرطوم لاراض في الجنوب، مؤكدة انها «تشعر بقلق عميق من تصاعد النزاع المسلح على الحدود» بين السودانين. وفي السياق ذاته، شجب الاتحاد الافريقي احتلال جنوب السودان هغليغ النفطية ووصفه بأنه «غير قانوني». وحض خصمي الحرب الاهلية السابقة على تفادي حرب «كارثية».
وقال مفوض مجلس السلام والامن في الاتحاد رامتان لامامرا، ان المجلس يطالب بـ«انسحاب فوري غير مشروط» لقوات جنوب السودان من المنطقة. وقال للصحافيين في أعقاب اجتماع عقد الليلة قبل الماضية: «المجلس مستاء من احتلال القوات المسلحة لجنوب السودان غير القانوني وغير المقبول لهغليغ، الواقعة الى الشمال من خط الحدود الذي اتفق عليه في الاول من يناير 1956».
وفيما طالب مجلس الامن والاتحاد الافريقي بسحب قوات جنوب السودان من هذه المنطقة الحدودية والنفطية، دعت الدول الثماني الى ضبط النفس بعد موجة من القتال العنيف اندلعت الثلاثاء. واعرب وزراء خارجية مجموعة الثماني عن قلقهم بشأن الاشتباكات بين البلدين ودعوهما الى ممارسة «اقصى درجات ضبط النفس» وحماية المدنيين. كما اعربوا عن القلق بشأن تدهور الوضع الانساني في الولايات الحدودية السودانية، «مجددين الضرورة الملحة لتقديم المساعدات الانسانية بما ينسجم مع القانون الدولي والمبادئ التي تحكم المساعدات الانسانية الطارئة».
مخاوف حرب
واثارت الاشتباكات العنيفة التي تعد الاسوأ منذ حصول جنوب السودان على استقلاله في يوليو الماضي بعد اطول حرب اهلية تشهدها افريقيا، مخاوف من اقتراب البلدين العدوين السابقين من العودة الى الحرب الشاملة.
ويعد استيلاء قوات جنوب السودان على منطقة هغليغ نكسة اقتصادية للخرطوم؛ نظرا لانها تحتوي على نحو نصف انتاجها من النفط الخام.
كما تعد هزيمة جيش الخرطوم في مواجهة جيش جنوب السودان صفعة قوية لكرامة جيش الخرطوم. (أ ف ب) معارك جنوبي كردفان خلفت دماراً وحرائق
خلف الهجوم العنيف الذي شنه المتمردون على ضاحية تلودي بمنطقة جنوبي كردفان السودانية النفطية مطلع ابريل الجاري دماراً كبيراً مع الأسرة المحروقة وسقوف القش والصفيح المنهارة والأواني المنزلية المحطمة.
فقد شنت القوات المتمردة هذا الهجوم بدعم من جنوب السودان، كما تقول السلطات السودانية التي واكبت الصحافيين حتى هذه المنطقة التي تبعد خمسين كيلومتراً عن الحدود، والتي كانت واحدة من الزيارات الصحافية النادرة التي يسمح بها لهذه المنطقة الحدودية بين السودان وجنوب السودان.
وقالت وزيرة الدولة في وزارة الإعلام والاتصالات سناء حمد التي رافقت الصحافيين: «يبدو أن امرأتين مسنتين أصيبتا».
ولا تسمح الخرطوم بإجراء تحقيقات صحافية مستقلة في جنوبي كردفان، آخر ولاية نفطية في السودان منذ انفصال جنوب السودان، والتي تشهد منذ يونيو الماضي مواجهات أسفرت عن مئات القتلى بين الجيش السوداني ومقاتلي «الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال».
وبسبب القيود المفروضة على الصحافيين والدبلوماسيين والعاملين في المجال الإنساني، من الصعوبة بمكان معرفة أطراف النزاع وتقويم كثافة المعارك.
وفي المحطة الكهربائية المحلية الصغيرة، أشار مسؤولون إلى خزاني الوقود اللذين اكتسيا بالسواد جراء النيران بعدما أصيب أحدهما بقذيفة خلفت حفرة يبلغ قطرها 30 سنتيمتراً.
وعلى هذه الطريق، يدل أحد الأشخاص بإصبعه إلى ما يشبه عش دجاج ويستخرج منه شظيتين تؤكدان كما قال أن قذيفة قد انفجرت في هذا المكان.
وفتحت السوق من جديد متاجرها التي يؤمها خصوصاً الجنود. وقال تاجر عبر مترجم رسمي إنه «عاد قبل ثلاثة أيام» بعدما فر من أعمال العنف.
وأكدت السلطات المحلية أن السكان الذين فروا من المعارك يعودون، وأنها لا تحتاج خطة مساعدة دولية لتقديم المواد الغذائية في المنطقة.
