أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية د. عبداللطيف بن راشد الزياني أن تحصين دول مجلس التعاون الخليجي ضد كل التهديدات التي تواجهها، يأتي في مقدمة الأهداف الاستراتيجية التي تسعى دول المجلس إلى تحقيقها. وأكد أن المجلس يعتمد في تحقيق أمنه وصيانة أراضيه على النهج الدفاعي.
وأشار الزياني، في كلمة ألقاها خلال افتتاح أعمال الدورة الثالثة لمؤتمر الشرق الأوسط للدفاع الصاروخي والجوي برعاية القيادة العامة للقوات المسلحة الذي عقد في نادي ضباط القوات المسلحة بأبوظبي، إلى أن هذا الهدف يرتبط بكافة التهديدات وجميع الأعمال العدائية الخارجية والداخلية مثل العدوان الخارجي والإرهاب والجريمة المنظمة.
وقال الزياني إن دول المجلس تسعى إلى تحقيق عدد من الأهداف الإستراتيجية الرئيسة؛ من أجل التغلب على التحديات التي تواجهها وتحقيق الرؤية الخليجية المشتركة وفي مقدمتها تحصين دول المجلس ضد كل التهديدات وزيادة النمو الاقتصادي والحفاظ على مستوى عال من التنمية البشرية، وتبني استراتيجيات متكاملة للمخاطر وإدارة الأزمات
وتعزيز المكانة الدولية لمجلس التعاون. وأضاف إن الإرادة السياسية القوية التي يتحلى بها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، كان لها الدور الأساسي في انطلاق مسيرة التعاون الخليجي وتحقيق العديد من الانجازات والمشاريع الاستراتيجية التكاملية.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون إن دول المجلس تواجه تحديات عديدة لكنها تعتبر تلك التحديات فرصا لتعزيز التعاون المشترك بين الدول الأعضاء وكذلك مع الدول والتكتلات الإقليمية والدولية. وتابع القول إن مجلس التعاون جزء لا يتجزأ من العالم العربي والإسلامي ويحتل موقعا استراتيجياً مهماً في منطقة حساسة ومضطربة، وهو اليوم في موقف قوي يمكنه من المساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة الخليج والوطن العربي والشرق الأوسط.
وأكد على أن المجلس يعتمد في تحقيق أمنه وصيانة أراضيه على النهج الدفاعي وهو نهج مستمد من التراث والحضارة والعقيدة الإسلامية التي ترتكز على السلام والتسامح وعدم الاعتداء على الغير وأن أي تهديد أو استعمال للقوة ضد أي دولة من دول الأعضاء يعتبر عدوانا على جميع الدول الأعضاء.
وكانت أعمال مؤتمر الشرق الأوسط للدفاع الصاروخي والجوي (ماميد 2012) والذي نظمته مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (إينجما)، برعاية القيادة العامة للقوات المسلحة وبدعم من القوات الجوية والدفاع الجوي، بدأت بحفل الافتتاح الذي حضره الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة والفريق ركن بحري مارك فوكس قائد الأسطول الخامس وقائد القوات البحرية في القيادة المركزية الأميركية والفريق باتريك أوريللي قائد وكالة الدفاع الصاروخي في الولايات المتحدة الأميركية واللواء الركن طيار محمد بن سويدان سعيد القمزي قائد القوات الجوية والدفاع الجوي واللواء متقاعد خالد عبدالله البوعينين رئيس إينجما وكبار ضباط القوات المسلحة وعدد من القيادات العسكرية والسياسية والدبلوماسية من الدول العربية والاجنبية.
وفي بداية الجلسة الافتتاحية رحب الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (إينجما) رياض قهوجي بالحضور، شاكرا القوات المسلحة الإماراتية والقوات الجوية وقيادة الدفاع الجوي على دعمها لمؤتمر الشرق الأوسط للدفاع الصاروخي والجوي.
أولويات دفاعية
وقال قهوجي إن الدفاع الجوي والصاروخي يشكل قدرات أساسية يجب أن تكون على رأس قائمة أولويات جميع الجيوش الحديثة، وليس خافيا إن كان احتمال وقوع مواجهة عسكرية في المنطقة واردا فإن الصواريخ البالستية والجوالة ستشكل التهديد الأهم لدول الخليج العربية، وإن قدرة هذه الصواريخ التي تحمل رؤوسا حربية غير تقليدية ترفع مستوى التهديد ليكون هدفا حتميا واستراتيجيا. وأضاف انه «تماشيا مع رسالتها اختارت مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري موضوع الدفاع الصاروخي باعتباره الموضوع الرئيس لسلسلة المؤتمرات التي تنظمها المؤسسة؛ وذلك تقديرا منها لما يشكله هذا الموضوع من أهمية لدى الجيوش الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص.
تهديد متزايد
وألقى العميد الركن ماجد النعيمي ممثلاً عن القوات المسلحة الكلمة الترحيبية، التي أشار فيها إلى أن التهديد الصاروخي لدول مجلس التعاون الخليجي يشكل تهديدا كبيرا ومتزايدا وكدليل على ذلك فإن نظام سي. فور
أي.اس.آر المتكامل سيجمع كل هذه المكونات وان التعاون المشترك ما بين الولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة إضافة إلى التعاون الإقليمي هو بمثابة مفتاح لموضوع التكامل المستقبلي.
كما ألقى مدير وكالة الدفاع الصاروخي في الولايات المتحدة الأميركية الفريق باتريك أوريللي، كلمة اشار فيها إلى أن تهديد الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى هو التهديد التقليدي الأكبر في يومنا هذا، وان قيمة الاستشعار أمر مهم لمكافحة الحرائق وهو الأساس لدفاع صاروخي جيد.
شرح أميركي
بدأت بعد ذلك أولى جلسات المؤتمر وترأسها نائب الرئيس لتطوير الأعمال العالمية لدى شركة لوكهيد أورفيل برينس وتحدث فيها الفريق ديفيد غولدفين قائد القوات الجوية في القيادة المركزية الأميركية، الذي استطلع الدور الأميركي في الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل، وقدم شرحا عن مركز الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل الذي ينظم مؤتمرات أكاديمية تخص الدفاع الجوي والصاروخي، ويقوم بتوفير مختبر خاص بالمعارك يمكن المشاركين من إجراء التمارين اللازمة على أرض الواقع. وأضاف غولدفين إنه من حيث عملية التنفيذ كفريق متكامل علينا أن نبني وننفذ معا أوامر دفاع جوية فعالة وإنشاء نظام اتصالات مرتبط بالقيادات العليا بهدف التقييم والتنفيذ.
وكان من بين المتحدثين اللواء متقاعد خالد عبدالله البوعينين القائد السابق للقوات الجوية والدفاع الجوي في دولة الإمارات ورئيس إينجما، وتناول موضوع تحديات دول مجلس التعاون الخليجي ضد تهديدات الرحلات البحرية والصواريخ البالستية.
وبدأ اللواء البوعينين محاضرته باستعراض تهديدات الصواريخ البالستية والجوالة ضد دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى فترة الاستجابة الزمنية القصيرة اللازمة للتصدي لتلك الصواريخ التي باتت أكثر تطورا وحداثة ودقة. وأشار إلى ضرورة حماية العديد من المرافئ الحيوية وتوسيع اتفاق دفاع لدول مجلس التعاون الخليجي وتحسين قدراتها الدفاعية الصاروخية.
وتناول المتحدث الأخير في هذه الجلسة قائد وكالة الدفاع الصاروخي في الولايات المتحدة الأميركية الفريق باتريك أوريللي النظرة العامة لدفاع الصواريخ البالستية، موضحاً أن انتشار الصواريخ البالستية هو التهديد
المتنامي الحالي والمستقبلي وقال إن هناك أدلة متزايدة من السفن المعادية على بعد ثلاثة آلاف كيلومتر، وهو اتجاه مثير للقلق وهناك أيضا قلق حول أمن هذه الأسلحة وحقيقة إمكانية سرقتها.
فلسفة الدفاع في العمق
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها اللواء خالد عبدالله البوعينين، تحدث الفريق ركن بحري مارك فوكس قائد الأسطول الخامس وقائد القوات البحرية في القيادة المركزية الأميركية مسلطا الضوء على موضوع الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل. وقال: «لدينا تقدير لحجم المخاطر التي تشكلها الصواريخ وإن الفلسفة الأساسية التي نعتمدها هي الدفاع في العمق لاستخدام جميع العناصر لاستهداف وتدمير أكبر عدد ممكن من المكونات الواردة والمتحركة، وفقط من خلال منظومة الصواريخ إيجيس تقوم البحرية الأميركية بدعم جميع خصائص الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل».
ومن المتحدثين أيضا العميد مهندس جان لوك كومبريسون مدير وكالة المشتريات الدفاعية الفرنسية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي قدم مداخلة حول التحديات الناشئة عن الصواريخ البالستية التكتيكية والتدابير المضادة، وقال إن برنامج الإنذار الفرنسي المبكر ونظم أستر يمثلان حلولا فعالة من حيث التكلفة تستند إلى هندسات مرنة وقابلة للتشغيل المتبادل، كما أنها ستوفر قدرات ذاتية ومستقلة تتكيف مع التهديد الحالي والمستقبلي خصوصا في منطقة الخليج».
وفي ختام الجلسة تحدث اللواء غاري تشيك نائب القائد في القيادة المركزية الوسطى للجيش الأميركي، متناولا موضوع ضبط القيادة وإدارة ومراقبة المعارك وقدم عرضا تحدث فيه عن التخطيط والتمارين اللازمة لوضع خطة حربية قتالية مشتركة، على أن تطبق لاحقا بمشاركة كاملة من قبل جميع الشركاء. وأضاف: يمكننا التواصل وتبادل البيانات التشغيلية وتمرير أهداف معينة بين الأنظمة والمنظمات والأمم.
استكمال
من المقرر أن يواصل المؤتمر أعماله اليوم بعقد جلستي عمل وورشتي عمل مغلقتين؛ الأولى بعنوان الدفاع الجوي والصاروخي الطبقي المدمج والثانية الهندسة المسرحية الإقليمية والعالمية.
