بعد حالة الشد والجذب بين الإسلاميين ومختلف الأطراف الفاعلة على الساحة السياسية في مصر حول لجنة صوغ الدستور المصري الجديد وانسحاب معظم التيارات منها، أصدر القضاء الإداري المصري أمس قرارًا ببطلان تشكيل اللجنة التأسيسية (لجنة الـ 100) في ضربة قاسية تلقاها الإسلاميون.. ما أشاع ترحيباً واسعاً من القوى السياسية ومن الشارع المصري نفسه في وقت يواجه فلول النظام السابق ورموزه خطر الإقصاء من السباق الرئاسي بعد إقرار اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشعب على مشروع قانون يمنعهم من تولي أية مناصب قيادية.

وقضت محكمة القضاء الإداري ببطلان تشكيل اللجنة التأسيسية، التي يهيمن عليها الإسلاميون، في ما يعد انتكاسة سياسية لجماعة الإخوان المسلمين وأول انتصار لليبراليين واليسار منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير 2011. وأعلنت المحكمة في منطوق حكمها أنها «قررت وقف قرار تشكيل اللجنة التأسيسية»، وهو حكم واجب النفاذ على الفور حتى لو تم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا.

 

انتصار للحقيقة

وفور الإعلان عن بطلان تشكيل اللجنة التأسيسية سادت حالة من الفرح والارتياح سواء عند القوى السياسية أم لدى الشارع المصري بشكل عام.

في هذا الصدد، وصفت الناطقة الإعلامية باسم الحزب المصري الديمقراطي هالة مصطفى قرار المحكمة بأنه جاء انتصارًا للحقيقة؛ ولأن الدستور ثابت والأغلبية البرلمانية متغيرة، ولا يحق لها أن تحتكر وضع الدستور، بما يعطي لها مزايا إضافية، ويفرض أجندتها على الجمعية، دون الالتفات لرغبات المجتمع، وكافة فئاته.

ووصف مراقبون قرار بطلان تأسيسية الدستور على أنه «أول هزيمة للإسلاميين»، والذين لم يتلقوا أية ضربات أو هزائم منذ الاستفتاء الذي تم على الإعلان الدستوري في 9 مارس 2011 وحتى الآن، وفازوا بعدها بأغلبية البرلمان، وفرضوا أجندتهم وكلمتهم العليا على الساحة السياسية، وجاء حكم المحكمة بمثابة وقع «النكسة» عليهم، خاصة أن من شأنه إيقاف أو تغيير مسار طموحاتهم في الدستور، بعد اهتمامهم البارز به.

 

إخراس للألسنة

من جهته، وصف مجلس أمناء الثورة حكم المحكمة على أنه أبعد أية اتهامات للدستور الجديد بأنه غير توافقي، وأخرس الألسنة التي كانت تشكك في مدى مصداقية ونزاهة القضاء المصري، مشيدًا بالقرار باعتباره أعاد الحق للقوى والتيارات السياسية المختلفة، خاصة أن الدستور لابد أن يمثل الجميع، دون الاقتصار على الإسلاميين.

 

حجب رموز النظام السابق

على صعيد آخر، وافقت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشعب (البرلمان) على مشروع قانون بمنع رموز النظام السابق من تولي أية مناصب قيادية في الدولة.

وأكد أعضاء اللجنة خلال جلسة عُقدت أمس أنه من غير المنطقي أن تتولى قيادات النظام السابق الذي ثار عليه الشعب المصري في 25 يناير 2011 مناصب قيادية وأن يترشح بعضهم لانتخابات رئاسة الجمهورية.

ومن المقرَّر أن يُعرض مشروع القانون على مجلس الشعب بكامل هيئاته بوقت لاحق للتصويت عليه.

ومن شأن إقرار مجلس الشعب المصري لمشروع القانون المُشار إليه ليصير «نافذاً» أن يُحرم عدد من أعضاء ورموز النظام السابق أبرزهم نائب الرئيس السابق اللواء عمر سليمان ورئيس الوزراء الأسبق والفريق أحمد شفيق من خوض سباق انتخابات الرئاسة.. وسط جدل وعدم وضوح حيال استهداف القانون وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى، في ظل تسريبات على أن ديباجة القانون تنص على حجب الذين عملوا في النظام خلال السنوات الخمس الماضية عن المواقع القيادية المستقبلية.

وفي حين يواجه رموز النظام السابق خطر الإبعاد من المنافسة على كرسي الرئاسة أكد المجلس العسكري مجدداً أن القوات المسلحة تقف على مسافة واحدة من الجميع، وأنها لا تدعم أو تساند أحدًا من مرشحي الرئاسة، منتقدًا وسائل الإعلام التي تزج باسم القوات المسلحة في بعض هذه الصراعات.