وقعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن التونسية، وآلاف المتظاهرين الذين كسروا فرض حظر التجول في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، وخرجوا لإحياء ذكرى «عيد الشهداء»، فيما استخدمت قوات مكافحة الشغب القنابل المسيلة للدموع والهراوات لتفريقهم، في وقت هدد اتحاد تونس العام للشغل بإضراب عام رداً على تعرض عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد للعنف في التظاهرات.
وفي سابقة هي الثانية من نوعها في أقل من 48 ساعة، استخدمت قوات الأمن التونسية القنابل المسيلة للدموع والهراوات لتفريق المشاركين في التظاهرة، معيدة إلى الأذهان الممارسات القمعية التي كانت سائدة خلال فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وتحتفل تونس في 9 إبريل من كل عام بعيد الشهداء الذي يأتي تخليداً لذكرى سقوط العشرات من التونسيين برصاص جنود الاحتلال الفرنسي خلال تظاهرة وسط العاصمة نُظمت في 9 إبريل من العام 1938، للمطالبة بالحرية وببرلمان تونسي.
وانطلقت تظاهرت الأمس، التي شارك فيها الآلاف من أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، رافعين الأعلام التونسية وشعارات منها «أوفياء أوفياء لدماء الشهداء». وتمكن المشاركون من الاقتراب من حاجز أمني على مقربة من مقر وزارة الداخلية، لكن قوات الأمن تدخلت بعنف شديد، حيث تم استخدام القنابل المسيلة للدموع بكثافة إلى جانب ضرب المتظاهرين بالهراوات والعصي الكهربائية.
وبحسب شهود عيان تعرض عدد من الصحافيين والسياسيين لاعتداءات جسدية ولفظية منهم أمين عام حزب المجد عبدالوهاب الهاني إلى جانب معاينة وجود عدد من «المدنيين الملتحين الذين يساعدون رجال الأمن في تصديهم للمتظاهرين».
وأفاد شهود العيان أن عدداً من ضباط الأمن لدى سؤالهم عن هؤلاء المدنيين، أنهم «لا ينتمون إلى قوات الأمن»، فيما أجمع عدد من المتظاهرين على أنهم يتبعون «حركة النهضة الإسلامية».
من جهته، قال الأمين العام للحزب اليساري محمد الكيلاني لـ«البيان» إن ما جرى «يمثل منعطفاً خطيراً في الحياة السياسية بعد الثورة»، مشيرا إلى أن تلك الممارسات والاعتداء على متظاهرين سلميين «يذكرنا بممارسات العهد البائد».
وفي خطوة لافتة، هدد الامين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي، والذي يعد أكبر وأعرق منظمة نقابية، بإضراب وطني عام رداً على تعرض عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الى التعنيف في تظاهرات أمس. وقالت مصادر نقابية ان النقابيين المعتدى عليهم نقلوا الى المستشفى وان قوات الامن ألقت القبض على سبعة آخرين.
وبينما قال الامين العام للاتحاد التونسي للطلبة عزالدين زعتور إن الاعتداءات على المتظاهرين كانت من قبل قوات الأمن مدعومة بعناصر من حركة النهضة، نفى القيادي في حركة النهضة العجمي الوريمي أن تكون عناصر من حركته شاركت في قمع المتظاهرين. وقال: إن ما جرى بسبب تعمد بعض الاطراف اختراق القانون وتجاوز قرار وزارة الداخلية بمنع التــظاهرات والمسيرات في شارع الحبيب بورقيبة.
وأكدت وزارة الداخلية أنها مصممة على منع المتظاهرين من التجمهر وسط شارع الحبيب بورقيبة. وقالت الوزارة: إن هذه التظاهرة «لم تحصل على ترخيص قانوني، كما أنها لن تتراجع عن قرارها المتعلق بمنع كل أشكال التظاهرات وسط شارع الحبيب بورقيبة الذي كانت اتخذته في وقت سابق».

