شهدت التطورات الميدانية في سوريا أمس منحى جديداً تمثل بسقوط قتيلين على الحدود التركية عندما فتحت القوات السورية النار على رعاياها ممن كانوا يحاولون اللجوء إلى تركيا، تزامناً مع اشتباكات مع الجيش الحر قرب معبر إعزاز على الحدود التركية السورية انتهت بستة قتلى من الجيش النظامي، فيما وصلت عمليات «الحر» مع القوات الحكومية إلى مدينة حلب، مع تواصل القصف المكثف لجنود الرئيس بشار الأسد على مدينة تل رفعت بريفها، ليسقط 100 قتيل في حصيلة دموية جديدة، كان من ضمنها 30 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال بقصف الجيش النظامي لبلدة في محافظة حماة، عشية انتهاء مهلة خطة المبعوث الدولي كوفي أنان اليوم الثلاثاء.
وقال ناشطون وحقوقيون وشهود عيان ان 100 سوري قتلوا أمس، معظمهم في حلب وريفها، بقصف القوات النظامية على مختلف المدن واشتباكات مع جنود منشقين. وقتل 10 من قوات الأمن وأصيب 11 برصاص الجيش الحر في حي السكري بمدينة حلب، على خلفية قيام عناصر الأمن بإطلاق الرصاص على تظاهرة ليلية.
وذكر شهود عيان أن «جنوداً منشقين كمنوا لعناصر من الأمن في حي السكري ما أدى إلى مقتل تسعة منهم وضابط برتبة ملازم أول، كما أصيب 11 عنصر أمن بجروح».
وفي ريف حلب، أفاد الناطق باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي في اتصال مع وكالة «فرانس برس» بـ«تواصل القصف على مدينة تل رفعت التي تحيط بها حشود عسكرية كبيرة لليوم الثاني على التوالي تمهيداً لاقتحامها»، مشيراً إلى «حالة دمار لا يمكن وصفها في المدينة».
وبث ناشطون سوريون على الإنترنت صوراً قالوا إنها لتعرض تل رفعت لقصف عنيف من قبل القوات التابعة للنظام السوري، استخدمت فيه الطائرات والدبابات. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من البلدة، كما سمعت أصوات انفجارات. وقال الناشطون إن عدداً كبيراً من المباني هدم، في وقت قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن 30 قتيلاً سقطوا في تل رفعت.
تصعيد حدودي
وفي تطور لافت، قتل شخصان وأصيب 15 بجروح جراء إطلاق قوات سورية النار باتجاه الحدود التركية - السورية. ونقلت وكالة «الأناضول» التركية شبه الرسمية عن مسؤول القطاع الصحي في مدينة كيليس بمحافظة غازي عنتاب جنوب غربي تركيا يمليها أكسوي قوله إن عدد الجرحى «بلغ 17 شخصاً توفي اثنان منهم متأثرين بجراحهما في مستشفى كيليس الحكومي».
وأشار أكسوي إلى أن «العديد من سيارات الإسعاف كانت تنتظر على الحدود السورية - التركية لتقديم العلاج للجرحى الذين تم نقلهم إلى مستشفيات مدينتي كيليس وغازي عنتاب». وكانت الوكالة التركية نفسها ذكرت في وقت سابق أن 10 أشخاص، بينهم امرأة تركية، جرحوا عندما فتحت القوات السورية النار على مواطنين سوريين كانوا يحاولون العبور إلى تركيا للجوء فيها.
وذكرت أن المرأة كانت تعمل في مخيّم اللاجئين في كيليس. أما صحيفة «زمان» التركية، فنقلت عن مسؤولين أتراك قولهم في وقت سابق إن ثلاثة أشخاص جرحوا بإطلاق نار للقوات السورية على مخيّم للاجئين داخل تركيا، بينهم مواطن تركي يعمل كمترجم داخل المخيّم في كيليس. وقالت وسائل إعلام تركية إن مسؤولين في وزارة الخارجية التركية اتصلوا بالقائم بالأعمال السوري في أنقرة وطلبوا منه وقف إطلاق النار «فوراً».
وعلى مقربة من الحدود التركية أيضاً، دارت اشتباكات في قرية السلامة التابعة لمدينة اعزاز أسفرت عن مقتل ستة عناصر نظاميين وجرح ثمانية منشقين جرى نقلهم عبر الحدود التركية. وقال مراسل قناة «الجزيرة» الفضائية في تركيا إن الجيش الحر حاول السيطرة على معبر إعزاز على الحدود التركية السورية، قبل أن يتراجع مجدداً، مرجحاً وصول تعزيزات للجيش النظامي. ويتوقع أن يزور أنان اليوم مخيماً للاجئين السوريين في تركيا في طريقه لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين في إيران.
دمشق وريفها
أما في العاصمة دمشق، فذكر عضو قيادة مجلس الثورة في دمشق ديب الدمشقي لـ«فرانس برس» ان تعزيزات أمنية وعناصر من الشبيحة دخلت فجراً إلى حي كفرسوسة وسط العاصمة، حيث نفذت عمليات مداهمات للبيوت واعتقلت عشرات الأشخاص، فيما أشارت مصادر هيئة الثورة السورية إلى ان دبابات تمركزت في الحي الراقي الذي يضم المقار الأمنية للمرة الأولى.
وفي ريف دمشق، قتل أربعة جنود نظاميين بانفجار عبوة ناسفة في حافلة كانت تقلهم قرب قرية كوكب في جديدة عرطوز. وأشار المرصد السوري إلى انتشار ناقلات جند مدرعة على حواجز بين مدينة داريا بريف العاصمة وحي كفرسوسة بدمشق.
قصف حمص
كما تواصلت العمليات العسكرية والأمنية للقوات النظامية والاشتباكات مع الجنود المنشقين في عدد من المدن. ففي حمص، تعرضت أحياء مدينة الرستن الخارجة عن سيطرة القوات النظامية منذ شهور، إلى قصف من قبل القوات النظامية التي تحاصرها.
وتضم مدينة الرستن عدداً كبيراً من العسكريين المنشقين عن القوات النظامية، واقتحمتها القوات النظامية قبل شهور بعد معارك عنيفة، قبل ان تخرج منها تحت ضربات المنشقين. وحاول الجيش النظامي اقتحامها مرات عدة في الأسابيع الماضية دون ان يتمكن من التقدم داخلها.
مجزرة حماة
وفي مدينة حماة، ذكر عضو المكتب الإعلامي لمجلس الثورة في حماة أبو غازي الحموي ان «قوات الأمن نفذت حملة مداهمات واعتقالات في أحياء باب القبلي والبياض والشير منذ ساعات الصباح الأولى وقامت بتكسير المحال التجارية والاعتداء على منازل الناشطين على وجه الخصوص»، مضيفاً: «وصلت تعزيزات عسكرية إلى محيط مدينة كفرزيتا في ريف حماة ما يؤشر إلى إمكانية ان تكون عرضة لاقتحام القوات النظامية في الساعات المقبلة».
وقال نشطاء محليون إن قوات سورية قتلت 30 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال عندما قصفت بلدة في محافظة حماة. وأضافوا أن 17 طفلًا وثماني نساء بين القتلى في اللطامنة شمال غربي مدينة حماة.
وفي محافظة دير الزور، اقتحمت القوات النظامية قرية موحسن وسط سماع إطلاق رصاص كثيف وأصوات انفجارات. ودارت اشتباكات بين القوات النظامية وجنود منشقين في قرية البوعمر بالقرب من موحسن، فيما سمعت في مدينة دير الزور أصوات إطلاق رصاص وانفجارات. وفي محافظة درعا، مهد الثورة، قتل مدني في بلدة صيدا إثر إصابته برصاص القوات الحكومية. ونفذت قوات الأمن حملة مداهمات واعتقالات في بلدة خربة غزالة بريف درعا أسفرت عن اعتقال 16 ناشطاً.
«الحر» يلتزم
وفي سياق متصل، أعلنت «القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل» التزامها بخطة أنان ووقف إطلاق النار ابتداءً من صباح اليوم. وأعلن الناطق باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل العقيد الركن الطيار قاسم سعد الدين في بيان: «الالتزام التام» بمبادرة أنان، مستطرداً: «نحن كطرف مدافع عن هذا الشعب الأعزل، نعلن عن وقف إطلاق نار ضد جيش النظام ابتداءً من صباح العاشر من أبريل الجاري».
وأضاف: «سنحافظ على هذا الوعد إذا واظب النظام بالالتزام ببنود المبادرة». وتضم «القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل» المجالس العسكرية التي تجمع المنشقين في عدد من المحافظات وهي تعمل بالتنسيق مع المجلس العسكري في الخارج الذي يضم العميد مصطفى الشيخ والعقيد رياض الأسعد.

