تصاعدت، أمس، أحدث حلقات سلسلة الأزمات اليمنية التي لا يبدو لها من أفق، حيث أغلق مطار صنعاء أبوابه وأجواءه بعد تهديد قائد القوات الجوية المُقال اللواء محمد صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق للرئيس السابق علي عبد الله صالح، بإسقاط أية طائرة تقلع أو تهبط في المطار، متمرداً على قرار إقالته، فيما بدأت اللجنة العسكرية مهمتها الصعبة لإقناع الأطراف المتناحرة من مسلحي القبائل والحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرّع بقيادة اللواء المنشق علي محسن الأحمر، لترك مواقعها، ورفع الحواجز ونقاط التفتيش غير النظامية المنتشرة في أنحاء العاصمة صنعاء.
فبعد ساعات من صدور قرار الرئيس عبدربّه منصور هادي بتنحية مجموعة قيادات عسكرية، أغلبها مقربة من الرئيس السابق صالح، أعلن قائد القوات الجوية المقال محمد صالح الأحمر رفضه وتمرده، وقال مسؤول رفيع في الحكومة لـ «البيان» إن «الأحمر رفض قرار هادي بإبعاده عن قيادة القوات الجوية، وتعيينه مساعداً لوزير الدفاع، وأنزل الآليات المدرعة إلى مدرج مطار صنعاء الدولي الواقع بالقرب من قيادة القوات الجوية، كما أرسل سيارات عسكرية لحصار المطار من الخارج، ما تسبب في توقف حركة الملاحة من الخامسة فجراً».
وقال مصدر عسكري إن اللواء الأحمر طلب في أمر أصدره إلى قواته «ألا يجري تنفيذ القرار الرئاسي طالما بقي وزير الدفاع محمد ناصر أحمد، ورئيس الأركان علي الأشول، في منصبيهما». كما طالب، وفق المصدر، بنفي عدد من وجوه قبيلة حاشد الكبيرة، من بينهم اللواء المنشق علي محسن الأحمر.
حصار المطار
وأفاد شهود عيان بأن «مسلحين قبليين مزوَّدين بمختلف الأسلحة حاصروا مطار صنعاء الدولي صباحاً وأغلقوه في وجه الملاحة، وأن إطلاق نار حدث على برج المراقبة، وأن مئات المسافرين عالقون في المطار بعد توقف الرحلات المغادرة والواصلة إلى مطار صنعاء». وقال مصدر ملاحي، طلب عدم الكشف عن اسمه: «لم تقلع أو تهبط أي طائرة منذ أن أطلق الأحمر تهديده ليل الجمعة». وأضاف أنه «تم إلغاء تسع رحلات دولية، وسبع رحلات داخلية، انطلاقاً من صنعاء، فيما تم توجيه ثلاث رحلات كان من المتوقع أن تهبط في صنعاء إلى مطار عدن».
تمرد ثانٍ
وفيما التزمت الحكومة اليمنية الصمت تجاه هذه الأحداث والتصريحات الخطيرة، صدر بيان لا يقل تمرداً عن تمرد الأحمر، قال فيه نائب قائد القوات الجوية العميد عبدالله الباشا إن «القوات الجوية تحترم وستنفذ القرار الصادر عن الرئيس هادي، إذا ما تم إقالة وزير الدفاع، وقائد الفرقة الأولى المدرعة اللواء علي محسن الأحمر».
وأضاف الباشا، موجهاً خطابه إلى الرئيس هادي: «إذا أردت أن تُطاع فأمر بما يُستطاع. ونشترط لتطبيق القرار إقالة وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وعلي محسن، وكذا خروج أولاد الأحمر من البلاد، ورفع الاعتصامات، ومالم يتم ذلك، فإن أي قرار لن يُنفذ».
يُذكر أن اللواء صالح الأحمر عُزل مساء الجمعة مع قائد الحرس الرئاسي اللواء طارق محمد عبد الله صالح، ابن أخ علي صالح.. كما أصدر هادي قراراً بتعيين العميد طيار راشد الجند قائداً للقوات الجوية والدفاع الجوي.
انتشار قوات
في موازاة ذلك، بدأت اللجنة العسكرية بإنزال قوات حماية أمنية في تقاطعات شوارع العاصمة، مكونة من مختلف وحدات الجيش والأمن، بهدف إقناع القوات المتحاربة والمسلحين القبليين بمغادرة المدينة.
وقال الناطق باسم اللجنة اللواء علي سعيد عبيد، في بيان صحافي، إن «قوات الحماية الأمنية مكلفة من اللجنة العسكرية للتمركز في النقاط الأمنية في أمانة العاصمة»، داعياً المواطنين والوحدات العسكرية والأمنية للتعاون مع هذه القوة، لما من شأنه ترسيخ الأمن والاستقرار في العاصمة صنعاء.
وأوضحت اللجنة العسكرية التي ستعمل ميدانياً بمشاركة الملحقين العسكريين في سفارات الدول العشر المشرفة على المبادرة الخليجية، أن مهمتها في المرحلة الأولى هي إنهاء المظاهر المسلحة من العاصمة صنعاء في مرحلتها الأولى، وإخلاء الجبال المحيطة بصنعاء من قوات الحرس التي استحدثت مواقع جديدة مع اندلاع الثورة الشبابية في فبراير من العام الماضي.
وفي ما يخص منطقتي الحصبة وصوفان، قالت مصادر إن «اللجنة العسكرية رصدت جميع المواقع والمنازل التي يوجد فيها مسلحون، أكانوا من أتباع الشيخ صادق الأحمر زعيم قبيلة حاشد، أو من أتباع الحرس الجمهوري وحزب المؤتمر الشعبي»، وأنها ستسلم كشفاً بهذه المواقع إلى الطرفين، وتطلب منهما سحب وإخلاء جميع المناطق والمنازل من المسلحين، وستشرف اللجنة على جميع أعمال الانسحابات، وستعلن مباشرة عن أي طرف لن يلتزم بقرارات اللجنة أو يعرقلها.
