أرسل النظام السوري تعزيزات عسكرية إلى العديد من المناطق الساخنة التي تشهد احتجاجات في تناقض مبكر مع المهلة التي أعلن عنها المبعوث الدولي العربي كوفي أنان بسحب النظام قواته من الشوارع بحلول العاشر من أبريل، فيما تواصلت العمليات العسكرية التي احتدت أمس في بلدة تفتناز (ريف ادلب) بعد اشتباكات عنيفة بين المنشقين والقوات النظامية التي اقتحمت البلدة، فيما دخل قصف القوات الموالية للنظام على أحياء في حمص يومه الـ24 على التوالي.
تعزيزات عسكرية
وقال ناشطون إن تعزيزات عسكرية أرسلها النظام وصلت إلى عدد من المناطق التي تشكل قواعد عسكرية محتملة للثورة مثل مدينة الزبداني في ريف دمشق، وداعل في ريف درعا، والرستن في ريف حمص أسفرت عن مقتل 31 شخصاً في عموم سوريا.
وتعرضت مدينة الرستن في ريف حمص لقصف عنيف، بحسب ما افاد جنود في الجيش السوري الحر وكالة «فرانس برس». وقال ناشطون إن القصف جزء من حملة تتعرض لها المدينة منذ ثلاثة أشهر. وذكرت تنسيقية الرستن ان قوات النظام تطوق قرى جرجيسة وحربنفسة وتومين من الجهة الشمالية لمدينة الرستن بأكثر من 30 باصا محملة بعناصر «الامن والشبيحة» و30 دبابة، مشيرة الى «حملة اعتقالات واسعة وإحراق دراجات نارية ونهب بعض المنازل والمحال التجارية».
24 يوم قصف
وفي حمص، دخل القصف على حي الحميدية وباب الدريب يومه الـ24. وقال ناشطون إن ثلاثة أشخاص قتلوا، اثنان في سقوط قذائف على حي البياضة وثالث في حي دير بعلبة في اطلاق نار من رشاشات ثقيلة. وأفادت شبكة «شام» الإخبارية بتجدد القصف بقذائف الهاون الذي يستهدف الأبنية السكنية في حي الخالدية بحمص، مع تحليق طيران استطلاع لتحديد المواقع.
سياسة التجويع
إلى ذلك، وصلت عشرات الحافلات العسكرية المحملة بعناصر الجيش الى مدينة داعل في محافظة درعا، وتلت ذلك حملة مداهمات أسفرت عن اعتقال 12 شخصا، فيما أقدمت قوات النظام على إحراق سبعة منازل في المدينة، بحسب المرصد.
وضع متوتر
وقال ناشط في درعا سيد محمود في اتصال عبر «سكايب» مع وكالة «فرانس برس» ان «الوضع متوتر جدا في داعل» منذ أول من امس، مؤكدا إرسال التعزيزات.
واضاف ان قوات النظام «في اطار سياستها الهادفة الى تجويع الناس، تهاجم المنازل وتدمر المؤن، وتدخل الى الافران وترمي عجين الخبز في الطرق»، مشيرا الى قطع التيار الكهربائي 15 ساعة في اليوم.
وكانت اشتباكات وقعت بعد منتصف الليلة قبل الماضية في مدينة انخل في درعا بين القوات النظامية ومجموعة مسلحة منشقة.
انشقاق كبير
وذكرت الشبكة السورية لحقوق الانسان أن 35 عسكريا من اللواء 61 أعلنوا انشقاقهم عن الجيش النظامي وانضمامهم للجيش الحر، أثناء مداهمة الأمن والجيش لبلدة سحم بدرعا. كما بث ناشطون على شبكة الإنترنت صورا لمظاهرة خرجت في بلدة الصورة بدرعا، استنكر الأهالي خلالها سياسة المجتمع الدولي تجاه النظام الحاكم وإعطائه المهلة تلو الأخرى.
سهل الزبداني
وفي السياق، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية في بيان أن قوات الجيش النظامي بدأت قصفا عنيفا على مدينة الزبداني في ريف دمشق، تزامنا مع وصول تعزيزات عسكرية ضخمة، وحملة مداهمات واعتقالات وتخريب للمنازل بحسب الهيئة.
وذكرت لجان التنسيق المحلية أن قوات الجيش النظامي تقوم «بتمشيط سهل مضايا بريف دمشق واعتقال عدد من الفلاحين، ويترافق ذلك مع استمرار القصف على قرية هريرة شرق بلدة مضايا وحملة المداهمات والتكسير».
قتلى في ادلب
وفي محافظة ادلب (شمال غرب)، قتل مواطنان اثر إصابتهما في إطلاق نار وقصف في بلدة تفتناز التي تدور فيها اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات مسلحة منشقة أسفرت كذلك عن مقتل أربعة جنود في ناقلتي جند تم إعطابهما. وقتل مواطن من بلدة كنصفرة في ادلب في اطلاق الرصاص عليه على طريق دمشق حلب الدولي.
تظاهرات العاصمة
في ريف دمشق، أشار المرصد الى اشتباكات وقعت فجراً بين القوات النظامية ومجموعات مسلحة منشقة في مدينة دوما.أعلن مجلس قيادة الثورة في دمشق عن خروج تظاهرة مسائية من مخيم فلسطين تطالب بإسقاط النظام، مضيفاً أن الأمن أطلق الرصاص على المتظاهرين في حي المزة بالعاصمة، وعلى تظاهرة أخرى خرجت قرب السفارة الإيرانية، عند مفرق كفر سوسة. كما سـمعت أصوات اشتباكات عنيفة في حرستا بريف دمشق، ترافقت مع دوي انفجار ضخم.
وفي محافظة حماة (وسط)، افاد المرصد بأن القوات النظامية تنفذ حملة مداهمات واعتقالات في بلدة كفرنبودة في الريف الشمالي، وحملة مداهمات واعتقالات وإحراق منازل في قرى جرجيسة وحربنفسة وتومين في الريف الجنوبي وسط أنباء عن وصول تعزيزات عسكرية كبيرة حول مدينة حماة.
وفي الأتارب بحلب، واصلت قوات الأمن والجيش النظامي قصف المنازل منذ منتصف الليل بقذائف الدبابات والرشاشات الثقيلة.
المنشقون يتخلون عن مواقعهم في المدن
أفادت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أمس بأن قادة بارزين في المعارضة السورية اعترفوا للمرة الأولى أن الجيش السوري الحر اضطر للتخلي عن محاولات الاحتفاظ بمواقعه في المدن والبلدات السورية الكبرى بعد تكبده خسائر فادحة في المعارك الأخيرة، واللجوء إلى حرب العصابات.
وذكرت أن الجيش الحر لم يعد أمامه من خيار سوى اللجوء إلى حرب العصابات، إثر الخسائر والهزائم التي مُني بها في معاقله في مدن حمص ودرعا وإدلب. وأضافت: إن قائد كتيبة في الجيش الحر يتخذ من شمال لبنان موقعاً له أكد أن هذا الجيش «لم يعد يركز على المدن بعد الآن، في أعقاب ما حدث في درعا وحمص وإدلب». ونسبت الصحيفة إلى القائد الميداني، الذي أشارت إلى أنه عرّف عن نفسه باسم أبوسليمان، قوله: «نعتمد الآن على تكتيكات حرب العصابات ولدينا عناصر تراقب نقاط التفتيش وتهاجمها»، مشيرةً إلى أن هذا التغيير هو إقرار بتآكل الدعم الشعبي لقضية المعارضة المسلحة جراء سياسة الحكومة في القصف العشوائي للمدن والقرى التي لجأ إليها المقاتلون.
وأضاف أبوسليمان إن المدنيين في قرية حدودية اتخذتها كتيبته كنقطة لشن هجماتها «رجوهم مغادرتها خوفاً من قيام القوات الحكومية بتدميرها». وقال: إن «حرب العصابات ستبقى فعّالة لأنها ستجعل العاصمة السورية هدفها الرئيسي، والخطة الآن هي شن هجمات كر وفر ضد القوات العسكرية في دمشق، لأن علينا قطع رأس الأفعى». ولفت إلى أن الجيش السوري الحر «بدأ يضيّق الخناق للوصول إلى ساحة العباسيين في وسط دمشق، فيما يتحرك أفضل المقاتلين من جميع أنحاء البلاد إلى العاصمة للانضمام إلى المقاومة».
