قبل أيام قليلة من غلق باب الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية المقرر له 8 أبريل الجاري، دخل صراع السلطة في مصر منحنى جديداً، بظهور تقارير إعلامية تفيد بإمكانية ترشّح رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر المشير طنطاوي، بناء على رغبة عدد من القوى السياسية، في الوقت الذي ظهرت فيه تقارير أخرى، مدعومة بمصادر من الحملة الرسمية لترشح عمر سليمان رئيساً لمصر، تؤكد أن نائب رئيس الجمهورية ورئيس المخابرات العامة السابق حسم أمره وسيتقدم للترشح خلال ساعات، فيما يتزايد التشرذم داخل جماعة الإخوان المسلمين بعد قرار ترشيح نائب المرشد العام للانتخابات.

وتتزايد الاحتمالات والتكهنات من قبل بعض المراقبين بحدوث مفاجآت خلال الأيام المقبلة، مؤكدين أن كل الاحتمالات واردة، سواء بالنسبة إلى عمر سليمان أو المشير حسين طنطاوي، رداً على خطوة الإخوان المسلمين بالدفع بخيرت الشاطر كمرشح لها في سباق الرئاسة.

وكان من المتوقع أن يتقدم سليمان، وفق حملته الرئاسية أمس إلى اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لسحب أوراق الترشح، إلا أنه تم إرجاء الخطوة إلى وقت آخر؛ بناء على نصيحة تلقاها سليمان من جهة مهمة، وفق ما ذكرته التقارير الإعلامية.

وسليمان (80 عاماً) كان من أكثر الشخصيات المقربة من الرئيس السابق حسني مبارك، ويحظى بثقة الكثير من القوى السياسية داخل وخارج مصر.

في غضون ذلك، لم يستبعد الفريق أحمد شفيق المرشح المحتمل، انسحابه من ماراثون الرئاسة، حال ترشح اللواء عمر سيلمان رئيس المخابرات السابق، على الرغم من أن الأول جمع ما يزيد على 60 ألف توكيل، تضمن له الترشح للرئاسة.

في سياق متصل، وكرد فعل على ترشيح الإخوان المسلمين لخيرت الشاطر رئيساً للجمهورية، تلقى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم طلبات تقدمت بها شخصيات وقوى سياسية وحزبية خلال اجتماعاته بالأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان لبحث قضية الجمعية التأسيسية لترشيح المشير طنطاوي لرئاسة الجمهورية لفترة واحدة، لإنقاذ الدولة المدنية من سيطرة الإسلاميين، وفق تعليقهم.

وأكدت هذه القوى الداعمة لترشح المشير، أنها ستتمكن من الحصول على دعم 30 نائباً برلمانياً حال ترشحه، بعد أن بات من الصعب السير في طريق التوكيلات لقرب غلق باب الترشح.

ويؤكد مراقبون أن دفع الإخوان المسلمين بالشاطر وما أحدثه من انقسامات وانشقاقات، فضلاً عن تفتيت أصوات الإسلاميين، سيصب في النهاية في مصلحة سليمان والمشير حال ترشح أحدهما.

وعلى صعيد ذي صلة، استمر الجدل حول قيام جماعة الإخوان المسلمين بطرح اسم المهندس خيرت الشاطر في سباق الانتخابات الرئاسية، كما استمرت الانقسامات والانشقاقات داخل صفوف الجماعة بصورة كبيرة خلال الفترة الأخيرة.

ورفض د. محمد البلتاجي، وهو واحد من أبرز قيادات الإخوان المسلمين في مصر، ذلك القرار جملةً وتفصيلاً، مشيراً أنه قام بالتصويت بـ «لا» أثناء اتخاذ هذا القرار، واصفاً في الوقت ذاته دعم الشاطر بأنه «ظلم لمصر ولجماعة الإخوان المسلمين». وأشار البلتاجي إلى أن المسؤولية التي تقع على عاتق الإخوان في حال نجاح الشاطر سوف تضعهم في مأزق شديد الحرج، وخاصة أنه من الظلم أن يتحملوا وحدهم كل تلك التركة، واصفاً قرار طرح الشاطر بالخاطئ تماماً.

يأتي هذا في الوقت الذي أعلن عدد من شباب الجماعة انقسامهم عن الإخوان رسمياً، عقب طرح الشاطر رئيساً لمصر، معبرين عن رفضهم الكامل لقرار مكتب شورى الجماعة بطرح اسم الشاطر، وفي المقابل، أعلن كافة قيادات الجماعة، بما فيهم البلتاجي، التزامهم بقرار مكتب شورى الجماعة، ورأي الأغلبية، إذ أكد حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، في بيان صحافي حصلت «البيان» على نسخة منه، على أن القرار جاء بعد مناقشات واسعة داخل المؤسسات المعنية في الجماعة والحزب، كما أنه جاء بعد استشارة العديد من ذوي الرأي والخبرة والاتجاهات السياسية الفاعلة على الساحة، وبعد استعراض جميع المتغيرات التي طرأت خلال الشهور الأخيرة داخلياً وخارجياً، والمحاولات المستمرة لعرقلة حركة التحول الديمقراطي، والعجز الواضح في أداء الحكومة الحالية، ومحاولات تعويق البرلمان المصري وقراراته وتحركاته، مما يدفع في النهاية إلى هز الثقة فيما تحقق حتى الآن من خطوات في سبيل التحول الديمقراطي، وهي الأمور التي دفعت مؤسسات الحزب والجماعة إلى اتخاذ هذا الموقف تحقيقاً لمصلحة مصر وأبنائها جميعاً.

 

الأزهر يقاطع تأسيسية الدستور المصري

 

قرَّر مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر أمس بصفة نهائية عدم المشاركة في أعمال الجمعية التأسيسية المُناط بها إعداد مشروع دستور جديد لمصر، فيما تزايدت الخلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين على خلفية ترشيح نائب المرشد العام للحركة خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية. وقال مصدر مطلع في مكتب شيخ الأزهر لوكالة «يونايتد برس انترناشيونال»: إن «أعضاء المجمع وافقوا بالإجماع مجدَّداً، خلال اجتماع عقد أمس، على قرار بعدم تمثيل الأزهر بأي من قياداته أو من رموزه في أعمال الجمعية التأسيسية المُناط بها إعداد مشروع دستور جديد لمصر، «طالما بقت الجمعية بتشكيلها الحالي».وأضاف المصدر أن قرار مجمع البحوث الإسلامية يقطع الطريق على أي محاولة تُبذل من أجل إقناع قيادات الأزهر بالمشاركة في جمعية وضع مشروع الدستور بعد قرار المجمع يوم الخميس الماضي بسحب ممثل الأزهر مفتي الديار المصرية الأسبق د. نصر فريد واصل، من المشاركة في أعمال الجمعية.

وكشف المصدر عن أن قيادات من حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بذلوا خلال الأيام القليلة الماضية جهوداً لإقناع الأزهر بالمشاركة في أعمال الجمعية.وكان البرلمان المصري وافق خلال اجتماع مشترك لغرفتيه: الشعب والشورى في 17 مارس الماضي، على تشكيل جمعية من مئة عضو، نصفهم من أعضاء البرلمان ونصفهم الآخر من الشخصيات العامة والقيادات النقابية والدينية من خارج البرلمان.

وأثارت سيطرة تيار الإسلام السياسي بجناحيه الإخوان المسلمين والسلفيين على تشكيل الجمعية غضب مؤسسات وهيئات عريقة بالمجتمع المصري، أبرزها الأزهر والكنائس الأرثذوكسية والكاثوليكية والبروتستانتية والإنجيلية، ونقابة الصحافيي،ن فقررت سحب ممثليها من عضوية الجمعية.