تمخّض اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في أولى دورات منتدى التعاون الاستراتيجي الخليجي الأميركي أمس، وبمشاركة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، عن اتفاق المجتمعين على دعوة المبعوث الاممي ـ العربي الى سوريا كوفي أنان على ضرورة «جدولة» مهمته «للخطوات المقبلة» إذا استمر القتل، فيما جدد رئيس الدبلوماسية السعودية الامير سعود الفيصل التأكيد على تسليح المعارضة، بينما طالبت كلينتون بما وصفته «دعماً غير هدام».
وبعدما بحث الوزراء السبعة، بمشاركة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، في خطط لاقامة درع صاروخية خليجية ووسائل الضغط على سوريا لوقف قمع السوريين، أكد بيان ختامي للمنتدى، بحضور الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف بن راشد الزياني على «تحديد جدول زمني» للرئيس السوري بشار الأسد من أجل قبول خطة انان.
وجاء في بيان الرياض ان كلينتون ووزراء خارجية دول مجلس التعاون «يحضون المبعوث المشترك على تحديد جدول زمني للخطوات المقبلة إذا استمر القتل في ظل الحاجة الملحة لمهمة المبعوث المشترك». وطالب البيان أيضا «الدول التي ترتبط بعلاقات مباشرة مع النظام السوري الانضمام الى المجتمع الدولي في جهوده لحل الأزمة»، في اشارة الى الصين وروسيا.
موقف الفيصل
وفي مؤتمر صحافي عقب اختتام الاجتماع، دعا الفيصل إلى مساعدة السوريين في الدفاع عن أنفسهم، مؤكدا ان تسليح المعارضة «واجب لانها لا تقدر ان تدافع عن نفسها الا بالاسلحة».
وفي واحد من اشد انتقاداته لنظام الرئيس بشار الاسد، قال الفيصل ان «مذابح النظام السوري جرائم ضد الانسانية لا يمكن للمجتمع الدولي السكوت عنها تحت اي مبرر كان». واضاف: «جميعنا متفقون على ان الوقف الفوري للقتل الممنهج يجب ان يشكل اولوية للجهود ضمن خطة الجامعة العربية لان ما يحدث هناك له عواقب وخيمة ومأساة ذات أبعاد مهولة ومفجعة».
واردف: «ندعم تسليح المعارضة، ولو كانت قادرة على الدفاع عن نفسها لكان بشار الاسد انتهى منذ زمن». وردا على سؤال، اجاب الامير سعود الفيصل: «لا يوجد خلاف مع الاميركيين حول سوريا، والاولوية هي لوقف نزيف الدم وسحب القوات من المدن واطلاق سراح المسجونين وبدء مفاوضات تحت اشراف الجامعة العربية لنقل السلطة». واكد: «نحن نسير على الطريق ذاته وناقشنا آليات ذلك واتفقنا عليها».
وأشاد وزير الخارجية السعودي من جهة أخرى بالانتقال السلمي للسلطة في اليمن، داعيا الى «الاستمرار في دعم الشعب اليمني للمحافظة على امنه واستقراره»، ومشيرا الى اهمية اجتماع «اصدقاء اليمن» المقرر عقده نهاية الشهر الجاري لحشد التعاون الدولي لمساعدة اليمن.
تصريحات كلينتون
بدورها، قالت كلينتون إن الولايات المتحدة «تبحث في كل الخيارات، ومن بينها مساعدة المعارضة السورية»، مستطردة: «سنضغط خلال اجتماعات اسطنبول لتوحيد صفوف المعارضة السورية وزيادة العقوبات»، في اشارة الى مؤتمر «اصدقاء سوريا» الذي يعقد اليوم الاحد. واردفت كلينتون: «نريد من النظام السوري أن يفي بالتزاماته تجاه خطة أنان»، لافتة الى ان الاجتماع تركز على «توفير الدعم غير الهدام» للمعارضين، على حد وصفها.
واضافت: «توافقنا على ضرورة وقف القتل في سوريا فورا، ونحن موحدون على هذا الهدف وعلى نهاية النظام»، لكنها عادت فأكدت على ضرورة ان تكون المعارضة «موحدة ايضا». وتابعت كلينتون: «سنبحث اربع نقاط في مؤتمر اسطنبول: تكثيف الضغوط، وايصال المساعدات الانسانية، ورؤية ديمقراطية للمعارضة، وكيفية مساعدة الشعب لمحاكمة المسؤولين عن العنف».
الملف الايراني
وبشأن إيران، قالت كلينتون إن «الباب مفتوح أمام قيادة إيران لمناقشة ملفها النووي»، مبينة أنه «لن يبقى مفتوحا للأبد». وألمحت إلى أن طهران «تواصل تهديدها لدول الجوار وتقوض الأمن الإقليمي».
وأضافت أن «العقوبات الدولية تزيد من عجز وانعزال النظام الإيراني»، مستنكرة استمرار إيران في دعمها للنظام السوري رغم حملة القتل التي يشنها ضد مواطنيه. وأعربت في الوقت ذاته عن «تصميم» بلادها بشأن منع طهران من امتلاك اسلحة نووية، لافتة الى ان «السياسة حيال ايران تتضمن التلافي والوقاية وليس الاحتواء، والامر منوط بايران لكي تظهر بانها تنوي خيرا».
كما أعربت وزيرة الخارجية الاميركية عن أملها في أن يسهم المنتدى الخليجي ـ الاميركي بـ«تعميق وترسيخ التعاون المشترك في مجال مكافحة الارهاب والقرصنة»، مشيرة الى ان «الشراكة الاستراتيجية مع السعودية تمتد لأكثر من ستة عقود، ولا تزال مستمرة بذات التطابق في وجهات النظر اتجاه الكثير من القضايا».
الدرع الصاروخية
وذكرت مصادر مطلعة أن الاجتماع الخليجي ـ الاميركي تطرق إلى عرض أميركي إلى إقامة منظومة دفاع صاروخية، في حين شددت الوزير الضيفة خلال الاجتماع على التزام واشنطن «الصلب كالصخر ومن دون مهاودة» حيال دول مجلس التعاون.
ونقل عن كلينتون دعوتها إلى اتخاذ «خطوات عملية ومحددة لتعزيز الامن المشترك مثل مساعدة عسكريينا على تحسين قابلية العمليات المشتركة، والتعاون في الامن البحري، والدفاع الصاروخي، وتنسيق الرد بمواجهة الازمات».
كما بحث الاجتماع تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، إضافة إلى الأوضاع السياسية في المنطقة والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

