تشهد مدينة السويداء، التي تسكنها غالبية من السوريين الدروز، أجواء مشحونة على خلفية حالة الوفاة الغامضة لشيخ عقل طائفة الدروز الموحدين الشيخ أحمد سليمان الهجري السبت الماضي في «حادث سير» إثر اصطدام سيارته بسيارة سياحية.

وبحسب المراقبين، فإن «الوفاة الغامضة» قد تمهد لانتقال الثورة إليها. ويعتبر الشيخ الهجري واحداً من بين ثلاثة يعتبرون كبار مشايخ الطائفة الدرزية إلى جانب محمد الحناوي وحسين جربوع. وبالتوازي مع حادثة الوفاة، كان أهالي المدينة مع موعد الذكرى السنوية لزعيم الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش.

 

غموض الوفاة

وتضاربت أنباء حول حيثيات مقتل الشيخ الهجري. فالجهات المعارضة اتهمت النظام باغتياله من أجل تحييد أهالي المدينة ومرجعياتها الدينية عن الانتفاضة والانخراط في الحياة السياسية، ولمعاقبته على مواقفه الأخيرة التي راحت تقترب أكثر فأكثر من الثورة السورية، فضلاً عن اصطدامه مع القيادات الأمنية ورفضه إصدار فتاوى لتأييد الرئيس بشار الأسد بناء على التعليمات الصادرة من الجهات الأمنية، بحسب تصريحات ناشطين من السويداء.

وتداولت صفحات الثورة السورية على موقع «فيسبوك» أن الهجري كان مناصراً للثورة وليس «بوقاً» للنظام كما روّج له البعض، مرجحةً أن يكون الحادث الذي تعرض له وأودى بحياته «مدبراً». وفي هذا السياق، كتب المعارض جبر الشوفي المنحدر من أبناء الطائفة الدرزية على صفحته في «فيسبوك»: إنه «بتاريخ 15 مارس الجاري، التقى المشايخ الثلاثة أحمد الهجري والحناوي وجربوع بالأسد في القصر الجمهوري بناءً على طلب الأخير.

وكانوا يحملون طلباً أن ينقل جميع أبناء المحافظة الذين يؤدون الخدمة الإجبارية في درعـا إلى السويداء»، لكن الأسد طلب من المشايخ «دعم حزب وئام وهاب في الجبل ومنع التظاهرات وأي حراك في ذكرى قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش».

وأضاف الشوفي، العضو في الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري: إن المشايخ الثلاثة «لم يكونوا مرتاحين للقاء أبداً». وعلى إثرها قرروا الاجتماع ليتباحثوا بأمر وئام وهاب و«الشبيحة» بعدما لاقوه من «عدم اعتبار أو احترام من الرئيس السوري فاقد الشرعية». وفي اليوم الذي كان الشيخ الهجري متجهاً لحضور الاجتماع وافته المنية «في حادث يكتنفه الغموض».

 

تهديدات للمشايخ

وتشير المعلومات الميدانية إلى أنه منذ بداية الثورة، قام النظام بتهديد المشايخ بالويل إذا لم ينصاعوا لأوامره، وطلب التبرؤ من قائد كتيبة سلطان باشا الأطرش في الجيش الحر خلدون زين الدين، فضلاً عن ضبط الشارع بالسويداء ومنع التظاهرات، ومنها تجمع ذكرى سلطان باشا الأطرش يوم الاثنين الماضي، بالإضافة إلى دعم حزب التوحيد بزعامة وهاب. فما كان من المشايخ إلا أن دعوا شباباً ناشطين للتباحث في كيفية إيجاد حل لكل هذه المشاكل فجاء الرد بنفس اليوم باللغة التي يفهمها النظام، بحسب ما صرح به الأهالي.

ويتساءل أحد المدونين على صفحة تنسيقية مدينة السويداء: «هل من قبيل الصدفة أن يقتل ثلاثة أشخاص في السويداء في حوادث السير كهذه، والأشخاص هم فضل الله حجاز معتقل سابق لمدة عشرة أعوام على ذمة المكتب السياسي حزب الشعب، وكمال المغوش معتقل لأكثر من 15 عاماً وكان ضابطًا في الجيش السوري، والهجري الذي كان مقرراً أن يحضر اجتماعًا مع مجموعة نشطاء في مقام عين الزمان في مدينة السويداء، ليعلنوا رفضهم إعلان وئام وهاب لحزبه الطائفي من المحافظة».

 

ضد النظام

وبالرغم من التواجد الأمني الكثيف والقلق الذي يسود المدينة، قام مجموعة من الشباب بمظاهرة يوم الاثنين الماضي تحت تسمية «وفاء لذكرى سلطان باشا الأطرش» في ساحة سمارة حيث هتفوا فيها بإسقاط النظام ورفعوا شعارات ترمز لسلطان باشا الأطرش، ولافتات منددة وساخرة من الأسد.