احتدمت الحرب المعنوية أمس، بين النظام السوري والثوار بزيارة قام بها الرئيس بشار الأسد إلى حي بابا عمرو المنكوب في حمص، إلا أن تعرض موكبه لإطلاق نار كثيف من جنود منشقين أدى إلى قطع زيارته إلى الحي، في وقت تواصلت العمليات العسكرية في عدة مدن قتل خلالها 53 محتجاً، تزامنا مع إعدام الأجهزة الأمنية 23 شخصاً من مدينة سراقب في ريف إدلب، في وقت توغلت قوات موالية للنظام الأراضي اللبنانية لملاحقة نازحين ومنشقين.

وذكرت تقارير إعلامية نقلاً عن اتحاد تنسيقيات الثورة السورية امس، أن موكب الرئيس السوري بشار الاسد تعرض لاطلاق نار اثناء زيارته إلى حي بابا عمرو في حمص. وبحسب اتحاد التنسيقيات، فإن موكب الأسد تعرَّض لكمين نصبه الثوار في حمص، حيث تم إطلاق نار كثيف على الموكب لدى اقترابه من حي بابا عمرو الذي شهد في الأسابيع الماضية حملة عنيفة شنتها قوات الأسد أدت إلى مقتل المئات من أبناء الحي والمدينة. وأعلن ناشطون أن الأسد لم يكمل زيارته لبابا عمرو بسبب إطلاق النار الكثيف الذي تعرض له موكبه، حيث سارعت قوات الامن الى تأمينه في مكان آمن.

 

إفراغ الحي

وقال ناشطون إن النظام أفرغ الحي من السكان ونفذ عمليات إعدام بحق عائلتين معارضتين ممن تبقوا في بابا عمرو قبيل وصول الأسد في زيارته الاولى الى حمص، في حين وصف التلفزيون السوري، الذي بث الخبر مسجلاً لدقيقتين قبل ان يبث الصور، الزيارة بأنها «تفقدية».

وبدا الأسد في الصور التي بثها التلفزيون وهو يستوضح من محافظ حمص غسان عبدالعال عن الأضرار وعن مدى تقدم أعمال الترميم في الحي. وأردف: «ضمن الإمكانيات الموجودة حاليا، لا بد من وضع جدول زمني».

 

توغل لبنان

وفي تطور غير مسبوق، قال سكان ومصادر أمنية محلية إن قوات سورية توغلت في شمال لبنان ودمرت مباني واشتبكت مع جنود منشقين لجؤوا إلى هناك. وقالوا إن القوات السورية توغلت بضع مئات من الأمتار داخل الأراضي اللبنانية.

وذكر مصدر أمني في بيروت أن اشتباكات وقعت قرب الحدود غير المرسمة بشكل جيد لكنه لم يؤكد دخول القوات السورية لبنان. وقال أبو أحمد، 63 عاما، وهو أحد سكان منطقة القاع الجبلية النائية: «عبر أكثر من 35 جنديا سوريا الحدود وبدأوا يدمرون منازل». وذكر قاطن آخر أن الجنود وكان بعضهم يستقل حاملات جند مدرعة أطلقوا قذائف صاروخية وتبادلوا اطلاق نيران المدافع الرشاشة مع المسلحين المعارضين. وأضاف أن جنوداً دمروا منزلاً بجرافة.

53 قتيلاً

ميدانياً أيضا، قال ناشطون إن 53 شخصاً قتلوا على يد القوات الموالية للنظام في عدة مدن، بينهم 30 في ادلب و11 قتيلاً في حمص وسبعة قتلى في حماه وخمسة في ريف دمشق. وأفادت لجان التنسيق المحلية أن قوات موالية للنظام أعدمت 23 مدنياً في ساحة الحرية بمدينة سراقب بإدلب بعد قصف عنيف تعرضت له المدينة رغم انسحاب القوات الثقيلة.

وفي السياق، قال المرصد السوري لحقوق الانسان ان القوات النظامية «انسحبت من وسط مدينة سراقب بعد ثلاثة ايام من العمليات العسكرية». وأضاف ان مجموعات مسلحة منشقة هاجمت مركزين امنيين ومنازل بعض الموالين للنظام في المدينة، من دون ان ترد أنباء عن سقوط ضحايا. وكان المرصد أفاد في وقت سابق ان سراقب «شهدت حالة نزوح كبيرة ازدات وتيرتها خلال الساعات الـ48 الماضية مع بدء العملية العسكرية في المدينة وطالت 70 في المئة من سكانها».

كما «سقط أربعة عناصر من القوات النظامية في اشتباكات واستهداف للقوات النظامية في معرة النعمان ومدينة حمص»، بحسب بيان المرصد.

حماة ودير الزور

وقتل شاب في اشتباكات دارت في حي العرضي بمدينة دير الزور بين القوات النظامية السورية ومجنود منشقون.

كما افاد المرصد عن تعرض بلدة كرناز في محافظة حماة «لإطلاق نار من رشاشات ثقيلة وسقوط قذائف على اجزاء منها». وكانت القوات النظامية اقتحمت اجزاء من البلدة.

واشار بيان للمرصد الى ان قوات النظام «نفذت حملة مداهمات واعتقالات ترافقت مع احراق لمنازل مواطنين متوارين عن الانظار» في كرناز. وفي حمص، قتل 11 محتجاً في قصف على أحياء المدينة. وقال المرصد في بيان ان رجلا قتل في حي الدبلان في مدينة حمص «اثر اصابته برصاص قناصة بعد منتصف الليل».

 

اقتحام الزبداني

في ريف دمشق، ذكرت لجان التنسيق ان قوات الجيش النظامي اقتحمت مدينة الزبداني وسط قصف عنيف. وقالت سيدة تقطن بالقرب من الزبداني لوكالة الأنباء الألمانية: «لم نستطع النوم طوال الليل بسبب أصوات الرشاشات والقصف العنيف. لقد كانت الاشتباكات الأقوى».

وافاد ناشطون ان الاشتباكات وقعت في دوما والزبداني وعربين، وجميعها في ضواحي دمشق. وذكر الناشط هيثم العبد الله أن الجيش السوري الحر نجح في تدمير دبابتين في ضواحي دمشق، في حين اوضحت لجان التنسيق في سوريا ان بلدة مضايا تعرضت الى «قصف عشوائي من قوات جيش النظام تسبب بسقوط جرحى وتهدم مبان عدة».

 

ارتفاع القتلى

في غضون ذلك، اعلنت الامم المتحدة ان عدد قتلى الاضطرابات في سوريا ارتفع الى اكثر من 9000 شخص. وقال مبعوث الامم المتحدة في الشرق الاوسط روبرت سري امام مجلس الامن ان «العنف على الأرض يستمر دون توقف» وأفاد ان «تقديرات موثوقة تشير الى ان عدد القتلى المرجح في سوريا منذ بدء الانتفاضة قبل عام بلغ الآن اكثر من 9000 شخص. واصبح من الملح وقف القتال ومنع مزيد من تصاعد العنف». وذكر المرصد السوري بدوره ان اكثر من 9700 شخص قتلوا منذ بدء الحركة المناهضة للنظام السوري.