في هذا العام تكون جامعة الدول العربية وصلت إلى سن الـ 67 من العمر، لتكون مع الأمم المتحدة؛ المنظمة الأقدم في العالم.
وتبقى مسألة تطوير وتحديث الجامعة أمراً ملحاً، لأنها تتعلق بتطوير بنية المجتمعات العربية لأجل تشكيل صيغ تعاون حديثة لتحديث العمل العربي المشترك، مايساهم في تعميم ثقافة التغيير، فالجامعة تقف على أعتاب مرحلة جديدة من العمل العربي بعد أن عصفت رياح التغيير بالعديد من الأنظمة العربية، التي شاخت ولم تعد تصلح لقيادة بلدانها، مع انتشار ثورات الربيع العربي واتساع جذوتها، فهل سيكون هناك منطلق جديد لتوحيد مسارات العمل العربي؟.
في بداية العام 1944 دعا رئيس الوزراء المصري مصطفى نحاس باشا كلا من رئيس الوزراء السوري جميل مردم بك ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخوري للتباحث في القاهرة حول فكرة إقامة جامعة عربية لتعزيز التعاون بين البلدان العربية وتوحيد مواقفها. وكانت هذه الدعوة بمثابة البذرة التي نمت لتصبح فكرة قومية لجمع شمل العرب في منظمة شاملة قادرة على توحيد المواقف العربية، باتجاه تطلعات الشعوب العربية، خاصة وأن موقف بريطانيا، التي كانت في ذلك الوقت المتحكم في توجهات الأنظمة العربية، لا يتعارض وهذه الفكرة.
من التحالف إلى الجامعة العربية
ووجدت دعوة نحاس باشا القومية صدى إيجابياً في بعض البلدان العربية، وتحركت عدة أحزاب للضغط على الحكومات العربية بهذا الاتجاه، وبدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب، وممثلي كل من: العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن من جانب آخر، وهي المشاورات التي أسفرت عن تبلور اتجاهين رئيسيين: موضوع تشكيل الجامعة العربية، أو الوحدة العربية. وكان الاتجاه الأول يدعو إلى ما يمكن وصفه بالوحدة الإقليمية.
أما الاتجاه الثاني فكان يدعو إلى نوع أعم وأشمل من الوحدة الإقليمية، وجمع الدول العربية في منظمة تحقق التعاون والتنسيق في سائر المجالات، وتحافظ في الوقت نفسه على استقلال الدول وسيادتها.
وعندما اجتمعت لجنة تحضيرية من ممثلين عن كل من: سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر واليمن (بصفة مراقب) في الفترة من 25 سبتمبر إلى 7 أكتوبر 1944، رجحت الاتجاه الداعي إلى وحدة الدول العربية المستقلة، بما لا يمس استقلالها وسيادتها، واقترح الوفد السوري تسمية المنظمة بالاتحاد العربي، فيما اقترح الوفد العراقي تسميتها بالتحالف العربي، إلا أن الوفد المصري قدم تسمية الجامعة العربية باعتبار هذه التسمية أكثر ملاءمة من الناحية اللغوية والسياسية، وتوافقاً مع أهداف الدول العربية، وتم تعديل الاسم بعد ذلك ليصبح جامعة الدول العربية.
عيد سنوي
ووقع على هذا البروتوكول، الذي عقد بمدينة الإسكندرية، وفي 22 مارس 1945 تم التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية من قبل مندوبي الدول العربية عدا السعودية واليمن، اللتين وقعتا على الميثاق في وقت لاحق، وأصبح يوم 22 مارس من كل عام هو يوم الاحتفال بالعيد السنوي لجامعة الدول العربية.
ونص بروتوكول الإسكندرية على مبدأ قيام جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة التي تقبل الانضمام إليها، ويكون لها مجلس تمثل فيه الدول المشتركة في الجامعة على قدم المساواة، ومهمة مجلس الجامعة هي مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول الأعضاء فيما بينها من اتفاقيات، وعقد اجتماعات دورية لتوثيق الصلات بينها، والتنسيق بين خططها السياسية تحقيقاً للتعاون فيما بينها وصيانة استقلالها وسيادتها من كل اعتداء بالوسائل السياسية الممكنة، والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية.
إلزامية القرارات
ونص البروتوكول على أن قرارات المجلس ملزمة لمن يقبلها، فيما عدا الأحوال التي يقع فيها خلاف بين دولتين من أعضاء الجامعة، حيث يلجأ الطرفان إلى المجلس لفض النزاع بينهما، ولا يجوز اللجوء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة، كما لا يجوز اتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أية دولة من دولها.
وتضمن البروتوكول قراراً باعتبار فلسطين ركناً مهماً من أركان البلاد العربية، وحقوق العرب فيها لا يمكن المساس بها من غير إضرار بالسلم والاستقلال في العالم العربي، ويجب على الدول العربية تأييد قضية عرب فلسطين بالعمل على تحقيق أمانيهم المشروعة وصون حقوقهم العادلة.
