أحيا السوريون أمس الذكرى الأولى لثورة 15 مارس بتظاهرات عارمة غطت كافة أنحاء البلاد، فيما أهدت دمشق وحلب، اللتان اتهمتا في كثير من الأحيان بالابتعاد عن الثورة، المدن السورية انتفاضة افتتحتا بها العام الثاني للحراك، بعدما شهد قلب دمشق اشتباكات بين جنود منشقين وقوات النظام، في حين واصلت حلب هبتها التي امتدت الى المدينة القديمة، حيث سقط قتلى قرب قلعتها، في حين تكشفت مجزرة جديدة في ادلب بعد العثور على 23 جثة لأشخاص قتلتهم القوات النظامية، تزامنا مع الحديث عن استهداف الاحياء المعارضة بصواريخ حرارية.
وقال ناشطون وشهود عيان أمس إن اشتباكات مسلحة اندلعت أمس في أحياء جوبر والقابون وبرزة في العاصمة السورية دمشق، مع احياء الذكرى الاولى للثورة السورية التي انطلقت في 15 مارس 2011. وسمعت أصوات انفجارات، في حين افيد أن الانفجارات في جوبر وقعت عقب انشقاق عناصر من أحد الحواجز، فيما تحدث ناشطون عن اشتباكات متزامنة في حيي برزة والقابون. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان حدوث اشتباكات مسلحة، وانفجار سيارة مفخخة في حي برزة دون أن يشير إلى خسائر او إصابات. وبشكل متزامن تقريبا، قطع متظاهرون بعد منتصف الليلة قبل الماضية الطريق الرئيس في حيّي جوبر وركن الدين، ما استدعى عملية اقتحام.
قطع الإنترنت
من جهته، قالت لجان التنسيق المحلية إن النظام قطع خدمة الانترنت عن معظم أحياء دمشق ومحيطها. وفي ريف العاصمة، هزت أصوات الانفجارات بلدة كفر بطنا، وأعقبها إطلاق نار من رشاشات ثقيلة ومتوسطة. وتحدث ناشطون عن اشتباكات بين الجيش ومنشقين في دوما، في حين أعلن الجيش الحر أنه اعتقل العميد في جيش النظام نعيم خليل عودة وأمهل السلطات ثلاثة أيام لإطلاق معتقلي دوما وإلا أعدم الضابط. وتحدث الجيش الحر أيضا عن استهداف عقيد في الجيش كان ضمن قافلة عسكرية على الطريق بين دمشق والقنيطرة.
تطورات حلب
وشهدت حلب تطوراً احتجاجياً غير مسبوق بمقتل متظـــــاهرين برصاص الأمن خلال احتجاج شارك فيه الآلاف في محيط قلعة حلب التاريخية الواقعة في قلب حلب القديمة. وقال ناشطون إن التظاهرة انطلقت من الجامع الأموي الكبير حيث هتف المشاركون بإسقاط النظام، فيما افيد ان القتلى سقطوا داخل الجامع نفسه، عشية «جمـــــعة الكـــــرامة» وهي الاولى في العام الثاني للثورة، تبعت «أسبوع الكرامة» الذي اعلن عنه الناشطون طيلة الاسبوع الماضي.
مجزرة إدلب
من جهة أخرى، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان انه عثر على 23 جثة بالقرب من مدينة ادلب في شمال غرب سوريا عليها آثار تعذيب شديد. وقال المرصد في بيان: «عثر على 23 جثة قرب مزرعة وادي خالد غرب مدينة ادلب، تم التعرف على 19 منها وظهرت عليها آثار التعذيب الشديد». وأشار الى ان الجثث «كانت معصوبة الأعين ومقيدة اليدين، حيث تم قتلهم جميعا بعيارات نارية». وأكدت لجان التنسيق المحلية أن القتلى كانوا معتقلين لدى قوات الأمن، في وقت سقط خمسة قتلى آخرين برصاص الأمن في المحافظة.
صواريخ حرارية
ولم يختلف المشهد في حمص عن سابق أيامه بقصف عنيف نفذته قوات موالية على أحياء الثورة. إلا أن لجان التنسيق كشفت عن إطلاق قوات النظام صواريخ حرارية باتجاه منازل حي باب السباع واشتعال النيران في عدد منها، ما ادى الى سقوط جرحى. واعتقلت السلطات الأمنية عشرات الأشخاص خلال حملة مداهمات في حي كرم الشامي، فيما تعرض حي المريجة إلى قصف بالقذائف.
وضع حماة
كما فرض الجيش والأمن حصارا مشددا على مدن بينها حماة التي تعرضت للقصف. وقال عضو الهيئة العامة للثورة جهاد الحموي إن حوالي 90 آلية عسكرية فرضت حصارا خانقا على أحياء بالمدينة التي تشهد احتجاجات ضد النظام.
دير الزور
وفي مدينة دير الزور، أزالت الدبابات حواجز وضعها السكان لحماية التظاهرات الضخمة، التي شارك فيها الآلاف. اما في ريف دير الزور، فقال المرصد السوري ان «اشتباكات عنيفة دارت بين الجيش النظامي السوري ومجموعات مسلحة منشـــــقة في مدينة مو حسن استخدمت خلالها القـــــــوات النــــــظامية الرشــاشات الثقيلة والقذائف». كما خرجت تظاهرات مــــــتزامنة ضـــمت الآلاف في القامشلي والحسكة وعامودا، ذات الاغلبية الكردية، فضلا عن احتجاجات بالآلاف في مدينة درعا، التي تعتبر مهد الحركة الاحتجاجية، وريفها.
الأرض المحروقة
في المقابل، ذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ان قوات الامن تستخدم «وسائل الارض المحروقة» في جميع انحاء سوريا في محاولة لسحق الثورة. وقالت المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان في بيان: «مدينة بعد مدينة وبلدة بعد بلدة تستخدم قوات الامن السورية وسائلها للارض المحروقة بينما تلجم الصين وروسيا مجلس الامن الدولي». وحول الوضع في ادلب التي سيطرت علـــــيها القوات النظامية الاربعاء الماضي، نقلت المنظمة «شهادات تتحدث عن دمار كبير وعدد كبير من القتلى والجرحى من المدنيين في عملــــيات القصف». واضافت نقلا عن سكان ان القوات الحكومية اطلقت النار دون تمييز على المنازل والناس في الشوارع ثم «قامت باعتقالات بعدما فتشت البيوت بـــيتا بيتا ونهبت مباني واحرقت مساكن».
