مع ارتفاع أعداد القتلى في سوريا، تتزايد الدعوات إلى التدخل الخارجي. لكن في ظل الافتقار إلى الخيارات السهلة، فإن القوى الكبرى العاجزة عن وقف المعاناة قد تجد نفسها في نهاية الأمر تطيل أمدها. وفي ظل الاعتقاد بأن الرئيس السوري بشار الأسد يتلقى السلاح والدعم من إيران وروسيا، هناك بالفعل مؤشرات على أن الصراع ربما بدأ يكتسب الصبغة الدولية. وقالت الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد علياء براهيمي: «كلما طال أمد حملة الأسد المروعة زاد احتمال تحول حرب النظام ضد المدنيين إلى حرب أهلية». وأضافت: «هناك مخاطر من انتشار هذا الصراع الدموي ليزعزع استقرار المنطقة لجيل كامل. هذا لأن سياسات القوى العظمى ستتواءم مع الخصومات في المنطقة والتي ترتكز على الخصومات الطائفية، بمعنى أن نظــــــام الأسد يهدد المنطقة بأسرها».
آليات داخلية
ويقول البريجادير السابق بالجيش البريطاني بنجامين باري المتخصص في شؤون القوات البرية في معهد لندن الدولي للدراسات الإستراتيجية ان «الحروب الأهلية تطور آلياتها الداخلية». ويضيف الضابط الذي شارك في قوات حفظ السلام في حروب البلقان في التسعينات انه «كلما طال أمد الأزمة، زادت الخلافات مرارة وزادت مخاطر ارتكاب جرائم حرب من الطرفين». وللانتفاضة السورية محرك طائفي قوي مع إحجام العلويين الذين يدينون بالفضل في مكانتهم الجيدة لحكم الأسد عن التخلي عنه خشية الخسارة في ظل أي حكم جديد.
وذكر وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا ورئيس الأركان مارتن ديمبسي أنه بناءً على تعليمات من البيت الأبيض، يتم إجراء بعض التخطيط الأساسي الأولي بشأن الخيارات العسكرية. وقالت تركيا وتونس إنهما تعارضان التدخل الخارجي. أما الدول الغربية، فقدرتها محدودة على التصرف بمفردها حتى إذا توفرت الإرادة لذلك في ظل الأعباء المالية والعسكرية الهائلة التي ينوء بها كاهلها. وفي حالة تدخل بقيادة الجامعة العربية أو تركيا، ربما بإقامة منطقة أمنية حدودية للاجئين، يمكن أن يتاح خيار أمام البلدان الغربية للقيام بضربات جوية بل وتقديم دعم بري في بعض الأحيان.
بناء قدرات
ويقول الليفتنانت جنرال البريطاني جرايم لام الذي عمل عن قرب مع القادة العسكريين الأميركيين في العراق وأفغانستان انه «عقب سقوط حمص، فإن الفرصة الرئيسية هي القيام تدريجياً ببناء قدرات قوات المعارضة والأهم من ذلك تعزيز شرعيتها وسمعتها وقيادتها». وأردف: «بعد ظهور قيادة أكثر جدارة بالثقة، هناك متطلبات متوقعة تشمل أسلحة مضادة للدبابات وتعليمات بشأن بناء معوقات بسيطة مثل تلك التي منعت دبابات القذافي من دخول مراكز بلدات مثل مصراتة».
أهداف رمزية
ويشير محلل شؤون الشرق الأوسط لدى معهد «اي.اتش.اس جينز» ديف هارتويل ان «أحد أسباب إعادة طرح الحديث بشأن الضربات الجوية على الطاولة، هو أنه لا أحد يرى في الحقيقة أي خيارات أخرى في الوقت الحالي». ويستطرد: «لكن هذا لا يعني أنها جميعاً محتملة». ويوضح أنه «في ظل عمل قوات الأسد داخل مناطق مدنية، فمن المحتمل أن تصيب أي ضربات جوية أهدافاً رمزية إلى حد كبير مثل مراكز القيادة والتحكم والقصور، وهو ما لن يغير شيئاً على الأرض على الأرجح».