سعرت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد عملياتها الانتقامية ضد المدنيين في أحياء المدن المعارضة، لترتكب مجدداً أمس مجزرة جماعية في مدينة حمص طالت عائلات بأكملها وراح ضحيتها 75 شخصا، فيما عاد حي المزة في قلب العاصمة دمشق إلى أجواء التظاهرات وسط غليان شعبي مع فرض النظام إجراءات أمنية صارمة، قبيل جمعة «الوفاء للانتفاضة الكردية»، في وقت برز تطور لافت بانشقاق معاون وزير النفط والثروة المعدنية عبده حسام الدين، ليكون أرفع مسؤول مدني يعلن انضمامه إلى ثورة الشعب. وقال ناشطون ولجان حقوقية وتقارير أمس إن 90 شخصاً قتلوا في عدة مدن، بينهم 75 قضوا في مجزرة جماعية لعائلات في مدينة حمص.
وقالت لجان التنسيق المحلية إن قوات الأمن وميليشيات «الشبيحة» الموالية ارتكبت مجزرة جديدة في حي جوبر الملاصق لحي بابا عمرو راح ضحيتها 75 شخصاً. وأضاف هؤلاء في بيان ان المجزرة «شملت عائلات بأكملها منهم 16 فردا من عائلة الطحان، و20 من عائلة الرفاعي، وضحايا من عائلة كويعان وآخرين مازالوا مجهولي الهوية». وقال ناشطون ان اسباب هذه الاعدامات «انتقامية، وتعود لوجود أفراد ناشطين من هذه العائلات، أو لرفض هذه العائلات الظهور على الفضائيات السورية الرسمية للإدلاء بشهادات مزورة عن العصابات المسلحة».
عودة المزة
وفي العاصمة السورية التي تشهد غلياناً شعبياً وقبضة أمنية غير مسبوقة، قال ناشطون إن قوات موالية للنظام أصابت ثلاثة متظاهرين بالرصاص عندما أطلقت الذخيرة الحية أثناء تشييع جنازة محتج في حي المزة وسط دمشق. وأفاد الناشطون ان الجنازة تحولت إلى تظاهرة ضد حكم الرئيس بشار الأسد، مضيفين ان الحي يضم سفارات وعددا من مقار الاستخبارات، وكانت خرجت فيها قبل اسابيع تظاهرة ضخمة.
وافاد الناشط في تنسيقية المزة ابوحذيفة المزي في اتصال من دمشق عبر «سكايب» مع وكالة «فرانس برس» ان قوات الامن هاجمت موكب تشييع مجند قتل قبل ثلاثة ايام في مدينة حمص بعد ان اطلق عليه الجنود النار بسبب رفضه تنفيذ اوامر باطلاق الرصاص على مدنيين. وقال ان «الموكب كان يضم مئات الاشخاص وانطلق في حي المزة في دمشق، قبل ان تهاجمه قوات الامن وتعتدي بالضرب على عدد من المشيعين وتعتقل بعضهم».
من جهتها، أفادت لجان التنسيق المحلية بإطلاق نار كثيف في حي برزة بدمشق، مضيفة ان قوات موالية للنظام اقتحمت الحي الذي يشهد تظاهرات يومية ضد النظام. وفي حي التضامن، شنت قوات النظام حملة دهم لعشرات المنازل واعتقلت 18 شابا، كما أقامت أربعة حواجز أمنية فيه، فضلا عن خروج تظاهرة في حي القابون. ويحيي السوريون اليوم جمعة «الوفاء للانتفاضة الكردية»، في إشارة إلى انتفاضة الأكراد في 12 مارس 2004 التي قمعت بقسوة.
استهداف الاستخبارات
في غضون ذلك، استهدف انفجاران مركزين أمنيين في مدينة اعزاز في محافظة حلب الليلة قبل الماضية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان: «هز انفجاران شديدان مدينة اعزاز القريبة من الحدود السورية التركية». واشار المرصد الى ان الانفجار الاول «استهدف مفرزة الاستخبارات العامة والثاني قسم الامن الجنائي، وتلتهما اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات منشقة».
تعزيزات عسكرية
وفي السياق ذاته، واصلت القوات الموالية للنظام ارسال تعزيزات عسكرية الى محافظة ادلب. وقال المرصد السوري ان حشودا عسكرية «تصل الى ادلب لا سيما الى قرى جبل الزاوية». وأردف: «هناك اشتباكات في كفر نبل بين القوات النظامية ومنشقين عنها». واعرب المرصد عن مخاوفه من عملية عسكرية واسعة النطاق على ادلب قائلا: «الاعلام السوري يركز على ادلب ويقول ان فيها مجموعات ارهابية مسلحة».
قذائف ودبابات
بدورها، قالت لجان التنسيق المحلية إن أكثر من ثماني قذائف من الدبابات المتواجدة على جسر أمن الدولة سقطت على الحي الشرقي لمدينة معرة النعمان بريف ادلب وأسفرت عن تضرر «جامع الرحمن» وسيارة مدنية وسقوط عدد من الجرحى. وأفادت اللجان أن 47 دبابة تشارك في عملية اقتحام المدينة وقصفها.
أرفع مسؤول
من جهة أخرى، أعلن معاون وزير النفط والثروة المعدنية السوري عبده حسام الدين الليلة قبل الماضية انشقاقه عن النظام واستقالته من منصبه وانضمامه الى ثورة الشعب السوري في شريط فيديو نشره ناشط على موقع «يوتيوب» على الانترنت.
وقال المسؤول السوري في الشريط: «انا المهندس عبده حسام الدين معاون وزير النفط والثروة المعدنية في سوريا وعضو المؤتمر القطري الـ11 لحزب البعث العربي الاشتراكي، اعلن انشقاقي عن النظام واستقالتي من منصبي وعدم مشاركتي في المؤتمر القطري الحادي عشر الذي سيعقد بعد ايام وانسحابي من حزب البعث العربي الاشتراكي كليا». واضاف: «أعلن انضمامي الى ثورة هذا الشعب الأبي الذي لن يقبل الضيم مع كل هذه الوحشية التي يمارسها النظام ومن يواليه لقمع مطالب الشعب في نيل حريته وكرامته». وحسام الدين هو أرفع مسؤول مدني ينشق عن النظام منذ بدء الحركة الاحتجاجية في منتصف مارس 2011.
هبوط قياسي لليرة
هبطت الليرة السورية نحو 13 في المئة في الساعات الـ24 الماضية في السوق السوداء في دمشق مع تهافت المواطنين والشركات على اكتناز الدولارات، مفسرين التصريحات الأميركية في الآونة الأخيرة بأنها إشارات إلى تدخل عسكري محتمل. وقال تجار عملة عبر الهاتف من العاصمة السورية إن الدولار ارتفع إلى نحو 100 ليرة لمن يريد شراءه من الشارع مقارنة مع حوالي 47 ليرة قبل عام حين بدأت الانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد.

