لايزال التوتر كبيراً في مدينة الكفرة الصحراوية جنوب شرق ليبيا، رغم الهدنة التي اعلنها الجيش وكتائب الثوار، بعد اشتباكات بين قبائل التبو والزوية وحلفائهم من قبائل اخرى، اودت بحياة نحو مئة شخص. ورغم ان الجيش الليبي وكتائب الثوار نجحوا في السيطرة على المدينة الى حد ما بعد مفاوضات بين شيوخ القبائل المتناحرة، لكن الجانبين ما زالا يتبادلان الاتهامات واللوم حول النزاع.

وقال احد زعماء التبو عيسى عبد المجيد ان «التوتر بين القبائل لا يزال موجودا، لكن تم احترام وقف اطلاق النار والأعمال العدائية من الطرفين، بعد اقامة الهدنة»، فيما قال عدد من شيوخ قبيلة الزوية والقبائل المساندة لها ان التبو التشاديين هم من شن الهجوم الأخير على مدينة الكفرة.

 

خرق الهدنة

من جهته، قال المحامي والناشط السياسي السنوسي سالم القمي الذي يرأس لجنة الانتخابات المحلية في المدينة ان «ميليشيات تشادية» دخلت إلى الكفرة وفتحت النار على المواطنين. وأوضح القمي «منذ ثورة 17 فبراير كان هناك فراغ سياسي واداري وأمني في الكفرة، البلدة التي تضم حوالي 40 الف نسمة، واصبحت شبه خالية من السكان، معظم شوارعها غير مضاءة وتعاني نقصا في الماء والأغذية والأدوية».

واكد القمي ان «مجموعة من المرتزقة التشاديين دخلت الى الكفرة واستولت على الشرايين الرئيسية للمدينة، وبدأوا يطلقون النار في كل الاتجاهات، ما تسبب في ارتفاع عدد الإصابات في صفوف المدنيين». واوضح ان هذه المجموعة «بعث بها عيسى عبد المجيد، الذي كان في السابق مسؤولا عن مراقبة الحدود في ومكافحة الهجرة غير الشرعية، الى انصاره من قبيلة التبو». ويؤكد عبد المجيد انه استخدم سلطته في الحد من التهريب. لكن هذا اثار حفيظة سكان المنطقة، لأنهم يعيشون على هذا العمل. ونفى نفيا قاطعا معلومات تفيد انه استخدم ابناء عمومته من خلف الحدود في بسط سيطرته وتعزيز نفوذه وتوطينهم في ليبيا.

 

اتهامات متبادلة

اما ابناء التبو، فيقولون انهم هم الذين تعرضوا للهجوم، وان القبائل الأخرى ترفض الاعتراف بأنهم ليبيون، مع انهم لعبوا دورا رئيسيا في تحرير الجنوب ومسجلون في السجل المدني الليبي الاول في 1954. وقال احد اعيان التبو رجب سيدي «لقد كنا كرجل واحد مع أبناء قبيلة الزوية في الخنادق عندما كنا نقاتل ضد (الزعيم الليبي السابق معمر) القذافي. لكن منذ تحرير البلد، يريدون لنا الخروج من المدينة ويقولون إننا لسنا ليبيين، وهذا عار عن الصحة تماما».

ويشكو أعيان قبائل التبو من استبعادهم من المجالس المدنية والعسكرية المحلية لمدينة الكفرة، ويقولون ان التوصل إلى حل طويل الأمد للوضع في المدينة يتطلب التكامل في هذه الهيئات.وقال الشيخ جمعة حماد التباوي «كنا نعاني من التهميش ونحن تحت القذافي ونحن لن نقبل التهميش مرة اخرى»، واضاف ان «اي احد يستعمل القوة ليس منا. مشكلتنا ليست مع التبو وانما مع التشاديين وهناك اجندة خارجية في الأمر».

مناشدة الجيش

من جهته، طالب الشيخ حافظ الأبيرش الزوي «بعدم خروج من عاث فسادا في الكفرة عبر الحدود ولابد من ان يتم القبض عليه ». وقال: «نحن مسؤولون عن ابنائنا ونتحكم بهم، لكن على الجيش ألا يسمح للمجرمين بالفرار وان يقتصر الخروج من الكفرة على الحالات الإنسانية فقط، ولابد من عودة كل الممتلكات المنهوبة إلينا».

واوضح الشيخ جبريل المجبري ان «ما يحدث في الكفرة غريب عنها ولم يحدث في وقت سابق». وقال ان «اخواننا التبو لا يقومون بهذا الشيء، وهذا العمل ليس عمل ليبيين انما عمل للتشاديين».

وقد خلفت اشتباكات مدينة الكفرة اكثر من 100 قتيل وادت الى تشريد نصف السكان، حسب تقديرات الأمم المتحدة.