يواجه القضاء المصري حملات «تشكيك» موسعة عقب السماح بسفر المتهمين الأميركيين في قضية «تمويل منظمات المجتمع المدني»، إذ اعتبرت الكثير من القوى السياسية أن اشتراك عدد من القضاة في ذلك واستسلامهم لضغوط ورغبات الحكومة رغم الحصانة التي كفلها لهم القانون «يفقدهم الثقة» ويضعهم على المحك.

وجاءت هذه الحملات على خلفية قيام رئيس محكمة الاستئناف المستشار عبدالمعز إبراهيم بتغيير مسار قضية «التمويل الأجنبي» والمطالبة برفع الحظر على سفر الأجانب المتهمين فيها بدعوى أن الاتهامات «لا ترقى إلى مستوى الجناية أو الخيانة، وأنها مجرد مخالفة»، وأن العقوبة التي تنتظر كلاً منهم «غرامة لا تزيد على 300 جنيه فقط»، بما أسهم في اشتعال الشارع غضبًا؛ لتبدأ بعدها حملة قوية ضد القضاء، رغم كون كثير من القضاة والمحامين استنكروا ما فعله عبدالمعز الذي كان يرأس اللجنة العليا لانتخابات مجلسي الشعب والشورى.

ويؤكد نائب رئيس محكمة النقض المستشار زغلول البلشي أن «لا أحد يملك أيًا كان موقعه، أن يتدخل في قضية منظورة أمام قاضٍ»، مشيرا إلى أن «الحقيقة مازالت مجهولة، وما حدث يمس سيادة القضاء». ويردف القول إنه «إذا دخلت السياسة حرم القضاء أفسدته»، مؤكدًا أن القضية «جناية وليست جنحة».

وبينما يطالب عدد من أعضاء البرلمان بضرورة استجواب رئيس مجلس الوزراء كمال الجنزوري للوقوف على خلفيات القرار، الذي يعد «قرارًا سياسيًا بحتًا في المقام الأول»، يطالب آخرون بضرورة استجواب وزير العدل نفسه، في إشارة إلى مدى العلاقة «المتوترة» التي دبت أخيرًا بين الشارع والقضاء، وهو ما عبّرت عنه بقوة تصريحات الناشط السياسي أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس جمال زهران حين قال إن «القضاء فقد عذريته».

لكن رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الشعب المستشار محمود الخضيري يؤكد أنه «لا يمكن استجواب وزير العدل في قضية التمويل الأجنبي»، خاصة أن للقضاء «سلطة محصنة»، وإذا أراد الشارع التحقيق في القضية فعليه أن يقدم بلاغًا إلى النائب العام.

 

عمومية طارئة

في الأثناء، أطلق عدد من القضاة والمحامين حملات ضد موقف المستشار عبدالمعز إبراهيم معربين عن «أسفهم إزاء موقفه».

من جانبه يسعى المستشار هشام رؤوف لجمع توقيعات لدعوة جمعية عمومية طارئة لمحاكم الاستئناف لسحب الثقة من رئيس محكمة الاستئناف، فضلاً على قيام نقابة المحامين بتنظيم جملة من الوقفات الاحتجاجية اعتراضًا على ما وصفوه بأنه «تلويث سمعة القضاء»، فيما تقدم 30 قاضيًا بمذكرة إلى وزير العدل، يطالبون «بالتحقيق في وقائع الاعتداء السافر على استقلال القضاء».