مع سماع دقات طبول الحرب بين تل أبيب وطهران، في ظل التهديدات الإسرائيلية المتزايدة بضرب إيران، تتزايد المخاوف من تداعيات هذه الحرب ليس على منطقة الخليج العربي فقط بل منطقة الشرق الأوسط عمومًا ومصر بشكل خاص، باعتبار أن قناة السويس عامل مهم في أي حرب مستقبلية على هذا الصعيد سواء كانت من ناحية مرور السفن الإيرانية أو الأميركية، أو وضع قيود على السفن المارة بالقناة.
وتخشى القاهرة من نشوب حرب إيرانية- إسرائيلية كون ذلك سيضعها بين شقي الرحى، ويطلق خلافًا محتدمًا بين السلطة الحاكمة الممثلة في المجلس العسكري والأغلبية البرلمانية المصرية بقيادة جماعة الأخوان المسلمين، ولا سيما أن الأخيرة تتمتع بعلاقات قوية مع النظام الإيراني، وفق رؤية البرلماني المصري محمد أبوحامد، الذي توقّع تطور العلاقات المصرية- الإيرانية خلال الفترة المقبلة في ظل هيمنة الإخوان المسلمين على مقاليد السلطة في مصر.
أما النظام المصري بقيادة المجلس العسكري، فإن هذه الحرب ستضعه أمام مسؤوليته بضرورة فتح قناة السويس وفقًا للاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر، سواء فيما يتعلق بالقناة أو العلاقات الإستراتيجية المصرية الأميركية، الأمر الذي يضع المجلس العسكري في مواجهة محتدمة مع «الأغلبية الإخوانية»، حال السماح بمرور السفن الحربية الأميركية والغربية من القناة.
مسافة قريبة
ويقف في مسافة قريبة من المجلس العسكري، التيار السلفي، صاحب المركز الثاني في عدد مقاعد البرلمان، حيث يرفض التعامل مع إيران وهو ما ظهر من خلال رفض الناطق الرسمي باسم حزب النور السلفي نادر بكار الاستجابة لدعوة السفير الإيراني في القاهرة لحضور حفل الثورة، مؤكدًا رفض النور التعامل مع الإيرانيين «إلا بعد وقف خطوات المد الشيعي في المنطقة»، على حد وصفه.
رأس نووي
ويؤكد خبراء إستراتيجيون أن أكثر ما تخشاه مصر من وقوع حرب بين تل أبيب وطهران، يتعلق بإمكانية أن «تطلق إيران رأسًا نوويًا على إسرائيل». ويشير الخبير العسكري اللواء سامح سيف اليزل إلى أن مصر «ستكون من أكثر الدول المتضررة في المنطقة، لأن الغبار أو الإشعاع النووي لا يعترف بالحدود، ما يعني أن المواطن المصري والزراعة والبيئة عمومًا ستصاب بالإشعاع النووي، ما يعني أنها ستكون كارثة كبيرة على مصر لعقود طويلة».
وانطلاقا من هذه المخاوف، يفسر اليزل رفض القاهرة الدائم لامتلاك إيران لأسلحة نووية، «ليس محبة بإسرائيل ولكن حماية للشعب المصري، وهو تفكير براغماتي واقعي من جانب القاهرة»، لافتًا في الوقت ذاته إلى «محاولات مصر المستمرة لحض دول العالم على إخضاع المفاعلات النووية الإسرائيلية للتفتيش الدولي، وتوقيع إسرائيل على اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي، خشية المخاطر الناجمة على مصر جراء استخدام تل أبيب لهذا السلاح النووي».
ويرى عدد من المراقبين أن المجلس العسكري قد يقدم على إغلاق قناة السويس بشكل غير رسمي أمام السفن الأميركية، حال نشوب حرب، ليس اعتبارًا للأغلبية البرلمانية الإخوانية، بل استجابة لضغط الشارع الذي سيرفض بعد الثورة استخدام القناة لضرب أي دولة إسلامية أو عربية مرة أخرى».
