حمل رئيس الوزراء العراقي السابق وزعيم قائمة «العراقية» د. إياد علاوي حكومة نوري المالكي والمسؤولين عن العملية السياسية مسؤولية الفشل الامني، معتبراً في حوارٍ خص به تلفزيون دبي، التابع لمؤسسة دبي للإعلام، ان الحل لانهاء هذه الحالة هو انشاء حكومة شراكة وطنية، ومشدداً على أن «الطائفية السياسية التي ينتهجها ائتلاف دولة القانون تجعل الحديث عن دولة مدينة مجرّد وهم»، فيما أشار إلى أنه لا قرار حتى الآن صدر بشأن تأجيل مؤتمر الحوار الوطني، الذي يتوجب لإنجاحه تحقيق ثلاث نقاط، بحسبه، منوهاً إلى أن تعريب المسألة العراقية افضل من ان تكون شأنا ايرانيا او اميركيا، ولافتاً إلى أن الوقت غير مناسب لطرح موضوع الاقلمة.
وقال علاوي خلال حوار أجراه معه تلفزيون دبي، التابع لمؤسسة دبي للإعلام، ضمن برنامج «قابل للنقاش» الذي تقدمه الإعلامية نوفر عفلي، وبث مساء أمس وتابعته «البيان»، إن انعقاد مؤتمر الحوار الوطني العراقي «ضرورة من اجل وقف التدهور السياسي والامني»، مؤكداً أن «المسؤولين عن العملية السياسية والمشاركين فيها هم المسؤولون عن الفشل الامني في العراق».
واستطرد: «ولكن بطبيعة الحال، النسبة العظمى تتحملها الحكومة الحالية باعتبار ان رئيس الحكومة نوري المالكي على رأس العديد من المناصب ويملك جميع المسؤوليات الأمنية في العراق، فهو وزير الدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات والقائد الأعلى للجيش والقوات المسلّحة ووزير الداخلية وهو مسؤول الأمن الوطني». وأردف علاوي في حواره مع تلفزيون دبي، توءم صحيفة «البيان» في مؤسسة دبي للإعلام، ان «ضعف العملية السياسية والتفرد بالحكم، اضافة الى ما ارتكبه الاميركيون من اخطاء في حق بناء القدرات العراقية، عوامل وفرت الحاضنة للارهاب في العراق بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي».
واعتبر زعيم قائمة «العراقية» انه يوجد في العراق نوعان من الارهاب: «الاول هو الارهابيون والنوع الآخر هو المقاومة المسلحة». واكد ان «السبيل الامثل من اجل فرض الامن في العراق الآن هو الحوار مع المقاومة المسلحة، اما الارهابيون فيجب تجفيف الاسباب التي تغذيهم (الاقتصادية والسياسية)»، مشددا على انه للقضاء على كل ذلك «يجب انبثاق حكومة شراكة وطنية حقيقية تأخذ على عاتقها تعديل المسارات السياسية وتحسين الوضع الاقتصادي والخدماتي».
الحوار الوطني
وبخصوص مؤتمر الحوار الوطني، اكد علاوي انه لم يصدر حتى الآن قرار بتأجيل الاجتماع الى ما بعد القمة العربية المقرر عقدها في بغداد نهاية الشهر الجاري. واكد علاوي «ضرورة انعقاد الاجتماع بشكل عاجل خوفا من تداعيات تهز الوضع العراقي عموما»، مضيفا انه لانجاح المؤتمر «هناك ثلاث نقاط يجب تحقيقها».
واردف: «الاولى هي تهدئة الاجواء والتوترات بداية من مسألة نائب الرئيس طارق الهاشمي وانتهاء بالمعتقلين السياسيين». واستطرد: «والمسألة الثانية هي العودة الى بحث اتفاقية اربيل التي كانت اتفاقية مهمة تؤسس لشراكة حقيقية في العراق». أما المسألة الثالثة، فهي «خريطة طريق لما يجب ان يكون عليه العراق مستقبلا».
واعتبر علاوي في حديثه لبرنامج «قابل للنقاش» ان «هناك محاولات لتسويف انعقاد المؤتمر»، مشددا على ان «المشكلة الحقيقية في انعقاد المؤتمر ليست مكان انعقاده، وانما حضور الصف الاول من القيادات التي تستطيع اتخاذ قرار».
واوضح ان رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ورجل الدين مقتدى الصدر «لن يحضرا المؤتمر»، مشيرا الى انه لن يحضر في هذه الحالة. وعزا ذلك الى انه وبارزاني «مقتنعان بأنه اذا لم يتم احترام اتفاقية اربيل، التي هي بالاساس مستندة الى الدستور، فلا ضمانة لتنفيذ ما يمكن ان يتم الاتفاق عليه».
دعم مشترك
وقال علاوي انه «لا يوجد بادرة حسن نية من قبل الحكومة الحالية»، معتبرا ان حسن النية «يتمثل في فك الارتباط بالقضاء العراقي والسماح بانعقاد محكمة في كركوك او السماح بأن ينتقل ملف الهاشمي الى المحكمة الاتحادية العليا».
وشدد على ان الحل السياسي «هو نفس ما طالب به بارزاني والمتمثل في اجتماع الرئاسات الثلاث وقادة الكتل الرئيسة من اجل بحث قضية الهاشمي واتخاذ قرار مكان محاكمته بشكل نزيه وعادل والاطلاع على وثائق التحقيق والاتهامات الموجهة وصحة التحقيقات»، مستطردا: «وهو للاسف الذي لم يتحقق حتى الآن». وقال علاوي ان الولايات المتحدة وايران «تدعمان نظام المالكي ولديهما علاقات جيدة معه ولذلك عليهما استخدام علاقاتهما ونفوذهما لترتيب الاوضاع وتخفيف الاحتقان الموجود على الساحة العراقية».
قمة بغداد
وبشأن القمة العربية المزمع تنظيمها في بغداد نهاية الشهر الجاري، اجاب علاوي ان هناك «مسؤولية اخلاقية وسياسية» تقع على العرب في القمة. وشدد على «ضرورة مناقشة الوضع العراقي كغيره من الاوضاع في البلدان العربية الاخرى»، مشككا في سياق حديثه في انعقاد القمة في بغداد، مرجعا ذلك لـ«عدم معرفة الاجوبة حتى الآن من عدد من الدول بشأن مشاركتها».
واعتبر ان الجامعة العربية «ليست بمستوى ان تفرض او تلزم الدول»، قائلا ان «الدعوات ارسلت الى الرؤساء والزعماء ومازال العراق في انتظار الاجوبة على هذه الدعوات». واردف: «نأمل ان تنعقد القمة في بغداد، كما نأمل ان يعود العراق الى الحاضنة العربية في اسرع وقت»، معتبرا انه «آن الاوان لكي يعود العراق الى العرب وان يعود العرب الى العراق».
ملف وطاولة
وقال علاوي انه «سيحاول وضع الملف السياسي العراقي على طاولة الجامعة العربية في حال عدم انعقاد المؤتمر الوطني قبل انعقاد القمة العربية»، موضحا انه «مع تعريب المسألة العراقية، فذلك افضل من ان تكون شأنا ايرانيا او شأنا اميركيا». واكد انه «يتم اعداد مذكرة من قبل قائمة العراقية لطرحها على الجامعة العربية تحتوي نقاط تتناول الوضع الامني والسياسي والمخاطر التي تحدق بالعراق، وذلك لأن الحكومة العراقية ستطرح ما لديها في الجامعة من وجهة نظرها وهي لا تمثل كل العراقيين».
وعزا زعيم قائمة «العراقية» عدم وجود قوى امن عراقية قادرة على حفظ الامن في بلاده بشكل كاف الى سببين، الاول «تردد السياسة الاميركية في العراق حيث لم تكن سياستها واضحة في اعادة بنية العراق، اضافة الى ان الولايات المتحدة هي من فكك مؤسسات الدولة. والسبب الثاني هو ان الجيش والشرطة والاستخبارات جميعها قامت على اسس مناطقية وطائفية سياسية وهي للاسف لا تبني مؤسسات كاملة ومهنية تستطيع اداء ما عليها للشعب العراقي».
مدنية وأقاليم
واكد علاوي ان «الطائفية السياسية التي ينتهجها ائتلاف دولة القانون تجعل الحديث عن دولة مدنية مجرّد وهم». واضاف ان الوضع الحالي في العراق «لا يسير باتجاه الدولة المدنية وهذا ما ولد دعوات سريعة مستندة الى فقرات في الدستور لتكوين اقاليم في العراق، ولان العملية السياسية في العراق مهزوزة وتقوم على اساس الطائفية السياسية والتهميش والاقصاء».
وأردف أن «قائمة العراقية تمتلك برنامجا وطنيا يؤمن ببناء دولة مدنية، أما القوى التي ينتمي إليها المالكي فهي تؤمن بالدين المسيّس والطائفية السياسية، وهذا ما أدى إلى ابتعاد المالكي عن الشراكة الوطنية التي اتفق عليها قبل تشكيل الحكومة».
وبشأن موقفه من انشاء اقاليم، افاد علاوي ان الوقت الحالي «ليس مناسبا لمثل هذا الطرح، ولكن ردود الفعل في المحافظات هي بسبب ممارسات السلطة المركزية من تهميش، ما اضطر سكان المحافظات الى تعجيل طرح موضوع الاقاليم». وقال انه بكلامه هذا «لا يلتقي مع المالكي في هذه النقطة، ولكنه فقط يعترض على طرح مسألة الاقاليم في هذا التوقيت من اجل ان يكون هنالك وضوح لمفهومها وعلاقته بالدولة الاتحادية، على عكس المالكي الذي همش المحافظات وحجب الاموال والمخصصات لها».
فساد وقضاء
وفي موضوع قضايا الفساد التي تمثل معضلة وضعت العراق في ذيل قائمة مؤشر الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2011، رأى علاوي أن وجود سلطة وحكومة «لم يؤد إلى بناء دولة بمؤسسات ناجزة، كما أن كل مسؤول سياسي وكل كتلة سياسية كانت تضع برامج خاصة فيها لبناء الدولة، وهو ما أدى إلى غياب مفهوم الدولة في العراق». وذكر أنه «في بلد اللا معقول»، كما وصف علاوي العراق، رأى في مسألة أن «يتقاضى النائب العراقي راتباً وقدره ثمانية آلاف وخمسمئة دولار إلى جانب 18 ألف دولار شهرياً كرواتب مرافقين لكل نائب في البرلمان، انه أمر يعزّز الرأي بأن ثقافة الدولة غائبة عموماً اليوم في العراق»، ملقيا باللوم على الولايات المتحدة التي فككت مؤسسات الدولة فيه.
وبخصوص القضاء العراقي، قال علاوي انه يجد ان «هناك تناقضات في هذا القضاء». وذكر مثالا على ذلك انه «في فترة الانتخابات الأخيرة، اصدرت محكمة التمييز العراقية قرارات متناقضة»، عزا ذلك الى «ضغط الحكومة عليه». واكد ان «جزءا من القضاء العراقي غير نزيه وجزءا آخر مسيس بشكل خطير»، مستطردا انه في المقابل «يوجد قضاة جيدون وكفاءات عالية ولكن لا يوجد بيدهم حيلة».
إسرائيل وسوريا
وبشأن تهديد اسرائيل بضرب إيران، رأى رئيس الوزراء العراقي السابق أن تهديد اسرائيل «حقيقي»، وأن «هناك محاولات للجم اسرائيل من بعض الدول الإسلامية وروسيا وكذلك الولايات المتحدة». وأضاف ان «الخطر يبقى قائم وحقيقي من الضربة».
وعن نظرته إلى المشهد السوري اليوم، قال علاوي ان ما يجري في سوريا «انتفاضة جماهيرية نتيجة لتراكم أخطاء أدّت إلى ما أدت إليه الآن». وكشف أنه تحدث مع الرئيس السوري بشار الأسد حول الربيع العربي قبيل اندلاعه في سوريا بأسبوع وأنه أرسل له رسالة بعد الأحداث وقبل التصعيد. وأضاف ان الاقتراحات التي تقدم بها للأسد «لم تنفّذ للأسف»، مشددا على ان على «الحكم السوري الالتزام بالقرارات العربية للخروج من الأزمة، لان أي قتيل أو شهيد في سوريا يؤثر على الوضع العربي بشكل كامل».
تنازلات العراقية
ذكر اياد علاوي انه لم يقم بتشبيه رئيس الوزراء نوري المالكي بصدام حسين، ولكنه اعتبر ان تصرفات المالكي وتفرده بالقرار «تقود في النهاية الى الدكتاتورية». وقال: «المالكي هو من يصعد المواقف ضد قائمة العراقية بسبب التناقض في البرامج». واضاف انه «رغم ان القائمة هي التي فازت بالانتخابات الا ان التدخل الايراني كان واضحا، وهو ما دفعنا الى اتخاذ قرار التنازل عن الاستحقاق مقابل ان تبنى شراكة حقيقية في البلاد حتى نستطيع ان نمضي بالعراق الى شواطىء الامان».
واكد علاوي انه «لم يندم على تنازله عن استحقاق رئاسة الوزراء؛ لايمانه بالعراق وكبادرة حسن نية والتي تلاها ايضا بالتنازل عن ما سمي مجلس السياسات من اجل الوصول الى الشراكة، الا ان الاخوة في ائتلاف دولة القانون رفضوا هذه الشراكة».

