تصاعدت الضغوط الدولية على النظام السوري وأخذت طابعاً إنسانياً في الساعات الأخيرة، مع إعلان فرنسا عن بدء مناقشة قرار جديد في مجلس الأمن يدعو لوقف العنف وتمكين وصول مساعدات إنسانية إلى الضحايا، بالتزامن مع اجتماع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان حول سوريا، فيما تواصلت الحملة الأمنية بشكل أعنف مع دخول الفرقة الرابعة الخاصة ذات التسليح والتدريب الممتازين إلى محيط حي بابا عمرو التابعة لمحافظة حمص استعداداً لاقتحامه واخماد ثورته، وسط تواتر الأخبار عن تصاعد الحراك في دمشق وريفها وارتكاب مجازر بحق المدنيين في حمص وحماة وإدلب وريف حلب.
ميدانياً، توجهت وحدات من الفرقة الرابعة للجيش السوري إلى محيط حي بابا عمرو، كما شهدت مناطق أخرى من سوريا تحركات عسكرية وقصف، أسفر عن مقتل أكثر من 100 مدنياً.
ونقلت رويترز عن مصادر للمعارضة أن النظام أرسل وحدات من فرقة مدرعات خاصة إلى حمص أمس، وأن دبابات وقوات من الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر، شقيق بشار الأسد، دخلت خلال الليل إلى الشوارع الرئيسية الواقعة حول منطقة بابا عمرو الجنوبية المحاصرة.
وتخوفت مصادر من وقوع مجزرة جديدة في حمص، مشيرة إلى أن إرسال هذه الوحدات على مشارف باب عمرو ينذر بنية الجيش اقتحام المنطقة.
إلى ذلك، أعلن المركز السوري لحقوق الإنسان عن إطلاق قذائف آر.بي.جي» من حاجز الفارابي على منازل في باب السباع صباح أمس.. فيما نشر ناشطون صور عائلة مكونة من سبعة أفراد تعرضت للذبح على أيدي قوات حكومية في حمص القديمة، بعد يوم واحد من مجزرة الفارين من حي بابا عمرو والتي أسفرت عن مقتل 68 رجلاً واختفاء 250 امرأة وطفلاً حسب الهيئة العامة للثورة السورية.
مجزرة حلفايا
وفي ريف حماة، تحدثت الهيئة عن مقتل عشرين شخصا في حلفايا أمس، إثر القصف المتواصل والعنيف للمدينة لليوم الرابع على التوالي.
وقال سامر الحموي، أحد سكان المدينة حلفايا لوكالة «فرانس برس» إن القوات السورية النظامية «تحاصر مدينة حلفايا وتقصفها عشوائيا من ثلاث جهات»، متحدثاً عن سقوط أكثر من 20 قتيلاً و100 جريح.وأضاف أن«القصف يتم من مواقع بعيدة»، معتبراً أن النظام يهدف من عمليته العسكرية على حلفايا «أن يسكت التظاهرات وأن يقبض على العناصر المنشقة» الموجودين في المدينة.
وشهدت مناطق أخرى من سوريا تحركات عسكرية وقصف، حيث افادت شبكة «شام» الاخبارية أن الأمن اقتحم مدينة الجيزة في درعا فيما تم تطويقها بعدد من الاليات العسكرية.
حراك في دمشق وريفها
وفي ريف دمشق، أفادت مصادر عن قصف مدفعي صاروخي من قبل قوات جيش النظام على منطقة الزبداني كما تم رصد العشرات من الدبابات وناقلات الجند وهي تتمركز في سرمين التي قتل فيها عددٌ من المدنيين في قصف للجيش.
وخرج آلاف السوريين في مدينة دمشق لتشييع قتلى الاحتجاجات الذين سقطوا في الأيام الماضية برصاص قوات الأمن السورية، بحسب ما افادت مصادر متقاطعة.
وقال المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات دمشق وريفها محمد الشامي في اتصال مع وكالة «فرانس برس» ان «آلاف الاشخاص شاركوا ظهر أمس في تشييع شهيدين قتلا برصاص الامن في كفرسوسة».كما خرجت تظاهرة حاشدة في حي الميدان لتشييع احد قتلى الاحتجاجات، وخرجت تظاهرات من عدد من مساجد الحي شارك فيها مئات المتظاهرين وفقا للشامي. وبحسب المصدر، فان مناطق: عربين وزملكا وبرزة شهدت أيضاً تظاهرات مناهضة للنظام، وسط انتشار كثيف للقوى الامنية في انحاء عديدة من العاصمة.
مشروع قرار
سياسياً، أعلنت فرنسا أن مجلس الأمن الدولي بدأ العمل بشأن قرار مقترح لوقف العنف في سوريا وتمكين وصول مساعدات إنسانية إلى الضحايا.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية بيرنار فاليرو في تصريح صحافي إن «العمل بدأ في مجلس الامن بشأن قرار مقترح لوقف العنف في سوريا ولدخول مساعدات إنسانية إلى أكثر المناطق والأشخاص تضرراً»، مضيفاً أن التركيز سيكون على مدينة حمص المحاصرة.
وقال وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه إن بلاده تأمل في أن توافق روسيا والصين على القرار المخصص لغايات محض إنسانية.
ولم يستبعد الوزير الفرنسي أن يلين موقف موسكو بعد الانتخابات الرئاسية الروسية المقررة في الرابع من مارس. وقال «هذا ممكن، ومما لا شك فيه أن الجو قبل الانتخابات في روسيا يجعل النظام يتخذ موافق قومية متطرفة إلى حد ما». مضيفاً أن «النظام الروسي يعزل نفسه أكثر فأكثر والعالم العربي لم يعد يفهم روسيا اليوم». وتابع جوبيه أنه «تم تجاوز كل حدود الهمجية في سوريا».
وقف فوري انساني
في الأثناء، طالبت مفوضة الأمم المتحدة العليا نافي بيلاي أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بـ«وقف إنساني فوري لإطلاق النار» في سوريا من أجل وضع حد لأعمال العنف والسماح للأمم المتحدة بمساعدة السكان.
وصرحت بيلاي في كلمة خلال «نقاش عاجل» حول سوريا أمام أعضاء مجلس حقوق الانسان الـ47 ، «لا بد من وقف إنساني فوري لإطلاق النار لوضع حد للمعارك والقصف».
وناقش مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان «الأزمة الإنسانية» في سوريا من خلال دراسة مشروع قرار تقدمت به قطر وتركيا والسعودية والكويت ويدعو النظام السوري إلى السماح بمرور الأمم المتحدة والوكالات الانسانية «بحرية» خصوصاً في حمص.
من جانبها ، دعت سوريا، قبيل انسحاب وفدها من الجلسة، الدول إلى الكف عن «التحريض على الطائفية وتقديم أسلحة» لقوات المعارضة في سوريا واتهمت بأن العقوبات التي فرضتها بعض الدول تمنع دمشق من شراء الأدوية والوقود.
