أجلّت محكمة جنايات القاهرة في ختام جلسة مقتضبة، لم تدم سوى نصف ساعة، محاكمة 43 ناشطا المتهمين بالتمويل الأجنبي، بينهم 19 أميركياً، إلى جلسة 26 ابريل المقبل، فيما كان من الملفت غياب المتهمين الاجانب عن الجلسة الاولى لمحاكمتهم، في حين اعلن مسؤول اميركي ان «مشاورات كثيفة» تتم بين واشنطن والقاهرة لتسوية القضية في اسرع وقت ممكن.

ووسط حضور قوي من وسائل الإعلام ومراسلي الصحف المصرية والأجنبية، بدأت محكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار محمود شكري أمس أولى جلسات قضية التمويل الأجنبي للمنظمات المدنية العاملة في مصر، والتي يحاكم فيها 43 شخصًا بينهم 19 أميركيًا على رأسهم مدير فرع «المعهد الجمهوري الدولي» في مصر سام لاحود، ونجل وزير النقل في إدارة أوباما، وخمسة صربيين وألمانيين وثلاثة من دول عربية و14 مصريًا، بتهم مزاولة نشاط داخل مصر بدون ترخيص وتلقي تمويل من جهات خارجية بالمخالفة للقانون.

وامتلأت قاعة المحاكمة عن آخرها بالمحامين والإعلاميين، فيما كان المشهد اللافت هو حضور ستة فقط من المتهمين المصريين داخل القفص فيما غاب جميع المتهمين الأجانب.

واعلن رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة في ختام الجلسة تأجيل المحاكمة 60 يوماُ لإتاحة وقت للمحامين المدافعين عن الناشطين للإطلاع ولانتداب مترجم من وزارة العدل.

مناقشات حادة

وتأتي هذه المحاكمة في أعقاب مناقشات حادة بين واشنطن والقاهرة لحل الأزمة. حيث اعلن مسؤول اميركي رفيع مساء اول من امس ان «مشاورات كثيفة» تتم بين واشنطن والقاهرة لتسوية قضية الناشطين في المنظمات الاهلية الذين يحاكمون في مصر في اسرع وقت ممكن. واضاف المسؤول رافضا كشف هويته ان واشنطن تأمل بذلك في «تسوية القضية خلال بضعة ايام».

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» ان دبلوماسيين اميركيين بذلوا جهودا كبيرة السبت للتوصل الى «اتفاق» يتيح معالجة هذه القضية التي تثير توترا بالغا بين واشنطن والقاهرة.

الى ذلك قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون امس ان بلادها تقيم نتائج الاجراءات القانونية المتخذة في مصر حيث يحاكم 19 أميركيا «وسيكون لنا تعليق اخر بعد ان ننتهي من ذلك التحليل وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات».

والمحاكمة تحظى باهتمام كبير من وسائل الإعلام الأجنبية وخاصة الأميركية، على خلفية التوتر الشديد في العلاقات بين القاهرة وواشنطن؛ المحاكمة، حيث تنظر واشنطن إلى القضية باعتبارها قضية سياسية وليست جنائية، وهو الأمر الذي يرفضه المصريون، مؤكدين أن القضية في الأساس قانونية وغير موجهة لا من المجلس العسكري أو الحكومة.

وتتباين الرؤى تجاه الاتهامات الموجّهة إلى هذه المنظمات.. ففي حين تتهم وسائل إعلام في مصر تلك المنظمات بالضلوع في تدبير الاضطرابات والإيقاع بين الجيش والشعب بهدف إثارة الفوضى وقيادة البلاد نحو موجة جديدة من الثورة، يرأى آخرون أن انقلاب المجلس العسكري عليها سببه أن هذه المنظمات باتت من أشد منتقدي سلطة العسكر في مصر، فيما رآها فريق ثالث جزءًا من مسلسل الخلافات المصرية الأميركية نحو إعادة صياغة العلاقة بين الطرفين بشكل جديدة بعد الثورة.