فوجئ الكثير من السوريين بتوقيت الاستفتاء على الدستور المعدل، الذي عين الرئيس بشار الأسد لجنته بمرسوم رئاسي، فبينما رأى البعض أن الأمر يطرح الكثير من الأسئلة حول جدوى مثل هذا الاستفتاء في ظل أوضاع أمنية خطيرة أخرجت عدداً مهماً من المدن السورية عن ربقة النظام، يرى آخرون بأنه يضم ثغرات قانونية كثيرة ناتجة عن عدم وجود اختصاصي واحد في القانون الدستوري ضمن لجنة الصياغة.
ولعل أهم نقطة يشير إليها المعترضون هي مسألة توقيت طرح الدستور الجديد للاستفتاء في ظل أجواء العنف السائدة وهو ما يتعارض مع أبسط المبادئ الحقوقية بتساوي المواطنين في الحقوق وأهمها الوصول إلى أماكن الاقتراع بأمان.
ويرى هؤلاء أنه وبما أن الدولة أعلنت عن وجود عصابات مسلحة قد تشكل تهديداً للمواطن، فهذا يعني فقدان الأمن في أماكن عديدة من البلاد، وهو ما يحرم المواطن في تلك المناطق من حقه الانتخابي، بل إن انتشار حواجز الأمن حتى في المناطق التي تسيطر عليها الدولة يفرغ الاستفتاء من محتواه في ظل من الخوف والقلق.
توقيت خاطئ
وتمنى هؤلاء المعترضون لو أن طرح الدستور للاستفتاء تأجل إلى أوقات أخرى أكثر إيجابية كذلك فإن المدة بين طرحه للنقاش وموعد الاستفتاء كانت قصيرة للغاية .. فلا يكفي إذاعة بعض المواد على وسائل الإعلام للترويج لها، وكان الأجدى مناقشته بصورة منفتحة في المراكز الثقافية ليدرك المواطن حقوقه وواجباته. وبالإضافة إلى مشكلة التوقيت يرى المعترضون أن هذا الدستور كان محل خيبة أمل الكثير من القانونيين فلم يرتق إلى الدساتير التي تمنح المواطن المشاركة الشعبية.
وفي التفاصيل يقولون: صحيح أنه حدث تقدم في بعض مواده من حيث حماية حقوق المواطن المدنية من التعسف بالإضافة لإلغاء المادة الثامنة التي تجعل حزب البعث القائد للمجتمع والدولة وإعلان الجيش والقوات المسلحة مؤسسة وطنية مسؤولة عن الدفاع عن سلامة أرض الوطن وسيادته الإقليمية بدلاً من أهداف الثورة في الوحدة والحرية والاشتراكية
دغدغة للمشاعر
ويرى المعترضون على الدستور، وكثير منهم ليسوا في صف المعارضة أن الفقرة التي تحدد دين رئيس الدولة تهدف إلى دغدغة مشاعر الأكثرية المسلمة، مما قد يدفع الكثيرين من أبناء الطائفة المسيحية للإحجام عن التصويت له، كما أن تبديل سوريا من قطر عربي إلى جزء من الأمة سوف يدفع الأكراد لرفض الدستور. وألغيت فقرة سورية دولة اشتراكية شعبية والسؤال ما هو النظام الاقتصادي الجديد وهل ستقرره الحكومة أم رجال الأعمال والقوى الاقتصادية المتنفذة في النظام والدولة.
هذا الموقف المعترض من قبل تيارات محسوبة على النظام، يقابله مواقف ترى في هذا الدستور «مهزلة» في ظل الوضع الأمني المتدهور في البلاد، ففي حين ترى الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان، وهي منظمة مسيحية معارضة أن هذا الاستفتاء على ما وصفته بـ«دستور الفصل العنصري»، مناورة لإثارة الغبار الإعلامي من أجل التعمية على جرائم القتل اليومي التي تمارسها هذه السلطات، دعا ائتلاف القوى العلمانية الديموقراطية السورية إلى مقاطعته كونه محاولة للعب في الوقت بدل الضائع؛ ولأنه جاء ليكرس دستوراً على مقاس الرئيس، وليس على مقاس الوطن
الرئيس الأوحد
ويسأل الكثير من السوريين عن أي تعددية سياسية يتحدث النص الجديد للمادة الثامنة من مشروع الدستور، إذا لم يكن بإمكان الأحزاب السياسية التي قد تحصل على أغلبية المقاعد في مجلس الشعب من تشكيل حكومة أو حتى من تسمية رئيس الحكومة والوزراء.
وقد وصل الأمر بالمحامي البارز ميشيل الشماس لأن يقول إن الدستور القديم كان يكرس الحزب قائداً للدولة والمجتمع، بينما الدستور الجديد يكرس الرئيس قائداً أوحد للدولة والمجتمع.