يواجه أبرز مرشحين في انتخابات الرئاسة المصرية تحديا مماثلا في حملاتهما الانتخابية.. ماضيهما.  فالأضواء تتسلط على الانتماءات السابقة لكل من المرشح الإسلامي عبد المنعم أبو الفتوح والدبلوماسي المخضرم عمرو موسى إذ كان الأول عضوا في جماعة الإخوان المسلمين والثاني كان ينتمي لنظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية العام الماضي. 

 ومع استعداد مصر لأول انتخابات رئاسية حقيقية بعد نحو أسبوعين ينتقد كل منهما ماضي الآخر في اطار حملاتهما الانتخابية.   فقد وصف موسى أبو الفتوح "بالشيخ" في إشارة على ما يبدو إلى انتمائه سابقا لجماعة الإخوان المسلمين. وفي المقابل وصف أبو الفتوح موسى بانه أحد أفراد الحرس القديم الذي لم يعد صالحا للقيادة الآن. 

 وتسلط الحرب الكلامية الضوء على نقاش أوسع يتعلق بمستقبل مصر ويعكس قلقا إما من هيمنة التيارات الإسلامية التي كان مبارك يقمعها واما من عودة فلول النظام السابق الأمر الذي سيقوض إرساء الديمقراطية.  وحرص موسى وأبو الفتوح على تصوير نفسيهما على أنهما مرشحان مستقلان. وفي الوقت الحالي يتصدران نتائج استطلاعات الرأي إلا أن الاستطلاعات تشير أيضا إلى أن الكثير من المصريين لم يحسموا رأيهم بعد فيما يتعلق بمن سيعطونه أصواتهم في انتخابات الرئاسة المقررة يومي 23 و24 مايو. 

 ومن أبرز المرشحين الآخرين الذين يمثلان أيضا الحرس القديم والتيار الإسلامي محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وأحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.  وشغل عمرو موسى منصب وزير الخارجية في عهد مبارك لعشر سنوات حتى عام 2001 ويواجه تساؤلات بشأن صلته بالنظام السابق منذ أن أعلن نيته قبل أكثر من عام ترشيح نفسه للرئاسة. وصور موسى (75 عاما) نفسه كصوت منشق على حكم مبارك مما دفع مبارك إلى إبعاده. 

 إلا أن الأسئلة لم تختف ويرجع ذلك جزئيا إلى حقيقة أن منافسيه مستمرون في إثارة هذه النقطة.  وأجاب ردا على سؤال في مقابلة في عدد يوم الأحد من صحيفة اليوم السابع عن علاقاته بمبارك قائلا "على من يحاول تشويه اسمي أن يقرأ مذكرات الرئيس السابق مبارك التي نشرتها إحدى الصحف اليومية حتى يعرف هؤلاء كيف وقف عمرو موسى مواقف وطنية في وجه كل المؤسسات الموجودة ونجح في تغيير بعض السياسات ورفض تنفيذ أي سياسة غير مقتنع بها." 

 وفي الوقت الذي تصدر فيه أبو الفتوح نتائج استطلاعات الرأي كثرت أيضا الأقاويل عن ماضيه وانتمائه سابقا إلى الإخوان المسلمين.  كانت جماعة الإخوان المسلمين محظورة في عهد مبارك إلا أن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة فاز بأكثرية المقاعد في انتخابات مجلسي الشعب والشورى. وتواجه الآن انتقادات بأنها تريد الهيمنة على الحياة العامة وهي مزاعم تنفيها بشدة. 

 وفصل الطبيب أبو الفتوح (60 عاما) من عضوية جماعة الإخوان المسلمين العام الماضي بعد أن أعلن سعيه الترشح للرئاسة. ورغم أن الجماعة أقالت أبو الفتوح إلا أنه كثيرا ما يواجه تساؤلات تعكس درجة من الشك العام حول ما إذا كان لا يزال مواليا للجماعة.  لكن إجاباته أوضحت أنه على خلاف كبير مع قيادات الجماعة التي تأسست قبل 84 عاما. 

 وخلال مقابلة تلفزيونية مع قناة النهار التلفزيونية الخاصة يوم الأحد سأل الشيخ جمال قطب أحد شيوخ الأزهر ابو الفتوح عما إذا كان أدى البيعة لجماعة الإخوان المسلمين.  وأجاب "مسألة البيعة في الجماعة مسألة دخيلة على الفكر والفقه الإسلامي حتى فيما يسمى ببيعة الإخوان وحل البيعة كلها ممارسات لا تعرفها جماعة الإخوان المسلمين إلا في حالة وحيدة وهي حالة التنظيم الخاص الذي أنشأه البنا وندم الإمام البنا على إنشائه لممارساته اللاحقة التي خرجت عن أهدافها." 

 واستطرد "لا يوجد في جماعة الإخوان المسلمين شيء اسمه البيعة هذا كله كلام خاص بالتنظيم الخاص أرادوا أن يسحبوه على الجماعة كلها" مضيفا أنه لم يؤد البيعة لأحد.  وردا على تصريحاته قالت صحيفة الحرية والعدالة في عنوان في صفحتها الأولى من عدد اليوم الثلاثاء "بيعة الإخوان.. المفترى عليها" ووصفتها بأنها "التزام بالسمع والطاعة لخدمة الإسلام والوطن". 

 وقال أبو الفتوح إن على جماعة الإخوان المسلمين التي كانت محظورة في عهد مبارك تصحيح أوضاعها، مشيرا إلى أنه بعد ثورة 25 يناير يجب ألا يسمح بوجود "أي كيان لا دعوي ولا خيري ولا سياسي خارج سياق القانون."  ورغم قطع صلاته بجماعة الإخوان المسلمين إلا أن أبو الفتوح يقول صراحة إن توجهاته الإسلامية لم تتغير منذ أن ترك الجماعة حتى بعد تزايد شعبيته وسط الناخبين الليبراليين الذين يعتبرونه وسطيا. 
 ووصف أبو الفتوح نفسه بأنه ممثلا للإسلام الوسطي الذي يخدم مصالح المجتمع كله. 

 إلا أن موسى وآخرين أبدوا تشككا متسائلين كيف يمكن أن يكون أبو الفتوح وسطيا ويحظى بتأييد حزب النور السلفي. وقال عن أبو الفتوح ومحمد مرسي ومرشح إسلامي آخر مستقل هو محمد سليم العوا في المقابلة مع صحيفة اليوم السابع "الثلاثة يتحدثون من منطلق واحد وسياسة واحدة وبمرجعية واحدة ومعروفة للجميع ونتائج واحدة واللي مش شايف كده (لا يرى ذلك) لابد أن يرى ويفتح عينه كويس."  وتساءل "كيف يكون هنا هذا الطرح مدنيا  وأبو الفتوح يمثل المشروع الديني كما يمثل الدكتور مرسي؟" 

 ورد أبو الفتوح على موسى في المقابلة التي أجراها مع قناة النهار بقوله إن وصف موسى له "بالشيخ" يعكس "سخرية دأب رموز النظام القديم على أن يسوقوا في ثقافاتهم مصطلحات الدين من باب السخرية والحط من قدر الآخرين."  وأضاف مبتسما "إذا كان عمرو موسى بيقول كلمة شيخ من قبيل سني الكبير فهو أولى بالمشيخة لأن عمرو موسى أكبر مني 16 سنة يبقى الشيخ عمرو موسى."