عبرت دولة الإمارات عن أسفها لمحاولة استهداف البعثات الدبلوماسية السعودية في مصر، في الوقت الذي غادر السفير السعودي لدى مصر أحمد عبدالعزيز قطَّان القاهرة، أمس، عائداً إلى بلاده بعد قرار السلطات السعودية استدعاءه للتشاور، إثر الاعتداءات التي تعرضت لها سفارتها وقنصلياتها في مصر من قبل متظاهرين طالبوا بالإفراج عن الناشط المصري أحمد الجيزاوي، المحتجز في السعودية، تزامناً مع تجديد القاهرة أسفها وانتقادها التصرفات التي صدرت عن بعض المصريين، ورفضت أية إساءة للعلاقات، بينما دخلت جامعة الدول العربية على خط الأزمة، وأجرى أمينها العام اتصالات بين القاهرة والرياض في محاولة لاحتواء الأزمة، معتبراً أن الأزمة «سحابة عابرة».
وصرح السفير د. عبدالرحيم العوضي، مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتابع باهتمام شديد استدعاء المملكة العربية السعودية سفيرها لدى جمهورية مصر العربية، وإغلاق قنصلياتها في الإسكندرية والسويس.. وتأسف لمحاولة استهداف البعثات الدبلوماسية السعودية في جمهورية مصر، ومحاولة الإساءة الى العلاقة التاريخية بين البلدين الشقيقين.
وقال العوضي، إن دولة الإمارات تؤكد حرمة العمل الدبلوماسي والبعثات والدبلوماسيين ومسؤولية حمايتها، وتشير إلى ضرورة الالتزام الدقيق بكافة بنود معاهدة فيينا لعام 1961 التي تنظم الحصانات والأعراف في العمل الدبلوماسي الدولي، وخاصة المادة 22 و29 من المعاهدة.
وأضاف العوضي أن الحرص على حماية البعثات والدبلوماسيين في الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم العربي، يمثل حصانة أساسية للعلاقات العربية، ويضمن عدم الإساءة إليها والتصدي للتصعيد غير المبرر.
وتأمل دولة الإمارات أن يتم تجاوز هذه الأزمة بين البلدين، لما فيه مصلحة وازدهار ورفاهية الشعبين الشقيقين.
أسف بحريني
في الأثناء، أعربت وزارة الخارجية بمملكة البحرين عن أسفها لما تعرضتْ لهُ سفارةُ المملكة العربية السعودية وقنصلياتُها في جمهوريةِ مصر العربية من اعتداءات، ما أدى إلى إغلاقها.
وأكدت وزارةُ الخارجية في بيان أصدرته الليلة قبل الماضية وأوردته وكالة الأنباء البحرينية على أهميةِ حمايةِ البعثات الدبلوماسية، وفقاً لما نصتْ عليه معاهدةُ فيينا للعلاقات الدبلوماسية، ومعاقبةِ من قاموا بهذا العمل الذي أدى إلى توترٍ في العلاقات بين البلدين الشقيقين.
من جانب آخر، قال مصدر في مطار القاهرة، إن السفير قطَّان غادر، صباح أمس، إلى الرياض من قاعة كبار الزوار، وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث كانت بانتظاره طائرة خاصة أقلته إلى الرياض.
وكان دبلوماسيون وموظفون بالسفارة السعودية غادروا القاهرة، مساء أول من أمس، تنفيذاً لقرار أصدرته السلطات السعودية باستدعاء السفير قطَّان للتشاور، وبإغلاق سفارتها لدى القاهرة وقنصليتيها بمحافظتي الأسكندرية والسويس.
وفي تطور بارز يعكس حجم الأزمة، أورد موقع بوابة الأهرام المصري الإلكتروني، أن صحيفة «الشرق» السعودية قالت، إن قطان أكد أن تأشيرات دخول المصريين إلى المملكة موقوفة تماماً، وقال «لن يُعطَى أي مصري تأشيرة في الوقت الحالي بسبب إغلاق السفارة والقنصليات السعودية في القاهرة». وأشار القطان إلى وجود جهود دبلوماسية مصرية على أعلى المستويات لحل المشكلة وإعادة فتح السفارة والقنصليات من جديد.
رفض للإساءة إلى العلاقات
في الأثناء، رفض وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، أمس، أي إساءة للعلاقات المصرية السعودية، منتقداً كتابة عبارات مسيئة للسعودية على أسوار سفارتها بالقاهرة، خلال تظاهرات احتجاجية خلال الأيام الماضية.
وطالب عمرو، في كلمة ألقاها أمام الاجتماع المشترك للجان حقوق الإنسان والشؤون العربية والعلاقات الخارجية في مجلس الشعب المصري (البرلمان)، أمس، بالفصل بين مجمل العلاقات المصرية السعودية وبين مشاكل يتعرض لها مواطن مصري.
وأوضح أن هناك مشاكل لنحو 34 مواطناً مصرياً في السعودية في سبيلها للحل، كما أنه توجد مشاكل لمواطنين سعوديين في مصر، ومنهم من حكم عليه بالإعدام، متسائلاً هل معنى ذلك أن توضع العلاقات مع السعودية في كفة والمواطن أحمد الجيزاوي في كفة؟ وتابع أن مشاكل المصريين في السعودية قليلة جداً مقارنة بعددهم الذي يتجاوز المليوني مواطن مصري.
أسف مصري
إلى ذلك، قال وزير السياحة المصري منير فخري عبدالنور، الذي يزور دبي حالياً بمناسبة اشتراك بلاده في معرض السفر العربي 2012 الذي يفتتح اليوم في تصريح لوكالة أنباء الإمارات، إنه «باسم حكومة مصر نعرب عن أسف مصر العميق، لما بدر من قلة ضئيلة من المواطنين المصريين غير مسؤولة أمام السفارة السعودية»، واصفاً هذه الأحداث بأنها «غير مقبولة شكلاً وموضوعاً ولا تعبر عن موقف رسمي مصري». وأكد حرص بلاده على متانة العلاقات المصرية مع دول مجلس التعاون الخليجي. وأشار بوجه خاص إلى عمق العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة.
العربي يتوسط
وفي السياق، أجرى الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، اتصالات مع كل من وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، ووزير الخارجية المصرية محمد كامل عمرو، لمتابعة التطورات الجارية في العلاقات بين السعودية ومصر. وأعرب العربي، في بيان صحافي عن ثقته في حكمة البلدين لتجاوز هذه السحابة العابرة في العلاقات التاريخية والاستراتيجية المتميزة بين مصر والمملكة، والتي لا يمكن أن تتأثر بحادث عارض سوف يعالج في إطاره المعتاد.
زوجة الجيزاوي تعترف
من جهة أخرى، كشفت شاهندة فتحي زوجة «الجيزاوي»، أن زوجها لم يتعرّض للعنف، ولم تشاهد على جسده أية آثار تفيد بأنه اعترف بحيازة حبوب مخدرة تحت الإكراه، مؤكدة أن الحقيبة التي ضبطت مع زوجها هي الحقيبة ذاتها التي سافرا بها من القاهرة.
مثقفون وحقوقيون سعوديون: العلاقات بين البلدين خط أحمر
اتهم كتاب ومثقفون وحقوقيون سعوديون عددا من وسائل الإعلام المصرية وبعض الإعلاميين المصريين بالتحامل على المملكة العربية السعودية والعمل على تعكير علاقاتها مع مصر وإذكاء نار الفتنة وتحريض الناس على مهاجمة السفارة السعودية في القاهرة والقنصليتين في الإسكندرية والسويس على خلفية اعتقال المحامي المصري أحمد الجيزاوي في مطار جدة أثناء محاولة تهريبه لحبوب مخدرة واعترافه بأنه قام بذلك لحساب شركة أدوية.
وأكد هؤلاء الكتاب والحقوقيون في تصريحات لـ «البيان» أن العلاقات السعودية المصرية جوهرية وراسخة والحاجة إليها مستقبلاً أشد ضرورة مما كان في الماضي وأن العلاقات السعودية المصرية خطٌّ أحمر، لا يمكن «لشرذمة قليلة وتصرفات فردية عبثية، التأثير فيها، أو النَّيْل منها؛ فهي علاقة دين وعقيدة وتاريخ ومصالح مشتركة».
وقالت الكاتبة السعودية منيرة السليمان «إذا كانت المملكة أقدمت على إغلاق ممثلياتها في مصر وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ علاقات البلدَيْن، فإنها جاءت من منطلق حماية سفاراتها وبعثاتها، وأيضاً لتوصيل رسالة قوية لمن يحاولون المساس بسيادتها، أو أي مواطن سعودي في أي مكان».
وذكرت أن هناك أياد عابثة، تقف وراء هذه الأفعال والتصرفات غير المسؤولة، تحاول المساس بعلاقات البلدَيْن، التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، مشيرة إلى أن ما بدر من المجموعة الغوغائية التي تظاهرت أمام السفارة تعدى حدود حرية التعبير المسموح بها، ووصل الأمر حد الإساءة للمملكة ولرموزها وحرمة سفارتها طبقا لكل الأعراف والمواثيق الدولية.
ومن جهته، قال الباحث القانوني السعودي د.عمر بن حمود القاضي أن هناك بعض الإعلاميين المصريين وهم لحسن الحظ قلة قليلة يقتاتون على إشعال الخلافات والفتن بين مصر والبلاد العربية، ويعرفهم الكثير من المثقفين وحتى عامة الناس في مختلف الدول العربية.
وأضاف أن المأمول من عقلاء مصر استدراك الوضع وعدم انجرار الإعلام نحو تصعيد قضية تجاوزت حدودها لتصل إلى الإساءة لعلاقة تاريخية بين بلدين شقيقين، خاصة وأن المطلوب كان التكاتف من أجل صالحهما وصالح المنطقة بأكملها. وللإعلام المصري اليوم دور كبير في هذه المسألة كما كان له دور كبير في تصعيدها.
في الأثناء قال الأديب والشاعر السعودي بدر عبد الله الشهري أن قضية الجيزاوي هي بعهدة الأمن والقضاء، وتمضي في طريقها للعدالة الشرعية كقضية أي فرد آخر يخالف الأنظمة والقوانين ، والسعودية يأوي إليها سنوياً في الحج والعمرة الملايين ولم نسمع بأحد ظُلم في المطار أو لبّس تهمة ليست فيه.
مشيرا إلى أن مشكلة بعض الإعلام المصري أنه ينقاد وراء قضايا فردية ويؤجج مشاعر أبناء جلدته حتى تتحول القضية الفردية إلى قضية كبرى تؤثر سلبا على الروابط الوثيقة بين دولتين، وقضية تأجيج المشاعر بين المصريين والجزائريين ليست ببعيدة.
تباين الآراء في مصر بشأن الأزمة مع السعودية
أثار قرار المملكة العربيـة السعودية سحب سفيرها من القاهرة وإغلاق قنصلياتها مؤقتاً في أعقاب التظاهرات والاحتجاجات الخاصة بقضية الناشط المصري أحمد الجيزاوي، الذي تم حبسه بالمملكة بتهمة حيازة مواد مخدرة، حالة من الجدل والانقسام في الشارع المصري وداخل الأوساط السياسية والحزبية. فهناك فريق يرى أن العلاقات بين البلدين تاريخية .
ولا يمكن أبداً أن يتم اختزالها في هذه الصـورة التي تفقد مصر حليفاً إستراتيجياً مثل السعودية، مؤكدين ضرورة عدم الصدام معها وتكرار سيناريو «الجزائر» مرة أخرى. فيما يرى البعض الآخـر أن السعودية أخطأت ولا بد من وجود رد فعل قوي، رافضين قيام الحكومة المصرية على لسان رئيسها كمال الجنزوري بالاعتذار.
وكانت الحكومة المصرية استنكرت في بيان لها أول من أمس السبت الاحتجاجات ضد السفارة السعودية بالقاهرة ومحاولة اقتحامها واعتبرتها "حوادث فردية" صدرت عن بعض المواطنين ولا تعبر إلا عن رأي من قاموا بها من المتظاهرين. في وقت طالبت جماعة الإخوان المسلمين المملكة العربية السعودية بمراجعة موقفها بشأن سحب السفير، مطالبة إياها بعدم التصعيد وزيادة حالة الاحتقان بين البلدين، .
وأكدت جماعة الإخوان المسلمين عمق العلاقات بين البلدين والتي لا يمكن أن تختزل بهذه الصورة، في الوقت الذي اقترحت فيه الجماعة مشاركة فريق مصري في التحقيقات مع الجيزاوي، والذي تم حبسه بتهمة حيازة المخدرات، على الرغـم من كونه قد دخل المملكة معتمراً.
وفي المقابل، رفض رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشعب ورئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، أي محاولات لتشويه صورة القضاء السعودي والشرطة السعودية، مطالباً بضرورة ضبط النفس في التعامل مع تلك القضية، وخاصة أنها تتعلق بعلاقات تاريخية بين البلدين، مبرراً قيام حكومة د.كمال الجنزوري بالاعتذار بأنها محاولة لتخفيف الأزمة وتداركها قبل فوات الأوان.
فرق شاسع
رأت الأديبة السعودية أميمة الجلاهمة أن هناك فرقا شاسعا بين حرية التعبير و«قلة الأدب» التي مورست من القلة القليلة من المتظاهرين أمام السفارة السعودية في القاهرة وقنصليتيها في الإسكندرية والسويس، والتي تجاهلها الأمن المصري وسكت عنها، وساندها الإعلام المصري وصفق لها وضخمها، بل ألقى الضوء عليها بشكل استفزازي .
محاولة تهريب
أحبطت سلطات مطار القاهرة، أمس، ثاني محاولة لتهريب أقراص مخدرة داخل علبة «مش» للمرة الثانية خلال 11 ساعة، كانت بصحبة راكب مصري لدى سفره إلى السعودية.
وصرحت مصادر مسؤولة بالمطار بأنه أثناء إنهاء إجراءات سفر ركاب الطائرة السعودية رحلة رقم 308، والمتجهة إلى جدة، اشتبهت شرطة المطار في علبة مش كان برفقة راكب، حيث أوضح جهاز الأشعة وجود أجسام معتمة بداخلها. وحسب المصادر، تبين بعد فتح العلبة وجود 260 قرصاً من مخدر الـ«تيمول». وأقر الراكب بأن أحد الأشخاص أعطاه العلبة لتسليمها إلى قريبه في السعودية ولا يعلم محتوياتها.
استثمار
وصل إلى القاهرة، أمس، وفد من رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين، قادمين على عدد من الطائرات الخاصة والعادية، في زيارة لمصر بصورة مفاجئة، لمتابعة تداعيات الأزمة بين مصر والسعودية على مشروعاتهم الاستثمارية في مصر.



