أكد نائب الرئيس الأفغاني عبد الرشيد دستم أن الملا أختر منصور، الذي اختير أخيراً زعيماً لحركة طالبان خلفاً للملا محمد عمر، كان قد انقلب على رفاقه، وعمل جاسوساً ضد مقاتلي حركة طالبان، بعد أن ألقت القوات الأوزبكية القبض عليه خلال غزو الولايات المتحدة لأفغانستان عام 2001.
وأفادت صحيفة «تايمز» البريطانية، في تقرير صدر أخيراً، أنه على الرغم من اجتماع ألف من أبرز عناصر حركة طالبان في مدينة كويتا الباكستانية، التي تقع غرب البلاد بالقرب من الحدود مع أفغانستان، فيما يعرف بلقاء «شورى الوحدة» للتوافق على تعيين الملا أختر منصور قائداً جديداً للحركة، أكد الجنرال عبد الرشيد دستم أن الأخير قد عمل في وقت من الأوقات جاسوساً على رفاقه في الحركة.
وعلى الرغم من عدم التحقق من صحتها، تأتي التأكيدات التي تتهم قائد حركة طالبان بالخيانة في لحظة مفصلية حرجة للحركة، التي تناهشتها النزاعات المتعلقة بهوية خلف الملا محمد عمر.
ويمكن لمثل هذه الشقاقات أن تعيق بشكل هائل مسيرة حركة طالبان المتمردة، كما يمكن للفراغ الحاصل في السلطة الأفغانية أن يتم استغلاله من قبل تنظيم «داعش»، الذي يسعى لاقتناص دور طالبان كقوة متشددة بديلة.
وواجه الملا منصور، الذي كان نائب الملا عمر، سيلاً من الانتقادات الحادة، أخيراً، واستقالة عدد من الشخصيات البارزة في الحركة، بعد أن تبين دور منصور في المساعدة على إخفاء خبر موت قائده عام 2013 مدة عامين كاملين.
ويسود الاعتقاد أن ابن الملا عمر وشقيقه يندرجان في فئة المعارضين الشرسين للملا منصور، وتبوئه قمة قيادة الحركة، على قاعدة أن تعيينه لم يتم من خلال الآلية المعتادة المعتمدة.
وأعلن حسن رحماني، أحد النواب السابقين للملا عمر، أن الملا منصور قد استعان بزمرة من الحلفاء لتنصيب نفسه في مركز قائد الحركة.
وقال رحماني، في معرض تعليقه على الأحداث: « لم تكن تلك هي الطريقة المناسبة لاختيار أمير جديد للحركة. وقد كان من المفترض إعلام جميع أعضاء مجلس الشورى بالأمر وإعطائهم الوقت الكافي للحضور والإدلاء بآرائهم. وقد غادر معظم الأعضاء الاجتماع لدى إدراكهم أن هوية الأمير الجديد للحركة قد اتخذ القرار بشأنها مسبقاً».
وسعى الملا منصور ومؤيدوه لتدعيم مزاعمه، أخيراً، بنشر سيرة ذاتية من خمسة آلاف كلمة عبر الموقع الرسمي لحركة طالبان، تسلط الضوء على ما وصف بأنه «البصيرة الجهادية الفذة» لمنصور.
وسعت الخطوة من ضمن ما سعت إليه إلى تبرئة ساحة منصور من مسؤولية التستر على مقتل الملا عمر، حيث ورد فيها ما يلي: « لقد قرر كبار أعضاء الحركة وقيادة المجلس الأعلى علماء الدين الاتفاق على إخفاء الخبر المأساوي».
وقد اتخذ القرار بذلك لأن قوات حلف «ناتو» كانت لا تزال موجودة في أفغانستان آنذاك. وادعى التقرير أن الملا منصور ما كان ليتقدم إلى منصب القيادة قط، وكان يفضل أن يخدم ما سماه «القضية العظيمة» كمجرد جندي عادي، لكن وحسب ما جاء في التقرير فإن: «المجلس الأعلى قد أعلن عن تسميته كونه المرشح الوحيد المناسب لمنصب القيادة».
ويشكل ما تبقّى من عناصر تقرير السيرة الذاتية غير الاعتيادي، الذي يبالغ في الحديث عن الإصابات الثلاث عشرة التي تعرض لها الملا منصور، مقاطع تتحدث عن «هدوئه ومدى تأثيره وكرامته».
ويذكر بعض ما ورد في السيرة ما مفاده: «لا يكثر الملا منصور من الكلام، ويحاول الاستماع أكثر إلى الآخرين. ويحب أن يرتدي ملابس فضفاضة مرتبة ونظيفة. كما أنه لا يحبذ الإسراف والمبالغة في اللباس والمأكل وكافة احتياجات الحياة اليومية ويتحاشاها».
ويدعم الدبلوماسي والأكاديمي الأيرلندي مايكل سيمبل، الذي كان على معرفةٍ بعدد من قادة طالبان خلال فترة التسعينيات مزاعم الملا منصور، مؤكداً أنها سديدة، وذلك لما يتمتع به الرجل من سمعة تشيد به كقائد يتمتع بالرصانة وحسن التفكير والتدبير.
وقال سيمبل: «يتعلق النزاع ضد منصور بأن الإجراءات الآيلة إلى تعيينه لم تتم على نحو كافٍ، وأنها لم تأت متوافقة مع مقتضيات الشريعة، وهو جدال مبني على القوانين. وتعتبر بعض المزاعم المتعلقة بعملية التعيين والاختيار عارية من الصحة تماماً. سيما أن بعض الدفاع يشير إلى أنه الرجل الأفضل في المكان الأنسب. وتقول النسخة الطالبانية من الدفاع (إنه الرجل الأفضل لتولي المهمة، أخبروني عن أي شخص يرتدي ملابسه بأناقة تضاهي أناقة منصور.)»
تاريخ
أختر منصور متهم منذ فترة بعيدة باغتصاب السلطة، واستغلال غياب الملا عمر. كما اتهم بدعم محادثات السلام في أفغانستان، لتلقيه وعود من السلطة الأفغانية وبدافع من الضغوط الباكستانية. كما أن المخاوف من تنامي قوة منافسيه داخل الحركة ومزاحمته على منصب القيادة شكلت تأثيراً كبيراً في حساباته السياسية.
وقال أحد المؤتمنين على أسرار منافسي منصور: «يتولى منصور القيادة حالياً، وهو يبلي بلاء حسناً حتى الآن، كما يهدف من خلال إيفاد رسائل تحت اسم الملا عمر إلى تدعيم موقفه قبل مفاوضات السلام كي لا يتجرأ أحد على التمرد بوجهه».
