رغم الإقبال العالمي على استوديوهات التصوير والإنتاج

السينما المغربية ضحية تنوّع اللهجات المحلية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تراجع السينما المغربية واقع احتار المحللون في تفسيره، فبرغم المؤهلات الطبيعية والفنية والتقنية التي يمتلكها المغرب، ووقوف الدولة بقوة وراء الإنتاج السينمائي بتقديم الدعم المادي والمعنوي، إلا أن كل هذه الجهود لم تثمر إلا عن القليل، ولايزال المغرب تفتقر إلى كتاب السيناريو مؤهلين ومخرجين قادرين على خلق التواصل بين المغرب والمشرق العربي بالفيلم المغربي، بل ولاتزال السينما المغربية مشتتة بين تنوع اللهجات داخل المغرب نفسه، وربما - بحسب متخصصين- هذا هو السبب الرئيسي والأهم في انعزال السينما المغربية وعدم عبورها خارج الحدود، بالرغم من المحاولات المتكررة من جانب شركات الإنتاج المحلية، ومن جانب الدولة التي تحرص على تنظيم المهرجانات السينمائية الدولية بمختلف المدن المغربية طوال شهور العام للترويج لصناعة السينما المغربية.

تقول كاتبة السيناريو الأمازيغية فوزية بندادة، إنه رغم كل الجهود المبذولة لدعم قطاع السينما، إلا أن الصراع بين دور الإنتاج والتشتت بين محاولات إنتاج الفيلم الامازيغي وتنوع اللهجات في المغرب، وصعوبتها بالنسبة لجمهور المشرق العربي، أدى إلى تبديد كل جهد ومسعى لتطوير القطاع السينمائي، والعودة إلى المربع صفر، خاصة مع تشتت كتاب السيناريو بين اللهجة الأمازيغية والدارجة بمختلف فروعها وتنوعاتها وصعوباتها، وهو ما أدى إلى إنتاج سيناريوهات بعيدة عن الواقع وتفتقر للحبكة الدرامية وغيرها من الفنيات التي انعكست على الإنتاج الفني والتقني للسينما وبالتالي حققت خسائر بسبب عزوف الجمهور وتراجعت الصناعة بالكامل.

فقر المواهب

ويشير الناقد محمد بلوش إلى أن الإمكانيات الطبيعية والتقنية متوفرة وليست هي المشكلة، فمثلا مدينة ورزازات –جنوب المغرب- التي لقبت بـ"هوليوود المغرب"، تمتاز بالطبيعة المتنوعة من جبال وسهول وصحار، ما جعلها أكبر استوديو مفتوح، وصور بها العديد من الأفلام والمسلسلات التاريخية في الوطن العربي، مثل مسلسلات "ربيع قرطبة والظاهر بيبرس والناصر صلاح الدين" وغيرها من المسلسلات التاريخية السورية والعربية، ومدينة وزازات يعول عليها المغرب لبناء صناعته السينمائية، ونجحت أخيرا في استقطاب صناع السينما الأميركية والفرنسية والانجليزية لتصوير أفلامهم فيها، وسريعا ما قامت شركات الإنتاج بإنشاء مدارس خاصة في وزازات لتخريج جيل جديد من التقنيين والفنيين المؤهلين للتعامل مع التقنية الحديثة، كما أنشئت 4 استوديوهات بمواصفات عالمية أنتجت خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 400 عمل أغلبهم أجنبي، وقدرت استثماراتها بحوالي 1.5 مليار درهم.

التمويل والقرصنة

ويرى نور الدين الصايل المدير العام للمركز السينمائي المغربي، أن قطاع السينما لايزال مرتبط كليا بالتمويل الحكومي وهو حتى وان كثر يعد قليلاً بالنسبة لما نطمح إليه، لذلك يجب أن يتم التوسع في الاستثمار السينمائي وخلق موارد تمويل إضافية بجانب الدعم الحكومي، وأيضا التوسع في إنشاء صالات العرض وإدارتها لصالح تنمية قطاع السينما، حيث ان عدد صالات العرض على مستوى المملكة يبلغ 250 صالة، وهو عدد قليل جدا، علاوة على أن أغلبها متهالك ويحتاج إلى التطوير في الشكل والمضمون والإدارة، علاوة على ذلك يسعى المركز السينمائي حاليا لتشجيع الإنتاج السينمائي المشترك مع دول أجنبية لإتاحة الفرصة أمام المغاربة من العمل في المهن المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بصناعة السينما.

تاريخ السينما المغربية

وعن تاريخ السينما في المغرب يقول بنسالم حنيش وزير الثقافة الأسبق: أسس المركز السينمائي المغربي عام 1944 تحت رعاية المقيم الفرنسي ابان الاستعمار، وكان إنتاجه ضئيلاً للغاية وقاصراً على إنتاج الأفلام الفرنسية إضافة إلى المجلة السينمائية، وبعد الاستقلال عام 1956، أصبح المركز السينمائي مؤسسة عامة تتبع وزارة الإعلام والسياحة والفنون الجميلة، ونظرا لميزانيته المتواضعة لم ينتج منذ الاستقلال وحتى منتصف الستينيات - 10 سنوات- سوى المجلة السينمائية وأفلام وثائقية قصيرة، وأول فيلم ناطق بالعربية كان بعنوان "الباب السابع" وتم عرضه في دور السينما بالمغرب، وفي عام 1958 أنتج المخرج محمد عصفور فيلم "الابن العاق" لكنه لم يحقق النجاح.

وفي حقبة الثمانينيات والتسعينيات اتجهت الدولة لدعم المركز السينمائي مادياً ومعنوياً للنهوض بصناعة السينما، وبدأت وزارة الإعلام والسياحة في تنظيم المهرجانات الفنية العالمية لجذب الأنظار للسينما المغربية بشكل خاص وللفنون المحلية بمختلف فروعها، واستطاعت هذه المهرجانات وخاصة مهرجان مراكش الدولي في استقطاب مجموعة من الأسماء السينمائية الكبيرة المعروفة على المستوى العالمي، كما ساعدت الورش التدريبية الموازية للمهرجانات في تسويق النتاج السينمائي المغربي عربياً وعالمياً، وأصبحت المهرجانات السينمائية التي وصل عددها إلى 25 مهرجان سنويا، هدفا تتنافس دور الإنتاج الخاصة والعامة والمخرجون لاقتطاع مساحة فيها، وامتدت المهرجانات التي بدأت بمهرجان مراكش لتصبح في كل المدن تقريبا "تطوان وأكادير والرباط وورزازات وفاس ومكناس"، لذلك أصبح من الواجب أن تتحد كافة الجهات المعنية في المغرب، وأن يتم إجراء بحوث جدية للمعوقات التي تواجه صناعة السينما والبحث عن حلول واقعية ومنطقية لها للخروج من حالة العزلة التي يعاني منها الفيلم المغربي.

جهود ولكن..

يقول الممثل المغربي إدريس روخ ان عدد إنتاج الأفلام في المغرب وصل إلى متوسط 20 فيلماً سنوياً، وهو تقدم ملحوظ في مجال الإنتاج، وأدت المهرجانات الفنية، إلى تسليط الضوء عالميا على السينما المغربية، إضافة إلى تسهيلات القطاعين العام والخاص في المغرب لصناع السينما حول العالم، هذه الجهود دفعت قطاع السينما للأمام قليلاً، لكنها لم تحقق النتيجة المأمولة.

Email