بينما تشهد صناعة السينما في مصر تطورات ملحوظة، تظل العديد من التحديات التي تواجه تلك الصناعة المهمة التي تُعد أحد مصادر الدخل الرئيسة في كثيرٍ من الدول؛ ولذلك تلتفت إليها أنظار الحكومات، إما بالإنتاج أو الدعم، كصناعة تدر مبالغ مالية هائلة، وأرباحاً تساعد على تحقيق نهضة الدول، ونشر رسائل إنسانية متعددة.

وعانت السينما المصرية أخيراً؛ بسبب الأحداث السياسية المضطربة، وتساءل كثيرون عن مستقبل صناعة السينما المصرية، والفرص المُتاحة أمامها للوصول إلى العالمية، والتغلب على التحديات الحالية التي تواجهها.

الشتا اللي فات

وفي هذا الإطار، يؤكد الناقد الفني يوسف شريف رزق الله أن صناعة السينما المصرية شهدت في الفترة الأخيرة تطوراً ملحوظاً، فالعديد من الأفلام المستقلة عُرضت في كثير من المهرجانات وحصدت الجوائز، ومن بينها فيلم «عشم»، و«هرج ومرج»، و«فيلا 69»، و«فرش وغطا»، و«الشتا اللي فات»، مشدداً على أنها أفلام مثلت السينما المصرية بصورة مُشرفة، ولافتاً إلى أن 95% من جوائز الكثير من المهرجانات تذهب إلى هذه «السينما الجديدة»، ما يؤكد أهمية السينما المستقلة في مصر.

ووجه رزق الله تحية إلى أصحاب دور العرض السينمائية الذين منحوا أخيراً فرصة لهذه الأفلام، ليتم عرضها جماهيرياً، مستدلاً بتجربة فيلم «فرش وغطا» الذي كان من المفترض عرضه أسبوعاً واحداً، ولكن بعدما شهد إقبالاً كبيراً من المشاهدين، تم مد طرحه في السينما أسبوعاً آخر، وهو أمر مبشر ولافت للنظر، لا سيما أنه فيلم صعب، فتقريباً الفيلم بدون حوار، لكن استمراره جاء بناءً على رغبة الجمهور؛ ليعكس تذوق الجمهور للفيلم، بحسب رأيه.

لا مؤاخذة

ويرى رزق الله أن هناك الكثير من الأفلام التي تزيد من تفاؤله بصناعة السينما، من بينها فيلم «لا مؤاخذة» الذي عُرض أخيراً في دور العرض السينمائية، قائلاً «الفيلم تجربة مهمة للمخرج عمرو سلامة، ويتطرق لأكثر من موضوع، من بينها التمييز الديني، وتدهور التعليم في المدارس الحكومية، وابتعد الفيلم عن الخطابة، وحث الجمهور على التفكير، وجعله يضحك ويستمتع»، متابعاً أن «2014 سيشهد أفلاماً مهمة، ستجعله عاماً سينمائياً متميزاً».

ويأتي هذا في الوقت الذي يُطالب فيه البعض بعودة اهتمام الدولة بصناعة السينما، وبرغم وجود دعم من وزارة الثقافة يصل إلى 20 مليون جنيه، توزع على إنتاج أفلام روائية طويلة وقصيرة، إذ يحصل الفيلم الروائي على ما يقرب من مليوني جنيه كدعم لا يُرد، فإن الدعم غير ثابت وغير منتظم، ويلفت النقاد إلى أن فكرة الدعم ليست باختراع، وإنما موجودة في العديد من الدول الرأسمالية مثل فرنسا، مشددين على أنهم لا يطالبون الدولة بالعودة إلى الإنتاج، ولكن يطالبونها بانتظام الدعم.

عودة السينما

المخرجة الشابة سارة رزيق لها رأي آخر، إذ ترى أن عودة السينما الجيدة التي تواجه الأفلام الموجودة حالياً، ستتم إذا عادت الدولة من جديد لتتولى إنتاج أفلام سينمائية متميزة، مشيرة إلى أنها لا تجد فرقاً بين دعم الدولة للأفلام السينمائية، وبين إنتاجها؛ لأنه في كلتا الحالتين سيكون هناك شروط وقيود تفرضها المؤسسة الداعمة، ولافتة إلى وجود قيود يفرضها المنتج الخاص، لكن الفرق هنا أن الدولة ستحرص على تقديم عمل يحمل فكراً وقيمة، بحسب رأيها.

وتشير إلى أنه خلال الفترة الأخيرة، بدأت تظهر الأفلام المستقلة التي تؤكد وجود أفكار مختلفة عن الأفلام التي تحتوي على خلطة الرقص والغناء.

 

جذور

 

يرى مدير التصوير وديد شكري أن وصول السينما المصرية إلى العالمية سيأتي من خلال ارتباطها بالمحلية، وأن تتعمق الأفلام السينمائية أكثر في المحلية، لافتاً إلى أن مصر تمتلك جذوراً حضارية بالعودة إليها وإظهارها، ستستطيع أن تلفت إليها أنظار العالم.