يندر أن تمكّن فيلم من بين الأفلام التي عُرضت في نسخة مهرجان كان الحالية من إثارة الضحك، كما أثاره فيلم "داخل ليوين ديفيد" للأخوين كوين، الذي يروي بين أحداثه محاولات ليوين ديفيد الحثيثة قبل 50 عاماً إطلاق نوع جديد من الموسيقى في أميركا، ليتطرق بذلك إلى حالة وأزمة موسيقى (الفولك) التي لم تعد موجودة في أميركا اليوم.

وفي الوقت الذي استمتع فيه النقاد بفيلم الأخوين كوين، تولدت الشكوك في إمكانية اقتراب الشباب من فيلم "ذا بيلنغ رينغ" للأميركية صوفيا كوبولا لعجزه عن تقديم ما هو جديد، وعدم قدرته على التعلق بالذاكرة بسبب سطحيته وتقريريته، ليغزل الفيلمان معاً بعضاً من الحكايات الأميركية الماضية والحاضرة.

الفيلم الأفضل

لم يتوقّف جمهور فيلم الأخوين كوين، والذي عُرض في صالة ديبوسي، ضمن مسابقة المهرجان الرسمية التي دخلت أسبوعها الثاني، عن الاستمتاع للحظة واحدة طوال عرض الفيلم، وسادت القناعة لدى كثيرين منهم كونه الفيلم الأفضل حتى الآن والأجدر لنيل إحدى جوائز المهرجان المهمة، وبرغم أن الفيلم يروي الشاب الشريد ليوين ديفيد قبل أكثر من 50 سنة في أميركا لم تعد موجودة اليوم، فإن الشباب سيحبون الفيلم، كما أحبه النقاد، بسبب خفة روحه وأبطاله الذين بدوا وكأنهم تجسّدوا من صفحات قصص الكوميكس المصوّرة، ولعذوبة الموسيقى التي فيه، وفرادة شخصية ليوين ديفيد الذي يتلقى الضربات، النفسية والمعنوية والجسدية، من كل الجهات، لكنه ينهض من جديد ليواصل محاولته إطلاق نوع جديد من الموسيقى، ذات صلة بالمستمع المتذوّق.

ويدلّل الفيلم، من جهة أخرى على قدرة وبراعة الأخوين كوين في إنجاز الأفلام القادرة على الجمع بين ما يطالب به النقاد والجمهور الواسع.

أبناء مترفون

إلا أن ذلك كان عكس ما حدث لصوفيا كوبولا التي قدّمت فيلم "ذا بيلنغ رينغ" في مُفتتح مسابقة برنامج "نظرة ما"، والذي يتحدث عن مجموعة مراهقين من أبناء العوائل المترفة التي تتورط في عمليات سطو على منازل المشاهير في بيفيرلي هيلز، بهوليوود، في 2009 وتعيش لحظة نشوة الثراء السريع، التي تنتهي بهم في السجن.

وبسبب عجزه عن تقديم ما هو جديد، على صعيد الحدث أو بناء الشخصيات، تتولد الشكوك في إمكانية اقتراب الشباب منه، فما يعرضه هو أقلّ غنى ممّا تعرضه شاشات التلفزيون يومياً من المسلسلات الأميركية التي تعرض مئات الشخصيات، التي تتجاوز في تكاملها ما قدّمته صوفيا كوبولا في شريطها.

نقطة ضعف

ولعلّ نقطة الضعف الأساسية في الفيلم تكمن في نصّه المكتوب، إذْ اعتمدت كوبولا على الحدث الحقيقي لهذه "العُصبة" من الشباب، وبنت أحداث فيلمها بالاعتماد على تحريّات ضابط شرطة هوليوود بريت غودكين، ما جعله عبارة عن سرد توثيقي يقرب إلى التحقيق البوليسي، ليبدو كأنه فيلم قصير حُشي، عنوة، بمشاهد الفتيات الأربع وصديقهم الخامس، وهم يحتفلون بغنائمهم المسروقة من منازل مشاهير هوليوود.

وتعود صوفيا كوبولا إلى هوليوود لتنجز عملها الأخير الذي يمثل ـ برأيها ـ صورة عن أبناء الأثرياء الذين ترعرعوا على ما تبثه قنوات التلفزيون من برامج "رياليتي شو" والمأخوذين بنهم الشهرة والموضة.

 

3 ملايين دولار

اقتبست صوفيا أحداث فيلمها من سلسلة عمليات سطو وقعت بين نهايات 2008 وأغسطس 2009، نفّذتها 4 مراهقات وزميلهنّ في المدرسة في منازل مشاهير هوليوود، ومن بينهم باريس هيلتون وميغان فوكس وأورلاندو بلوم وليندسي لوهان، وقدّرت المسروقات بنحو 3 ملايين دولار، حيث كانت المجموعة تتسلل إلى الحفلات المقامة داخل المنازل الثريّة لسرقتها، وكُشفت بفضل كاميرات المراقبة المنصوبة في منزل ليندسي لوهان، وبفضل ملاحقة عدد من القطع المسروقة، نجحت الشرطة في القبض على المجموعة، التي انتهت إلى السجن.