لم يعد أداء الأغنية الخليجية خلال السنوات الأخيرة مقتصراً على الفنان الخليجي فقط، لا سيما بعد تجاوزها حدودها المحلية نحو فضاء المنطقة العربية، لتتحول إلى ملاذ يقصده الفنانون العرب الذين أقبلوا على إيقاعاتها وكلماتها بشغف، لدرجة أن ألبوماتهم لم تعد تخلو من الإيقاع الخليجي، ما مكنهم من كسب ود الجمهور الخليجي.

وبالنظر إلى الساحة الفنية، نجد أن قائمة طويلة من المغنيات العربيات فتنهن سحرالأغنية والسوق الخليجية، كالمصرية أنغام التي قدمت 5 ألبومات خليجية في سنواتها الأولى، والسورية أصالة واللبنانية نانسي عجرم وميريام فارس التي سلكت المسار الخليجي في ألبومها الأخير، ويارا التي عادت لتكرار التجربة بعد نجاحها في أغنية «صدفة»، والتونسية لطيفة التي تمكنت من اللهجة الخليجية في أغنياتها، وغيرهن.

اتساع هذه القائمة، فرض علينا التفتيش عن الأسباب التي تدفع المغنين العرب نحو الأغنية الخليجية، ويبدو من بينها، بحسب العارفين بهذا المجال، سعي المغني العربي نحو السوق الخليجية التي باتت تتمركز فيها معظم شركات الإنتاج، فضلاً عن قبول المواطن العربي للأغنية الخليجية أكثر من أي وقت مضى.

ود الجمهور

هبوط مستويات المبيعات والحصول على قطعة من كعكة الحفلات، واحدة من جملة أسباب ذكرها مسؤول التوزيع في شركة بلاتينيوم ريكوردز أحمد محمود، والذي قال لـ «البيان»: «هناك أسباب عدة لهذا التوجه، أولها يكمن في تمركز معظم شركات الإنتاج في الخليج، وارتفاع الطلب على الأغنية الخليجية خارج حدود منطقة الخليج في السنوات الأخيرة، أما ثالثها، فيتمثل في هبوط سوق الألبومات، والذي قابله ارتفاع في نسبة الحفلات التي تقام في الخليج، وحتى يتمكن المغنون العرب من الحصول على نصيبهم منها، أخذ بعضهم يتجه نحو الأغنية الخليجية تلبية لرغبة الجمهور، ما زاد من اهتمام المغني نفسه بالأغنية الخليجية، لدرجة أن بعضهم يتدخل في تفاصيل اللحن، حتى يتمكن من كسب ود الجمهور الخليجي».

وأكد أحمد أن الاستمرارية والشهرة أسباب أخرى دفعت المغنين العرب نحو السوق الخليجية، لا سيما في ظل تأثيرات الربيع العربي على الساحة الفنية، مدللاً بذلك على انتقال عدد كبير منهم إلى الإقامة في منطقة الخليج، ما قربهم أكثر من مستمعيهم في المنطقة.

وفي إطار حديثه، أكد أحمد أن توجه المغنين العرب نحو الأغنية الخليجية لم يؤثر سلباً فيها، بل زاد من رونقها وتألقها، وأدى إلى إثرائها، وساهمت الأغنيات الخليجية التي يقدمها هؤلاء في تنوع أطياف الأغنية الخليجية، لدرجة أنه صار هناك تعاون بين المغنين والملحنين والشعراء الخليجيين والعرب بصورة ملـــحوظة، والذي يصب في نهاية الأمر ضمن مصلحة الأغنية الخليجية.

بوابة خليجية

وبسؤاله عن ذلك، تذكر تامر البيطار المدير الإقليمي للقسم العربي في شركة EMI، مرحلة توجه معظم الفنانين اللبنانيين للغناء باللهجة المصرية، وقال: «السبب الرئيس لهذا التوجه، يتمثل في محاولة فتح أسواق جديدة، خاصة أن الجمهور الخليجي كبير نسبياً، وبالتالي، فأي مغنٍ عربي يسعى إلى تحقيق الانتشار خليجياً، ولا يتأتى ذلك إلا من بوابة الأغنية الخليجية، التي تمكنه في ما بعد من أخذ نصيبه من الحفلات الغنائية التي تستضيفها منطقة الخليج».

وأشار إلى أنه، ورغم توجه معظم المغنين العرب نحو الأغنية الخليجية، إلا أن مجموعة منهم لم تتمكن من النجاح فيها والاستمرار بتقديمها، راداً السبب إلى طبيعة اللهجة الخليجية، والتي يصــعب على البعض إتقانها.

الملكية الفكرية

عامر هنيدي المدير العام لشركة الإمارات للصوتيات والمرئيات، قال في ذلك: «بتقديري أن السبب الرئيس يكمن في تمركز شركات الإنتاج في منطقة الخليج، التي تهتم كثيراً بقضايا حقوق الملكية الفكرية، والتي تعد من الضروريات لأي مغنٍ، سواء خليجياً أو عربياً، إلى جانب ذلك، أصبحت اللهجة الخليجية قريبة جداً ومفهومة من قبل شريحة واسعة من الجمهور العربي، الذي بات يتعامل مع الأغنية الخليجية بسلاسة، أما السبب الثالث، فهو التنوع الذي يطمح إليه أي فنان».

ويتفق هنيدي مع أحمد والبيطار في أن الحفلات صارت تمثل ســـبباً مهماً في توجـــه المغنين العرب نحو الأغنية الخليجية، وقال: «معظم المغنين أصبحوا يتطلعون إلى الحفلات، حصولاً على مردود مادي، في ظل هبوط مبيعات سوق الألبومات العربية، وبلا شك أن نجاح المغني في تقديم الأغنية الخليجية، يمكّنه من الحصول على جزء من هذه الحفلات وتحــقيق الانتشار على الساحة».