تمكنت مسلسلات الكرتون، خلال السنوات الأخيرة من احتلال مكانة جيدة في الدراما العربية، لتصبح بذلك بمنزلة "فاكهة الدراما"، أو كما يعتبرها البعض "ملح الكوميديا" كونها تمنح المشاهد العربي يومياً وجبة كوميدية، مفعمة بجرعة دسمه من النقد الجذاب، وبلا شك إن هذا المزيج قد عزز من قدرة هذه الأعمال على المنافسة في ماراثون رمضان، وساهم في رفع نسبة اهتمام الجمهور بها.

وما بين مستمر ومغادر تطل علينا القنوات الفضائية خلال رمضان هذا العام بمجموعة من مسلسلات الكرتون، ولعل أبرزها "شعبية الكرتون" و"حمدون" و"المصاقيل 2" و"طيش عيال"، وهناك أيضاً مسلسلات "قصص الحيوان في القرآن"، و"المفطراتي" التعليمية وغيرها، فيما غادر المجموعة مسلسل "فريج" ليبقي مكانه في قلوب الجمهور شاغراً.

شعبية الكرتون

يكاد "شعبية الكرتون" الذي تبثه قناة سما دبي، أن يكون الأقدم بين كافة الأعمال الكرتونية التي تعرض في رمضان، بعد خروج مسلسل "فريج" من الماراثون الرمضاني، وبلا شك فإن وجوده في رمضان واستمراره حتى الموسم السابع، إنما ينم عن قوة الأفكار التي يقدمها إلى المجتمع، حيث تمكن مخرجه وكتابه من المزج بين النقد والفكاهة، وتقديمها بطريقة مقنعة وخفيفة. المتابع للموسم السابع من شعبية الكرتون يلمس مدى التطور الذي أصاب العمل ليس في عملية التحريك وحسب، وإنما من ناحية طرح الأفكار وجرأتها، حيث يبدو أن العمل يسعى إلى تبني قضايا المجتمع الواقعية.

وكما بدا ذلك في الحلقة التي تناولت العباءة والتطور الذي أصابها، وتناوله لسباقات الشباب في الشوارع العامة والقيادة بتهور، والتي أصبحت من أكثر الأسباب المؤدية للوفاة والاعاقات الجسدية والنفسية في المجتمع المحلي، وغيرها. نجاح شعبية الكرتون في معالجة الهموم المحلية دعاه إلى تصدر قوائم الأعمال الأكثر متابعة في رمضان.

"حمدون" يدخل السباق

فيما يبدو أن "حمدون" لم يعد مقتصراً على الملصقات وأغلفة الكراسات، حيث تمكن من دخول السباق الرمضاني بمسلسل جديد يحمل اسمه، ويعتبر "حمدون" الذي تبثه قناة أبوظبي عملاً تعليمياً اجتماعياً ترفيهياً، يروي تفاصيل حياة طفل إماراتي اسمه حمدون، ولد وقضى سنواته الأولى في بريطانيا بسبب عمل والده، وبعد 6 سنوات يعود إلى الوطن مع أخته حمده، ليبدأ حمدون باستكشاف ثقافة الإمارات وبيئتها، ويحاول التعرف عليها وعلى طبيعة الفروق بين بريطانيا والإمارات، من حيث العادات والتقاليد والحياة العامة من خلال أصدقائه وعائلته. متابع المسلسل يشعر أن فيه نقلة نوعية على مستوى طبيعة العمل وتصميمه وطبيعة الأفكار التي يتناولها والتي تصب في صلب تربيتنا لأبنائنا وتهدف إلى تعميق علاقتهم بالبيئة المحيطة بهم، فضلاً عن أنه يقدم البيئة الإماراتية إلى المشاهد الإماراتي بطريقة جميلة وخفيفة.

"المصاقيل 2" خطوط كوميدية

في المقابل، نجد أن الجزء الثاني من المسلسل السعودي "المصاقيل" يمزج بين الدعابة الطريفة والنقد الهادف، ويحاول أن يقدم قبيلة الشيخ مصقال التي تعيش في الصحراء بطريقة جديدة تتناسب والزمن الذي نعيش فيه، حيث تتأثر القبيلة عن بُعد بتقنيات العصر وأدواته، والتغييرات التي أحدثتها وسائل الاتصال والتواصل، وغيرها من عناصر الحداثة، فضلاً عما حملته رياح التغيير إلى بنية المجتمع البدوي وعاداته وطبيعة أهله.

في هذا الجزء نجد أن مدة حلقاته تضاعفت من 5 إلى 10 دقائق، وهو ما يساهم في منح شخصيات العمل مساحة أكبر للمشاركة فيه، إلى جانب رفع مستوى العمل ومستوى الكوميديا التي يعتمدها. والمتابع له، سيلاحظ التغيير الذي حدث في هذا الجزء على مستوى الكوميديا، حيث أصبح في كل حلقة خطان متوازيان ، بدلاً من الخط اليتيم الذي كان معتمداً في الجزء الأول، وإعطاء مساحة كافية لكل شخصية سيدعم طبيعة المواقف الكوميدية في المسلسل الذي يعتمد في أفكاره على مجموعة كبيرة من الكتاب، الأمر الذي يغني العمل ويقدمه بصورة جميلة.

"طيش عيال" بديلاً لطاش

 

 

يعتبر مسلسل "طيش عيال" والذي يجسده 3 ممثلين سعوديين بارزين هم ناصر القصبي وعبدالله السدحان وفهد الحيان، من أبرز الأعمال الجديدة التي انضمت إلى الماراثون الرمضاني، ويمكن اعتبار هذا المسلسل بديلاً لمسلسل "طاش ما طاش"، الذي يغيب عن رمضان للمرة الأولى بعد توقفه بشكل نهائي.

وجود القصبي والسدحان في "طيش عيال" بلا شك يمثل نفياً لما تردد عن وقوع خلافات بينهما، وفيه نلمس نقلة نوعية في طبيعة المواقف الفكاهية التي اشتهر بها الممثلون الذين يؤدون الأدوار، ورغم أن هذا العمل لا يختلف كثيراً عن "طاش ما طاش" من ناحية النقد للمجتمع السعودي والتركيز على المفارقات الموجودة فيه، الا أنه يعد تجربة جميلة تستحق الثناء خاصة وأنه يتميز بتقنيات عالية المستوى، فضلاً عن أن عملية التقليد فيه تنم عن احترافية عالية في العمل.