لم تكن نهاية الجزء الأول من مسلسل "الولادة من الخاصرة"، رغم أنها مأساوية مقنعة تماماً للجمهور العربي، حيث انتهى بالمقدم رؤوف (عابد فهد) في السجن، فيما انتحر واصل (سلوم حداد)، ولم يتغير وضع جابر (قصي خولي) وعائلته التي تعيش في الفقر.

ومن يتابع نهاية الجزء الأول يشعر بأن كاتب السيناريو سامر رضوان بالتعاون مع المخرجة رشا شربتجي، قد ابقيا الباب موارباً لتقديم جزء ثان والذي بات يحمل عنوان (ساعات الجمر) بعد نجاته من مقصلة التأجيل نتيجة الظروف التي تعيشها سوريا، والدخول في ماراثون رمضان، ليحقق هو الآخر نسبة مشاهدة جيدة مقارنة مع بقية الأعمال الدرامية المعروضة، رغم ما يحمله من جرعات دسمة من الألم والمعاناة في حلقاته العشر الأولى.

أسماء لامعة

في الجزء الثاني، ورغم انسحاب بعض الأسماء اللامعة مثل سلاف فواخرجي (سماهر) التي تسافر خارج الدولة، ومكسيم خليل (علام) الذي يلاحق من قبل الشرطة ويردد اسمه في المسلسل دون ظهور وجهه حتى الآن، فيما حافظ المسلسل على أبرز أبطاله مثل قصي الخولي ومنى واصف، وعابد فهد وكندة علوش، وانضم إليهم أسماء أخرى أبرزها باسم ياخور وديما قندلفت وأمل بشوشة.

بدا المؤلف سامر رضوان أكثر استرسالاً في عرض كافة أشكال وفصول الألم والوجع خاصة فيما يتعلق بعائلة جابر الذي ما يكاد يخرج من ازمة حتى يدخل في الثانية، فيما لا تجف الدموع عن خدي زوجته وأمه ووالدته، إضافة إلى تسليطه الضوء على الفساد السياسي والإجتماعي وانعكاسه على حياة مجموعة من الأبطال تعرضوا للقهر والظلم.

هوية العمل

في الحلقات الأولى تمكنت مخرجة المسلسل رشا شربتجي من المحافظة على هوية العمل نفسها من حيث مواقع تصويره والإضاءة والكادرات، مع حركة كاميرا هادئة، لتشبه في ذلك الحوادث البطيئة بعض الشيء، مع وجود تغيير تقني بسيط حتى لا يشعر الجمهور أنه لا يزال يتابع أحداث الجزء الأول.

إلا أن الملاحظ على هذا الجزء ارتفاع نسبة القهر والظلم والمعاناة إلى مستويات عالية تصل أحيانا الى حدود المبالغة، ويبدو أن مؤلف السيناريو يتجاهل تماماً اننا نعيش في زمن مختلف عن الزمن القديم تتوفر فيه كافة أشكال الاتصال والتواصل والتطور، تجعل أي شخص غير قادر على الرضوخ بسهولة لقدره، وإنما يسعى جاهداً الى تغييره.

ولكن يبدو أن الاستسلام للظلم هو نقطة الضعف الأبرز في المسلسل، الأمر الذي يشعر متابع المسلسل أنه أمام ملحمة تراجيدية صعبة لا نهاية لها، مليئة بالسواد والتشاؤم، ورغم مرور 10 حلقات من المسلسل حتى الآن، لا يبدو أن خطوط المسلسل العامة تحمل للجمهور أي أمل أو بشرى، بل نكتشف مع تقدم حلقات المسلسل أن الاستبداد والظلم والمعاناة في ارتفاع متناغم.

فيما يستمر الكذب والنفاق فيه، وكأن المجتمع السوري بدا خالياً من الحب وفاقداً للخير وللصلات الاجتماعية الحميمة التي عادة ما نشهدها في مسلسلات البيئة الشامية، واستبدلها بكل أشكال الظلم والنفاق والكذب، ولذلك كان لابد من إظهار بعض الأمل في المسلسل أمام الجمهور حتى يتمكن من التنفس ومتابعة المسلسل، وليؤمن بأن الحياة بسيطة فيها من الخير الكثير.

ولكن برغم ذلك لا تنبئ أحداث هذا الجزء المقبلة، خاصة وأن المقدم رؤوف بدا قريباً جداً من مغادرة زنزانته، الأمر الذي يعني لنا عدم انكسار جبروت الظالم، ومع التحول الدراماتيكي الذي بدأت تدخل فيه عائلة جابر يظهر أننا أمام فصول ستكون أصعب، وأكثر ظلماً يتحدى المؤلف من خلالها قدرة المشاهد العربي على التحمل.