«إنها المحاضرة الإشكالية». بهذه العبارة استهل الناقد د. سلمان كاصد محاور الأمسية، التي «تضع الصحافة الثقافية في الميزان»، كما جاء في عنوانها، فهناك، كما قال كاصد، صدام وتوافقات وتوطؤات بين ما يحدث، وبين عدم التوافق بين الصحافة والمصدر أحياناً. وكذلك إشكاليات النشر.

تحدث في الأمسية، التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، في مقره في أبو ظبي، مساء أول أمس، الزميلة إيناس محيسن من جريدة «الإمارات اليوم» (قدمت ورقة بعنوان «الصحافة الثقافية حضور مضطرب وتقدير غائب»)، والزميل الشاعر سلطان الحجار من جريدة «الاتحاد» (تناول في ورقته موضوع «تراجع الثقافة العربية مع تراجع القراءة»).

حضور مضطرب

الصفحات الثقافية هي الأقل عدداً بين مختلف أقسام الجريدة، إذ لا تزيد على صفحتين، هذا ما أكدته إيناس محيسن في ورقتها، ثم بينت أن أسباب إخفاقات حضور الصحافة الثقافية تعود إلى عوامل عديدة، من أبرزها تعدد الأطراف المسؤولة عن هذه الإخفاقات، فهناك المؤسسات الصحافية، وسياسة التحرير التي تتبعها، والمحرر المسؤول، وكذلك المؤسسات الثقافية والتربوية في المجتمع، والمثقفون أنفسهم والقراء.

وأضافت: يشير هذا الاضطراب، إلى عدم قدرة الصحافة الثقافية على القيام بالأهداف أو الوظائف التي يجب أن تقوم بها». وأرجعت هذا إلى عدة أسباب، منها: اعتماد الصفحات الثقافية على ما هو موجود على الساحة بالفعل، عوضاً عن السعي إلى صنع حالة ثقافية جدلية، نقص الحرفية والمهنية لدى بعض العاملين في المجال.

وعن أثر الفعاليات المقامة على عمل محرر الثقافة، قالت إيناس محيسن: «هناك تداخل في الفعاليات وعدم التنسيق بين المؤسسات الثقافية المختلفة في الإمارة الواحدة بالدولة، وأحياناً بين إدارات المؤسسة الواحدة، وهو ما يجعل المحرر الثقافي لا يمتلك الوقت للتعامل مع الحدث الثقافي بشكل يتيح تقديم تغطية نقدية رصينة».

ولفتت إيناس محيسن إلى أنه يقع على القائمين على المؤسسات الثقافية جزء من المسؤولية في ما يخص اضطراب حضور الصحافة الثقافية، فكثير من الأفكار أو التقارير الصحافية يموت قبل أن يخرج إلى حيز التنفيذ، نتيجة رفض بعض المسؤولين التعليق عليها. وبينت إيناس عقبها أن المحرر يجد نفسه، أحياناً، أمام حدث ضعيف المستوى، وهو ما يضعه في مأزق، فيحار بين أن يكتفي بالتغطية، التزاماً منه بمعايير الموضوعية والحيادية، أو أن يعنى بالإشارة إلى مستوى الحدث المتواضع، وأشارت إلى عارض طرأ أخيراً، وبات يتسبب في الاضطراب في العمل الصحافي عموماً. وخلصت محيسن إلى التأكيد على أن الصحافة الثقافية تعاني غياب التقدير من الخارج، ومن المؤسسات الصحافية نفسها.

مساحة مضطربة

حدد سلطان الحجار في ورقته مجموعة من السلبيات في الموضوع المطروح، أو كما وصفها بأمراض تصيب جسد الصحافة الثقافة، على مستوى الوطن العربي. وأضاف: «تبدى جلياً تراجع القراءة في المجتمعات العربية، والاعتماد في استقاء الأخبار على وسائل الإعلام المرئية.. الصحافة لم تعد تهتم بالتعمق وتنمية الفكر والوعي، وعدم التخصص في عالم الصحافة قاد إلى الأداء السيئ. وتابع الحجار: «تترك الملاحق والصفحات الثقافية مساحة للأقلام، كي تنشر ما في جعبتها من آراء وأصوات».

كما انتقد الحجار محرري الصفحات الثقافية، وقال: «إنهم لا يعيرون اهتماماً إلى تكوين خطاب فكري أو ثقافي أو أدبي، وللعلاقات التي قد تربط أصحاب النصوص بأصحاب المنابر. ورأى أنه انعكس ذلك ضعفاً أو هبوطاً وتردياً، وهذا يرجع إلى طبيعة الصحيفة التي تخاطب شريحة كبيرة من القراء. ولا تتوجه إلى النخب المثقفة. تميز

 

أوضح الشاعر حبيب الصايغ رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، في مداخلته خلال الأمسية، أهمية الموضوع المطروق. وأضاف: «نأمل أن تعقد ندوة، في هذا الشأن، يلتقي فيها جميع الأطراف، من المؤسسات الصحافية والمصادر المعنية والمحررين». كما أشار الصايغ إلى أهمية الأقسام الثقافية في الصحف الإماراتية، والتي خرجت رؤساء تحرير عديدين، مثل: ظاعن شاهين المدير التنفيذي لشؤون الصحافة في مؤسسة دبي للإعلام رئيس تحرير صحيفة «البيان»، عبد الحميد أحمد رئيس تحرير صحيفة «غولف نيوز»، مشيراً إلى أن الصفحات الثقافية أسهمت فعلياً في إثراء الواقع الثقافي في الدولة.